ما دور “الفرقة الرابعة” السورية بالإتجار باللاجئين في لبنان؟

إسراء ديب
إسراء ديب

كما جرت العادة، يُثير ملف اللاجئين السوريين في لبنان جدلاً واسعاً يطرح تساؤلات عديدة عن مصير الآلاف منهم الذين هرب معظمهم من النظام السوري والحرب الفتاكة التي ضربت بلادهم منذ العام 2011 ولا تزال مستمرّة حتّى يومنا هذا بلا توقف، ولم تُثمر الأجندات السياسية والاتفاقات المختلفة في الحدّ من تداعياتها التي أعاقت عودتهم إلى بلادهم حتّى إلى المناطق الآمنة فيها، نظراً الى الشبهات الرسمية التي قد تودي بحياة الكثيرين منهم، مما دفعهم إلى الهجرة غير الشرعية التي لجأوا إليها من لبنان لا سيما من الشمال للهروب إلى الدول الأوروبية، ليُسجّل بعضها نهاية مأساوية كان آخرها حادثة غرق المركب قبالة سواحل سلعاتا والتي أدّت إلى مقتل شخصين وإنقاذ 232 شخصاً قبل وصولهم إلى وجهتهم المقصودة ألمانيا.

197 لاجئاً سورياً (بين رجال ونساء وأطفال) كانوا على متن المركب الذي أعاد قضية الهجرة غير الشرعية إلى الواجهة من جديد. وبعد إعادة الركّاب إلى مرفأ طرابلس، وقع السوريون في أزمة كبيرة فتحت ملفاً قيل انّه “يرتبط بتجارة استغلالية، ابتزازية تُشبه إلى حدّ كبير الاتجار بالأرواح والعبودية” وفق ما قال لـ “لبنان الكبير” عدد من السوريين الذين لم يُفصحوا عن أسمائهم الحقيقية خوفاً من الملاحقة الأمنية.

ابتزاز وفساد

وفي التفاصيل التي يتحدّث عنها شقيق أحد اللاجئين لـ “لبنان الكبير”، فإنّه وبعد عودة الركاب إلى مرفأ المدينة، اتُخذ قرار قانوني بترحيل عدد من اللاجئين “وذلك نتيجة هجرتهم غير الشرعية، فقام الجيش اللبناني بنقلهم إلى وادي خالد ومعهم شقيقي الذي دفع 6000 دولار لهذه الرحلة، وكنت أودّ السفر معه لكنّني لم أتمكّن من تأمين المبلغ كاملاً، لكن عند الحدود اللبنانية – السورية تمّ تسليمهم الى الفرقة الرابعة التي يقودها ماهر الاسد والتي قرّر بعض عناصرها أو ضباطها بيع السوريين المسجّلين أساساً ضمن الأمم المتحدة من دون استثناء، وإلّا يُسلَّموا إلى السلطات السورية بلا عودة بالتأكيد”.

وإذْ اعتبر أنّ ما تعرّض له اللاجئون كان “جريمة بحقّ الإنسانية”، لفت إلى وجود تقصير من المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين التي لم تسأل عن هذه الحالات الانسانية، موضحاً أنه “عند الفرقة الرابعة التي يقودها ماهر الاسد، كان لا بدّ للسوريين من دفع 200 دولار على الرأس الواحد أولاً لهم، ليتمّ بيعهم بـ 100 دولار إلى المهرّب الذي يقوم فيما بعد ببيع اللاجئ الواحد أيضاً بـ 100 أو 200 دولار، وباختصار إنّ عملية تحريرنا أو تحرير شقيقي كلّفت 600 دولار، في حين طلب المهرّبون لتحرير زوجة المطلوب ع.ر.ح. الملقب بأبو رامي وهو صاحب المركب مبلغ 1000 دولار، ثم خفضت التكلفة إلى 800 دولار”.

وشدّد على وجود تواصل بين الفرقة الرابعة التي يقودها ماهر الاسد وأكبر المهرّبين في وادي خالد ويُلقّب بـ أ.ج. الذي قرّر استلام هذا العدد لبيعهم جميعاً، “واتضح أنّ الفرقة الرابعة تتعامل مع هذا الرجل المدعوم من قوى سياسية لبنانية ممانعة وهو مطلوب، لكن الجيش اللبناني نفى ترحيل من كانوا على متن القارب إلى سوريا”.

أضاف: “لقد حاصروا جميع الركاب في بيت بلاستيكي، وبات تحريرهم من قبضة المهرّب الأكبر يتوقف على تدخل من المهرّبين الذين تواصل معهم الأهالي، والتدخل هذا يكون عبر المال من جهة ووجود مهرّب من جهة ثانية، وتدخل أحد المهرّبين قبل دخول أ.ج على الخطّ، وسأل اللاجئين الناجين من الموت عبر البحر، عمّا إذا كانوا يُريدون البقاء في لبنان أو دفع 200 دولار، وسُجّلت أسماؤهم ليتسلم فيما بعد المهرّب الأكبر عملية البيع والشراء”.

ووفق معطيات “لبنان الكبير” فإنّ هؤلاء السوريين معظمهم من إدلب المعروفة بمناهضتها للنظام السوري، فيما بعضهم من الشام، حمص وغيرها من المحافظات السورية.

ومع غياب بيان توضيحي من الجيش ينفي أو يُؤكّد عملية الترحيل (التي كانت ولا تزال “الكارت” الذي يُهدّد عدداً كبيراً من اللاجئين في لبنان لا سيما وأنّها ليست المرّة الأولى التي يتمّ فيها استغلال قضيتهم، وكان آخر كارت أطلق بيدّ رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي منذ أشهر بعد تهديده بترحيلهم أيضاً)، قام أحد اللاجئين بتصوير شاحنات تابعة للجيش اللبناني في وادي خالد يُقال إنّها سلّمت اللاجئين الى الفرقة الرابعة التي يقودها ماهر الاسد، نافياً أيّ رواية أمنية قد تُخالف هذا المقطع، بالاشارة إلى رواية متداولة وتتحدّث عن تسليم اللاجئين الى الأمن العام في وادي خالد، وقال: “إذا كنا قد سُلّمنا إلى الأمن العام، فلمَ لم نتسلم أبناءنا من الأمن العام، ولمَ دفعنا هذه المبالغ لتحرير رؤوس اللاجئين؟”.

وبانتظار الردّ الرسمي، أكد مدير “مركز حقوق السجين” في نقابة المحامين في طرابلس والمدافع عن حقوق الانسان المحامي محمد صبلوح، أنّ قيادة الجيش قطعاً لا علاقة لها بهذه الحادثة، لكنّ لا بدّ من إجراء تحقيق عاجل بهذه القضية وإعلانها للرأي العام، “فأولاً، الجيش لا يتعامل مع قوى غير رسمية كعناصر من الفرقة الرابعة وغيرها، وثانياً انّ بعض ضباط أو عناصر من الجيش هم من خالفوا القانون وشاركوا في عملية فساد كبيرة مخالفة للشرعية القانونية كما للإنسانية، وعليه لا بدّ من معرفة الفاعلين والتحقيق معهم سريعاً وعلى قائد الجيش أن يُبرئ ذمّة الجيش من هذا العمل اللاانساني”.

شارك المقال