ساعة القيامة… تبقّى 90 ثانية!

حسين زياد منصور

منذ أيام والعالم مشغول بإعلان مجلس العلوم والأمن في مدينة شيكاغو الأميركية، التابع لـ “نشرة علماء الذرة”، عن تحديث “ساعة يوم القيامة”، هذه الساعة المصممة للتنبؤ بمدى قرب البشرية من الابادة المروعة.

وأعلن العلماء الحاصلون على جائزة نوبل الذين يديرون “ساعة القيامة”، أن التوقيت أصبح منتصف الليل الا تسعين ثانية، وهو أقرب من أي وقت مضى إلى خطر الابادة.

وتم تقريب التوقيت عشر ثوان عما كان عليه في كانون الثاني من العام 2021، حيث كانت عقارب الساعة 100 ثانية قبل منتصف الليل، وتعد أقرب نقطة منذ انشاء الساعة عام 1945.

ويدل ذلك على أن هذا التوقيت هو الأقرب الى الكارثة النووية، والذي تم رصده عام 1953 في ذروة الحرب الباردة، وكانت المسافة حينها دقيقتين.

تصميم الساعة

بعد عامين من تأسيس “نشرة علماء الذرة”، التي ظهرت بعد 4 أشهر من إلقاء القنبلة الذرية على هيروشيما وناغازاكي، ومن أجل إشراك أكبر عدد ممكن من القراء، قررت النشرة التحول من رسالة إخبارية مطبوعة إلى الصدور في شكل مجلة، حينها طلب المؤسسون من فنانة المناظر الطبيعية مارتيل لانغسدورف، تصميم رمز لغلاف المجلة الجديدة، فصممت أول ساعة ليوم القيامة.

ومن أجل لفت الانتباه الى مدى إلحاح التهديد الذي تواجهه البشرية ابتكرت لانغسدورف هذه الساعة، ورسالتها كانت من خلال عقاربها التي قد تتقدم الى الأمام أو تتراجع الى الخلف، وكانت ترى أن المواطنين لهم دور ومسؤولون عن منع وقوع الكوارث. وبعض العلماء في “نشرة علماء الذرة”، شارك في برنامج صنع القنبلة النووية.

مع بداية الحرب الباردة عام 1947، كشف عن الساعة للمرة الأولى مجلس العلوم والأمن التابع لـ “نشرة علماء الذرة”، ويضم 11 عالماً من الحائزين على جائزة نوبل، وعلماء في الطاقة النووية والفيزياء والبيئة من جميع أنحاء العالم، واجتماعهم يكون لاتخاذ قرار بشأن تحريك عقارب الساعة من عدمه، وضبطت حينها عند سبع دقائق قبل منتصف الليل.

ومنذ ذلك الوقت، يقوم أعضاء هذا المجلس بتعديل الوقت وفقاً للأحداث التي جرت خلال العام السابق، ويكون ذلك بالاعتماد على قاعدة بيانات تضم أكثر من 100 تنبؤ لتقويم المخاطر.

وعلى مدى السنوات، طورت “النشرة” أداءها وهيكلتها حتى أصبحت منظمة دولية ذات منفعة عامة لا تهدف إلى الربح، تحارب انتشار السلاح النووي، وتدعو إلى تجريمه، وتحرص على كشف وتحليل كل ما يهم انتشار السلاح النووي من مفاوضات ومعاهدات ومناقشات وسياسات.

في آخر تحديث للساعة، أشارت “النشرة” الى أنها ستأخذ في الاعتبار التغيرات الجديدة التي طرأت على العالم، مثل التغير المناخي أي أزمة المناخ المستمرة، وانتشار الأسلحة النووية والتهديدات البيولوجية الى جانب حملات التضليل والتخريب، وما جرى في العام الماضي أي الحرب الروسية – الأوكرانية، التي أحيت المخاوف من اندلاع حرب نووية، اذ قال العلماء ان هذه الحرب كانت سبباً مهماً في تحريك عقارب الساعة الى الأمام.

تحريك العقارب

تغير توقيت الساعة 21 مرة منذ انشائها، ففي العام 1949، تحركت عقارب الساعة من 7 الى 3 دقائق قبل منتصف الليل، إثر اختبارات لأسلحته النووية أجراها الاتحاد السوفياتي للمرة الأولى.

وفي العام 1953، تحركت إلى ما قبل منتصف الليل بدقيقتين، وذلك بعد تفجير الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي أول أسلحة نووية حرارية ضمن برنامج القنبلة الهيدروجينية، وكان أقرب توقيت في القرن العشرين، وأسوأ توقيت.

في العام 1991، أرجعت عقارب الساعة إلى 17 دقيقة قبل منتصف الليل، وذلك بعد توقيع الاتحاد السوفياتي والولايات المتحدة اتفاق تقليص الأسلحة الاستراتيجية.

اما منذ العام 2005، فعقارب الساعة تتقدم إلى الأمام سنة بعد سنة بسبب تدهور الأوضاع المناخية.

في العام 2016، وضعت “النشرة” العقارب عند ثلاث دقائق قبل منتصف الليل.

وفي العام 2017، وبعد وصول دونالد ترامب الى البيت الأبيض، قرر العلماء تحريك عقارب الساعة نصف دقيقة، واعتبر ذلك وقتها بسبب عدم أخذ المسؤولين الدوليين التهديد النووي بجدية وفشلهم في اتخاذ قرارات سريعة وناجزة لمواجهة التغيرات المناخية.

وتعد 17 دقيقة قبل منتصف الليل، أبعد مسافة ضُبطت بعد نهاية الحرب الباردة في العام 1991.

شارك المقال