السياسيون للـ2022: ما تنعادي… والأمل بالتعافي في 2023

هيام طوق
هيام طوق

طويت الصفحة الأخيرة من سنة 2022 بكل مساوئها وكوابيسها وأزماتها. سنة لا يرغب اللبنانيون حتى في استذكارها، ويريدون توديعها بفرح، والدعاء عليها كي “تذهب بلا رجعة” على الرغم من إدراكهم أن تداعيات مشكلاتها وأزماتها ستنعكس على السنة الجديدة التي يعتبر المحللون والخبراء والاقتصاديون أنها ستكون امتداداً للعام المشؤوم وربما ستكون أكثر وجعاً لأن السلطة ومن بيدهم القرار لم يحركوا ساكناً لوضع البلد على السكة الصحيحة، لا بل على العكس، فالاستنزاف مستمر بصورة تصاعدية في القطاعات كافة. وما حصل من ضياع وبلبلة في الأيام الأخيرة، كشف هشاشة الوضع، وسياسة الترقيع المعتمدة التي تعالج الأزمات الكبرى عبر أبر المورفين والمسكنات لفترة زمنية قصيرة قبل أن تعود وتتكرر. لكن على الرغم من كل شيء، يتمسك اللبنانيون بالأمل في سنة جديدة تحمل معها التغيير انطلاقاً من المثل القائل “ما أضيق العيش لولا فسحة الأمل”.

أمنيات ربما ستبقى في العقول والقلوب لأن الأزمات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والمالية والخدماتية، لا تزال في انتظار تخلي المسؤولين عن كيدياتهم وأنانياتهم واستخدام مواقعهم ومراكزهم لممارسة التعطيل في المؤسسات كافة، وتدمير آخر مداميك البلد، والقضاء على آخر نفس لأهله، غير آبهين بأنين الفقراء ووجعهم، وبمناشدات المجتمع الدولي والفاتيكاني، بضرورة الانقاذ قبل فوات الأوان، وأن على المسؤولين اللبنانيين المبادرة، واطلاق قطار الاصلاح لتلاقيهم البلدان الشقيقة والصديقة.

تشبث القوى السياسية بمواقفها، وتمترسها في متاريس مقابلة لبعضها أدى بها في كثير من المحطات الى المواجهة الكلامية، وتبادل أبشع الألفاظ والتهم وأعنفها، وما حصل من ردود وردود مضادة بين الرئيسين ميشال عون ونبيه وبري، وقبلهما بين الرئيس نجيب ميقاتي ورئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل، يدل على عمق الهوة بين الأطراف. وبالتالي، أصبح الاستحقاق الدستوري الأبرز أي انتخاب رئيس الجمهورية ثم تشكيل حكومة اصلاحية، في مهب الريح، والمجهول، والغموض حتى أن التدخل الخارجي الذي حكي الكثير عنه يبدو بدوره يسير ببطء شديد، وربما لن تظهر نتائجه في المدى القريب، وما أعلن عنه أكثر من مسؤول أوروبي في هذا الاطار خير دليل.

على أي حال، اختتمت السنة كما انطلقت من دون تسجيل أي خرق ايجابي، لكن كيف يقرأ المسؤولون سنة 2022 على الصعيد السياسي؟ وما هي الأمنيات لسنة 2023؟ وهل يمكن أن تحصل أعجوبة، ويتحقق البعض منها أقله انتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة أو أن الآمال كبيرة والحلول قليلة؟

أكد النائب محمد خواجة أن “سنة 2022 كانت متوترة سياسياً، وتضاعفت فيها خلافات القوى السياسية، وحملت المزيد من الانهيار على الصعد كافة خصوصاً المالية والاقتصادية. المشكلة في جوهرها سياسية. عدم انتخاب رئيس للجمهورية، مظهر من مظاهر الانهيار اذ أنه بعد شهرين على الشغور وثلاثة أشهر على بداية المرحلة الدستورية لانتخاب الرئيس، لم يتحقق الاستحقاق الدستوري، وهذا يدل على المستوى السياسي الصعب والمعقد. واذا لم تحل الأمور السياسية، فلا يمكن حل المشكلات الأخرى”، مشيراً الى أن “لدينا اليوم مشكلة بنيوية في الحياة السياسية وهي الحالة الطائفية السائدة. من دون تحديث نظامنا السياسي لا يمكن أن نتعافى. أزمتنا الأساسية سياسية، ولبها هو الحالة الطائفية الموجودة. الحل في الذهاب نحو دولة المواطنة الحقيقية لكي نتعافى والا يكون التعافي جزئياً نتيجة ظروف مريحة اقليمية ودولية تنعكس ايجاباً على لبنان”.

