الانتخابات البلدية سالكة لوجستياً… غامضة سياسياً

هيام طوق
هيام طوق

أكد وزير الداخلية والبلديات في حكومة تصريف الأعمال بسام مولوي بعد لقائه البطريرك الماروني الكاردينال بشارة الراعي “حصول الانتخابات البلدية في أيار المقبل، والتحضيرات بدأت لها، ولا تأجيل بالنسبة الينا”.

وكانت الانتخابات البلدية والاختيارية قد تأجلت لمدة عام كامل، اذ أنه في الخامس من آذار 2022، قرر مجلس الوزراء التأجيل، وفي 30 منه، صادق مجلس النواب على مشروع القانون. وسبق هذا القرار، طلب وزير الداخلية والبلديات، التأجيل “لأسباب تقنية ولوجستية وللامكانات الضئيلة، ولكون الانتخابات النيابية والبلدية تقتربان في المدة الزمنية”، خصوصاً أنه كان هناك تشكيك بإجراء الانتخابات النيابية لعدم توافر الامكانات المالية حتى أن مخصصات الموظفين ورؤساء الأقلام، تأخر دفعها. ومرّ التأجيل بسلاسة لأن كل الأطراف كانت على بيّنة من ميزانية الدولة كما أرادت التفرغ للانتخابات النيابية التي كانت الأهم على مدى سنوات طويلة نتيجة الاشتباك السياسي الحاد. لكن على الرغم من ذلك، كان البعض يفضل التأجيل لفترة أقصاها 6 أشهر الا أن اقتراب الاستحقاق الرئاسي، وانشغال القوى السياسية به، جعل القرار الأفضل في التأجيل لسنة كاملة.

وفيما شهدت الأعوام الماضية، تأخيراً في سداد مستحقات البلديات بحيث أن الكثير منها افتقر الى الحد الأدنى من مقومات الاستمرار، كما أن البعض انحلّ الا أن التأجيل سمح لمجلس النواب بإعادة النظر في قانون البلديات، اذ تشكلت لجنة فرعية نيابية بعد مساعٍ لتعديل قانون الانتخابات البلدية، لكنها لم تنتهِ من العمل، وعلى الأرجح ستجري الانتخابات وفق القانون القديم خصوصاً أن المجلس النيابي لا يجتمع.

وفي هذا الاطار، أوضح رئيس لجنة الدفاع الوطني والداخلية والبلديات النائب جهاد الصمد “أننا نعيد النظر في كل مواد القانون الساري حالياً، ومنذ أكثر من 3 سنوات يعمل على القانون، وبتنا في المادة 70 منه، لكن لا يزال يتطلب المزيد من الوقت للانتهاء من دراسة كل بنوده. مع العلم أن هذا لا يعوق اجراء الانتخابات في موعدها اذ تتم وفق القانون الساري المفعول حالياً”، لافتاً الى أن “النقاط الأساسية في القانون الجديد تتطلب موافقة الكتل النيابية. على سبيل المثال إن كان يتم اعتماد القانون الأكثري أو النسبي أو انتخاب الرئيس ونائبه يكون مباشرة من الناخبين أو من الأعضاء، وولاية المجالس البلدية إن كانت ستبقى 6 سنوات أو تعدل، وعدد أعضاء المجالس البلدية. هناك أكثر من اقتراح قانون لم يبت به، ويتطلب هيئة عامة”.

وقال: “مجلس النواب يقرر إن كانت ستحصل الانتخابات البلدية في موعدها أو تتأجل بناء على اقتراح قانون من الحكومة، واليوم لا تجتمع الحكومة كما أن المجلس لا يجتمع. حتى لو سرّعنا وتيرة العمل في القانون الجديد، فإذا لم تعقد الهيئة العامة للتصويت عليه، لا يمكن تطبيقه في الانتخابات المقبلة”.

أما النائب بلال عبد الله فرأى أن “قرار اجراء الانتخابات من عدمه ليس عند وزير الداخلية بل عند السياسيين. وعلى الرغم من كل الصعوبات، يقول مولوي انه جاهز لاجراء الانتخابات البلدية لأنها استحقاق دستوري”، مشدداً على أن “الأولوية اليوم لانتخاب رئيس للجمهورية، وحكومة لديها خطة تعافٍ، لكن هذا لا يمنع الانماء خصوصاً أن البلديات تقوم بجهد استثنائي في المناطق. وبالتالي، يجب تغليب الطابع الانمائي على الانتخابات البلدية في ظل الضائقة الاقتصادية واهتراء مؤسسات الدولة”.

واعتبر الباحث في “الدولية للمعلومات” محمد شمس الدين أن “الظروف تتحكم بإجراء الانتخابات من عدمها. وفي القانون لا شيء يمنع تنظيمها لأن دعوة الهيئات الناخبة يتم بقرار من وزير الداخلية وليس بمرسوم. ويمكن أن يجتمع مجلس النواب ويخصص الاعتمادات اللازمة ما يعني أن ليس هناك من عوائق قانونية أو لوجستية تعوق اجراء الانتخابات حتى في الشغور. لكن المسألة لا تتعلق بالشؤون القانونية والادارية انما بالقرار السياسي، وليس واضحاً إن كان هذا القرار يتجه نحو الاجراء أو التأجيل لبضعة أشهر”.

أضاف: “حين يقول وزير الداخلية ان التحضيرات بدأت، ولا تأجيل بالنسبة الينا فهذا يعني أن لديه الامكانية، لكن القرار السياسي يتجاوز وزير الداخلية ليشمل كل القوى السياسية والأحزاب. وفي حال أقر المجلس النيابي قانوناً بتمديد الانتخابات أو تأجيلها، فوزير الداخلية يلتزم بذلك”. ولفت الى “أننا بدأنا نسمع أن القوى والأحزاب بدأت تستعد للانتخابات البلدية، وستسجل زخماً أكبر في السنة المقبلة، لكن علينا انتظار نهاية شهر شباط لنعرف الى أين ستتجه الأمور”.

ورأى أن “اجراء الانتخابات البلدية ضروري لأن هناك حوالي 28 بلدية استحدثت منذ العام 2016 الى اليوم، وهذه البلديات يديرها القائمقامون أو المحافظون كما هناك أكثر من 93 بلدية منحلة، وبالتالي، سنكون أمام فراغ كبير في العمل البلدي. يفترض أن تجري الانتخابات، لكن المسألة خاضعة لقرار سياسي غير واضح المعالم حالياً”، مشيراً الى أن “الانتخابات البلدية فيها منافسة عائلية ومحلية أكثر من الانتخابات النيابية”.

وأوضح أن “انشاء البلديات يتم بقرار من وزير الداخلية، وأنشئ الكثير منها في قرى ليست لديها امكانات ذاتية لتأمين مصاريف البلدية، والعائدات بالليرة اللبنانية أصبحت بلا قيمة. كل البلديات اليوم في حالة عجز، ودخلها لا يكفي لازالة النفايات ودفع معاشات الموظفين. العمل البلدي اليوم في حالة شلل وانهيار، والانتخابات ربما تأتي بوجوه جديدة، يمكنها القيام بمبادرات وبعمل تنموي يترافق مع حيوية جديدة”.

شارك المقال