بين الفوضى الاجتماعية والحدث الأمني… الآتي أعظم!

هيام طوق
هيام طوق

يعتبر كثيرون أن المرحلة المقبلة سوداوية، والمعطيات الحالية لا تبشر بأن هناك حلحلة أو بوادر ايجابية خصوصاً على صعيد الاستحقاق الرئاسي بحيث أن الشغور يرخي بتداعياته السلبية على القطاعات كافة. وكل الكلام عن طبخة خارجية على طريق النضوج ستتبلور في الأشهر الأولى من السنة المقبلة، وتنتج رئيساً جديداً للبلد، مضخم ولا يستند الى وقائع ملموسة. أما المبادرات والتحركات واللقاءات التي تشهدها الساحة الداخلية فتبقى في اطار “حركة بلا بركة” في ظل تمسك كل طرف بموقفه ورأيه.

في هذا الوقت، تناشد جهات خارجية المسؤولين الاسراع في انتخاب رئيس للجمهورية لأن تداعيات الشغور خطيرة، كما أن العديد من التقارير الدولية تحذر من تفاقم الأزمة اللبنانية. في حين لا تخفي شخصيات سياسية وأمنية قلقها من عدم الاستقرار السياسي، والخلافات الكبيرة بين مختلف الأطراف التي تمنع انتخاب الرئيس ما يؤدي حكماً الى الذهاب نحو الاسوأ وصولاً الى انفجار اجتماعي يصعب على المتحكمين باللعبة الداخلية احتواءه أو تطويقه.

المواكبون للتطورات وللأحداث اليومية، يتفقون على أن الواقع لا يطمئن، والمعطيات لا تبشر بالانفراج القريب، والمستقبل غامض يتمنى الجميع أن يحمل أياماً أفضل خصوصاً مع انطلاقة السنة الجديدة، ما سيؤدي الى فوضى غير واضحة المعالم بحيث أن البعض يراها فوضى اجتماعية على خلفية الوضع الاقتصادي والمعيشي المتردي، وغلاء الأسعار غير المسبوق، لكن مع استبعاد أن تتحول الى حرب أهلية لأن الكل يعي خطورتها ولا يريدها، في حين يتخوف آخرون من حدث أمني كبير تصعب السيطرة عليه قد يذهب اللبنانيون على إثره الى تسوية خارجية، تؤدي الى انتخاب رئيس للجمهورية، وتخرجهم من الوضع المستجد.

في هذا الاطار، أشار النائب السابق علي درويش لموقع “لبنان الكبير” الى أن “هناك مراوحة في البلد، يبدو الخروج منها ليس سهلاً وحتى اللحظة ليس هناك من أفق واضح لكيفية الخروج الا بانتخاب رئيس للجمهورية. وهذا الاستحقاق لا يزال عالقاً في التوازنات الداخلية التي لم تنتج أي حل الى اليوم. الشغور يشرّع الأبواب أمام الرياح العاتية إن كان على المستوى الأمني أو الاقتصادي أو المعيشي، وله تداعيات خطيرة”، لافتاً الى أن “الداخل أصبح عاجزاً عن ايجاد الحلول خصوصاً في الاستحقاق الرئاسي ما يعني أننا سنبقى في محطة الانتظار الى حين نضوج مبادرة ما حتى الآن لم تنضج. ولسنا اليوم في أولويات أي دولة كما أن غالبية الدول توجه رسائل الى اللبنانيين بأنهم مقصرون بحق أنفسهم ولن تأتي المساعدة اذا لم يساعدوا أنفسهم. لذلك، لن يكون الحل الا باجتماع الأفرقاء، ويتم العمل على ذلك بعد الأعياد خصوصاً من الفعاليات الرئيسة في البلد”.

وأكد أنه “لا يمكن أن نلغي خيار رغبة البعض في تدخل خارجي أكبر على اعتبار أن دخول العامل الخارجي بقوة قد يحسن من شروط التفاوض الداخلي، هذا أمر وارد، لكن هناك حذر من تداعيات التدخل الخارجي بحيث أن بعض التدخلات عبر التاريخ كان ايجابياً وأتى لصالح البلد واستقراره، في حين أدى بعضها الى احتكاك داخلي بسبب الدخول في التوازنات الداخلية”، مشدداً على أن “المرحلة تتطلب الحذر والوعي والعمل لمصلحة البلد أولاً وأخيراً”.

وقال العميد جورج نادر: “لا شك في أن الشغور ينعكس أمنياً. الكباش بين السياسيين يلبس لباس الدستور والقانون لكنه في الواقع كباش سياسي وطائفي، ولأن السلطة ليس لديها ما تقدمه للناس، فتعمل على الوتر الطائفي والغرائزي بهدف الشعبوية. والخوف اليوم من أن يستغل السياسيون الفوضى الاجتماعية التي يمكن أن تحصل بفعل الجوع والقلة والفقر والبطالة، ويحولونها الى فوضى ذات منحى طائفي ومذهبي، وندخل في نفق لا نعرف كيفية الخروج منه. والخوف أيضاً من عدم قدرة الجيش والقوى المسلحة على القيام بواجباتها كما يجب لأن الاسلاك العسكرية والأمنية بدورها تعاني كثيراً من الأوضاع المعيشية، كما أن عناصرها لن يواجهوا أهلهم في الشارع الذين يجمعهم الجوع. لذلك، الاتكال على وعي الناس واستدراكهم لخطورة ما يمكن أن يخطط له الزعماء”.

ورأى أنه “لا يمكن أن نستبعد أي أمر اليوم حتى الحدث الأمني الكبير في ظل الشغور والفوضى، ورأينا مؤخراً بعض الحوادث الخطيرة. وجود السلاح المتفلت يؤدي الى مشكلات، لكن الحدث الأمني الكبير لا يمكن تنفيذه من الناس انما من جهات كبرى مستفيدة، وهنا علينا أن نرى ان كان لدى هذه الجهات مصلحة في ذلك حالياً الا اذا أرادت فرض رئيس للجمهورية كما تريد ووفق شروطها”.

وأوضحت الناشطة السياسية نوال معوشي أن “الحدث الأمني لا يمكن أن يأتي صدفة بل يكون مقصوداً من جهة قادرة على ذلك، ويمكن أن يحصل طالما هناك سلاح متفلت في البلد. أما بالنسبة الى الفوضى الاجتماعية، فنحن نتمنى أن يعي الناس ماذا يحصل، وماذا فعل بهم المسؤولون، ويلاحقوهم الى منازلهم لأنهم جوّعوهم وأهانوهم وأذلوهم، لكن لا أرى في الأفق مثل هذه الفوضى على خلفية الغلاء والفقر، وذلك مرتبط بفكرة الزعيم الذي يؤمن الحد الأدنى من مقومات الحياة لمؤيديه، ولو كانت هناك دولة تؤمن الحقوق للناس ليعيشوا بكرامة، لتحرروا من فكرة الالتحاق بالزعيم”.

شارك المقال