ورأى أنه “حين تصفو النوايا، وتوضع المصلحة الوطنية في مقدمة المصالح الأخرى، ينتخب الرئيس. الانسداد موجود نتيجة اصرار بعض الأفرقاء على الاستمرار في النهج نفسه، ولا يريد الحوار في ظل عدم امكان أي طرف إيصال شخصية الى سدة الرئاسة”.

ولسنة 2022، قال: “تنذكري وما تنعادي. ولسنة 2023، نأمل أن تكون أقل وجعاً، وبداية سلوك طريق التعافي، للخروج من الأزمات الاستعصائية التي نعيشها، وبداية الانفراج، لكن هذا يتطلب الكثير من الجهد والنيات الطيبة. نحن جاهزون لأي مسار تلاقٍ بين اللبنانيين خصوصاً في الملف الرئاسي”.

واعتبرت النائب غادة أيوب أن “سنة 2022 تجسد العهد الذي امتد على 6 سنوات، وتدل على انهيار المؤسسات ومفهوم الدولة، وسيطرة منظومة الفساد والدويلة على كل مفاصل السلطة. وهذا يعطينا اشارة الى أنه اذا استمرينا في سياسة التعطيل تحت التهديد اما يأتي رئيس الجمهورية من 8 آذار أو المزيد من الانهيار والتدهور. يجب أن يكون هناك نوع من مقاومة حقيقية سلمية، سياسية، والوقوف في وجه هذا النهج التعطيلي. ولا يجوز الاستسلام والخضوع أو أن نكون أداة لتغيير هوية لبنان ومبادئ الدولة.”

ولفتت الى أن “الاستحقاق الرئاسي واجب دستوري، وعلى كل نائب أن يقوم بدوره في الانتخاب، وتفعيل المؤسسات الدستورية وانتاج سلطة جديدة تستطيع انقاذ الأوضاع السياسية والمالية والاقتصادية. اليوم انتخاب الرئيس لا يتم بالتمنيات انما بالالتزام وبالعودة الى الضمير بأن نتحمل مسؤولياتنا وننتخب رئيساً انقاذياً لأننا نحن من يتحمل مسؤولية الشغور وليس المجتمع الدولي الحاضر لمساعدة لبنان لكن علينا نحن أن نساعد أنفسنا”، متسائلة: “ماذا ينفع الرئيس في بلد فقد كل أبنائه؟”.

وتمنت “أن تكون ليلة الاحتفال بالسنة الجديدة، الطريق للعبور من الدويلة الى الدولة. انها فرصة ولا يجوز اضاعتها. يجب أن نتعلم من دروس سنة 2022 كي نحقق تقدماً في سنة 2023. علينا تغيير الصورة التي رافقتنا على مدى 6 سنوات لأن تاريخنا سيبقى لصيقاً بنا، ولنعطي الأمل للشباب أن طريق الخلاص قريب، ولتترافق ولادة لبنان الجديد مع ولادة الطفل يسوع”.

ورأى النائب عماد الحوت أن “سنة 2022 تمثل الفشل الرئاسي بامتياز، والانهيار الاقتصادي بامتياز نتيجة سوء ادارة الأزمة”، معتبراً أن “الملف الاقليمي الدولي مؤات في هذه المرحلة لايجاد الحلول للأزمة اللبنانية، يبقى من واجب القوى السياسية خصوصاً الممثلة في البرلمان أن تنتهز الفرصة باتجاه انجاز انتخاب رئيس للجمهورية يكون منطلقاً لاعادة التوازنات المالية في البلد”.

وأشار الى أن “هناك انسداداً في الداخل خصوصاً أن القوى لا تتواصل مع بعضها البعض، لكن المؤشر الخارجي له وزنه على الساحة الداخلية، وفي الاستحقاق الرئاسي، وهو مناسب لأن هناك حالة انهاك على المستوى الدولي نتيجة الحرب الروسية – الأوكرانية، وبالتالي، الجميع بحاجة الى التهدئة كما هناك حاجة الى غاز المتوسط أوروبياً ما يعني تأمين الاستقرار كما هناك نوع من تعب ايراني نتيجة الحصار المالي، وهذا يدفع الى الاسراع في الاتفاق النووي. كل هذه المؤشرات تدل على تسهيلات في انتخاب الرئيس، ويبقى على القوى السياسية أن تخرج من أنانيتها، وتستفيد من هذا المناخ”.

وتمنى “أن يسير لبنان في مسار بناء المؤسسات والدولة لنستطيع اخراج المواطن من واقعه نتيجة سوء الادارة. ونقول لسنة 2022: تنذكري وما تنعادي، اما سنة 2023، ففيها الكثير من الفرص الواعدة، نأمل أن نحسن استثمارها”.

شارك المقال