كندا: الثمن الباهظ للإسلاموفوبيا ومسؤولية الإعلام

حسناء بو حرفوش

نشر موقع “ميدل إيست أي” (middleeasteye) مقالاً حذر فيه من “شيطنة المسلمين” في الغرب ومن دور بعض وسائل الإعلام في تزكية خطاب الكراهية في كندا، واعتبر أن هناك الكثير لاكتشافه و”إعادة تعليمه” حول الإسلام، في ظل التفاعل المستمر حول مقتل أربعة أفراد من عائلة مسلمة دهساً وإصابة طفل بجروح في حادث وصف بـ”المتعمد وبدافع الكراهية”. وفي ما يأتي ترجمة لأهم ما ورد في المقال الموقع باسم الكاتب والمحامي وأستاذ الحقوق بجامعة باري بولاية فلوريدا وبجامعة يورك في مدينة تورنتو.

“ليست شيطنة المسلمين بجديدة في السياسة الغربية والثقافة الشعبية، بل تعود إلى الحروب الصليبية والإرث الاستعماري وما بعد الحرب الباردة، لكنها وصلت الآن إلى ذروتها. ويتجذر هذا التعصب في أميركا الشمالية وفي ثقافة الخوف التي استغلها كثيرون في السلطة على مدى عقود، ولكنه برز بقوة أكبر بعد أحداث 11 أيلول 2001، كجزء من “الحرب على الإرهاب” (…) بدعم من شبكات ممولة من تجار الكراهية المحترفين. وفي كندا، تعرض أحد المتطوعين خارج مسجد بتورنتو للذبح العام الماضي على يد رجل يشتبه بارتباطه بجماعات من العنصريين البيض. وقبل ثلاث سنوات، اقتحم إرهابي مسجداً في كيبيك وقتل المصلين بالرصاص، ما أسفر عن مقتل ستة أشخاص وإصابة 19 آخرين بجروح خطيرة. فكيف يمكن أن يحدث ذلك في بلد يتغنى بقيم التسامح وتعدد الثقافات؟

يبدو أن بعض الكنديين يغفلون الكثير ويحتاجون لأن يتعلموا الكثير من جديد عن الإسلام (…) وفي الواقع، لا يستيقظ القتلة في صباح جميل ويقررون ببساطة أنهم سيقتلون المسلمين. لقد زرعت ببال هؤلاء قبل وقت طويل من ارتكابهم جرائمهم الشنيعة ضد الأبرياء، أفكار بغيضة، أكثر خطورة من الرصاص أو الأسلحة. ويتحمل بعض السياسيين ووسائل إعلام معينة المسؤولية بشكل أساسي عن تزكية هذا التطرف. ولسوء الحظ، لا تنحصر التصورات السلبية حول الإسلام والمسلمين بهؤلاء القتلة وحدهم (…) فبحسب تقرير رفع للأمم المتحدة، تبلغ نسبة الذين يعبرون عن هذا التصور 46٪ من الكنديين (…) ويعتقد أكثر من نصف سكان أونتاريو أن المذاهب الإسلامية الرئيسية هي مذاهب تشجع على العنف.

علاوة على ذلك، يشير التقرير الذي رفعته منظمات عدة إلى أن 50٪ من الكنديين يشعرون بعدم القدرة على الوثوق بالمسلمين إلا “قليلاً” أو حتى “على الإطلاق” ويلقي 42٪ باللوم على المسلمين أنفسهم “بشكل رئيسي” في ما يتعلق بمعاناتهم من التمييز، بينما يؤيد 47٪ منع الحجاب في الأماكن العامة، و51٪ الرقابة الحكومية على المساجد. ويجزم 55٪ أن مشكلة الإسلاموفوبيا “مبالغ فيها” من قبل السياسيين ووسائل الإعلام. وبالمقارنة، استشهدت الأمم المتحدة في وقت سابق من هذا العام بدراسات تظهر أن 37٪ من الأوروبيين و 30٪ من الأميركيين يمتلكون نفس التصور السلبي عن المسلمين.

