إنها دولتكم يا سيد

الراجح
الراجح

التاريخ الإنساني، على نحو أو آخر، هو حكاية “فرص ضائعة”… فرص كانت سانحة لصنع المستقبل الأفضل لكثير من البلدان ولكثير من الشعوب بالمعنى الأشمل والأوسع، لكن سلطان المصالح تخلى عنها، ونزعات السيطرة استولت عليها، وكانت النتيجة أن أصبح التاريخ الإنساني برمته صراعات طويلة ومستمرة، وأحياناً كثيرة دامية ومنهكة، تحوّل الحياة البشرية إلى صراع بقاء فيصبح ذلك هو القانون وغيره استثناء لا يعوّل عليه. بالرغم من ذلك كله فللشعوب الحق في أن تحلم بمستقبل أفضل وتعمل بالجهد المطلوب لتحقيقه لأن الأحلام تختلف عن الأوهام. فالأحلام لها قوة “حضور” في حين أن الأوهام حالة غياب وقد تصل إلى الغيبوبة، قوة حضور الأحلام في أنها تظل دائماً مؤشراً إلى الطريق للمستقبل.

الصراعات الكبرى حاولت أن تغطي حقيقة مقاصدها بمبادئ سامية ونبيلة، فمثلاً الحروب الصليبية لم تكن من أجل السيطرة على طرق تجارة الشرق وإنما دفاعاً عن مهد المسيح وصليبه.

والحروب العالمية الأولى والثانية لم تكن لاقتسام المستعمرات والأسواق، وإنما لنصرة الحرية والديمقراطية. هذه الأكاذيب تمنح المبادئ مسحة من الشرعية وهذا ما ينطبق على مواقف “حزب الله” ورسائل نصرالله ولندخل مباشرةً إلى خطابه الأخير…

قال السيد، بل بالأحرى قدم عرضاً جديداً ومكرراً للتعاون بين الدولتين اللبنانية والإيرانية لحل أزمة المحروقات وإنهاء طوابير الذل أمام المحطات… وماذا عن طوابير الذل أمام محطات الوقود في إيران وفي طهران بالتحديد؟ وماذا عن طوابير الذل في سوريا أمام كل شيء حياتي من مواد غذائية إلى الغاز إلى البنزين والمازوت بالرغم من إشراف حزبه على تهريبها إليها؟

“اقتراح: فليذهب حزب الله إلى إيران وليأتِ بالبنزين والمازوت إلى سوريا وليعمل بعدها لتهريبه إلى لبنان لتوفير الصدام مع الدولة اللبنانية… هذا أفضل من الصراع مع الذات”… عن أية دولة تتحدث يا سيد؟ إنها دولتكم وحكومتكم ورئاستكم للجمهورية ولن نعيد ما “تحقق” والأصح ما تسبب ذلك من مآسٍ وعلى كل الصعد الاجتماعية والاقتصادية والسياسية واللائحة تطول.

تطرق نصرالله إلى أن البعض يسوّق لموضوع تأجيل الانتخابات النيابية فقال: “حزب الله لم يخطر بباله أصلاً تأجيل الانتخابات النيابية ولم نناقش ذلك مع حلفائنا”، ما أروع عبارة حلفائنا… وأكمَل: “يجب أن تجرى الانتخابات النيابية في موعدها مهما كانت الظروف”. وأنهى في هذا المجال بأن الذين يدعون إلى انتخابات نيابية مبكرة حساباتهم حزبية وفئوية، ولا علاقة لها بوطن وشعب”…

وماذا يا سيد غير حساباتكم الفئوية والحزبية ما أوصلنا إلى ما نحن عليه من دمار لكل أشكال الحياة… يا سيد لا تهدد الدولة في حال وقوفها لمنعكم، لأنها دولتكم وحكومتكم ورئاستكم ولا علاقة لجميعها بوطن وشعب.

شارك المقال
ترك تعليق

اترك تعليقاً