الكارهون والحرب على الإرهاب

ويتحمل بعض السياسيين ووسائل إعلام كندية المسؤولية بشكل أساسي حول المعلومات التي تشكلت لدى الكنديين عن الإسلام والمسلمين في العقود الأخيرة. تلك هي عواقب الكلمات والأفعال والصمت. ووصل القلق بشأن “الحرب على الإرهاب”، التي انطلقت مع الليبراليين، ذروته في عهد رئيس الوزراء السابق ستيفن هاربر، بما في ذلك الخطاب ضد النقاب ووقف تدفق اللاجئين السوريين، والدعوات لحظر الممارسات الثقافية “الهمجية”، التي تعالت خلال الحملات الانتخابية. وتبنى الكثيرون على مر السنين هذا الذعر الأخلاقي (…) ولطالما اعتمد الكارهون على الدمج والتضليل وإخفاء الحقائق.

كلام زائف

(…) وفي كيبيك تاريخ سلبي طويل في ما يتعلق بتأجيج الإسلاموفوبيا. على مدى العقد الماضي، أثار الحزب الكيبيكي (Parti Québécois ) مراراً وتكراراً المخاوف من خلال اقتراح “ميثاق قيم” كيبيك الذي يستهدف المسلمين في المقام الأول. وعدا عن استهداف النساء المسلمات، حظر الليبراليون في كيبيك ارتداء النقاب الذي يغطي الوجه في العام 2017. كما صاغ تحالف “أفينير كيبيك” (CAQ) مشروع القانون رقم 21 في العام 2019، الذي يحظر على بعض موظفي الخدمة المدنية، وخصوصاً الأساتذة والمهنيين القانونيين والشرطة، ارتداء الرموز الدينية في العمل. وساعدت مدينة أونتاريو على تطبيع الإسلاموفوبيا في العام 2005، من خلال “حظر” رئيس الوزراء الليبرالي دالتون ماكجينتي للتحكيم على أساس الدين، خلافاً لتوصيات المدعي العام السابق ماريون بويد ، الذي عينته حكومة ماكجينتي لدراسة الأمر (…) وتلعب وسائل الإعلام، التي تركز بشكل غير متكافئ على المعلومات السلبية حول الإسلام والمسلمين، دوراً في نشر الخطاب الكاذب. وخير مثال على ذلك، قيام مراسلة “سي بي سي” بنشر تغريدة في العام 2018، بعد ساعات قليلة تلت هجوم دهس في تورنتو قتل فيه شخص غير مسلم عشرات الأشخاص، قالت فيها أن “الشهود الذين رأوا الشاحنة تدهس المارة أخبروا قناة تورنتو التلفزيونية المحلية أن السائق يتمتع بملامح شرق أوسطية غاضبة وبعينين واسعتين”. وعلى الرغم من أنها عادت ومسحت التغريدة، إلا أن الضرر كان قد حدث بالفعل لأن العديد من “الصحافيين” انتهزوا الفرصة وأعادوا نشر هذه المعلومات لإيصالها لمتابعيهم المعادين للإسلام. عندما تصبح الإسلاموفوبيا شكلاً مقبولاً من أشكال التعصب، كما يحدث في بعض الأوساط، فلا عجب بأن تترجم بالتمييز وحتى بالعنف. لقد حان الوقت للحكومة ولمسؤولي إنفاذ القانون والأمن القومي لاتخاذ خطوات ملموسة للتخلص مما يعتقدون أنهم يعرفونه عن المسلمين، وبذل جهد على سبيل المثال، لإعادة التعلم من أجل تقاسم معرفتهم الجديدة مع شركائهم في الوطن”.

كلمات البحث
شارك المقال
ترك تعليق

اترك تعليقاً