الزلزال غطى على هزات السياسة… 80% من المباني آيلة للسقوط

محمد شمس الدين

توقع اللبنانيون أن يبدأ أسبوعهم بهزات سياسية وقضائية، ولكن حصل ما لم يكن في الحسبان، زلزال مدمر ضرب تركيا فجر الاثنين وتسبب بهزات ارتدادية طاولت الدول المحيطة، أولها سوريا التي تهدم فيها العديد من المنازل وسقط مئات الضحايا. أما في لبنان فقد استيقظ المواطنون على اهتزاز منازلهم وهرعوا إلى الطرقات على الرغم من العاصفة الشديدة، خوفاً من أن تسقط الأبنية بهم وبعائلاتهم.

الزلزال غطى على كل ما يمكن أن يحصل من الهزات السياسية المفترضة، فقد مرت جلسة الحكومة بسلاسة ولم تتسبب بضجيج كالعادة، ولم يخرج أي فريق ليزيد الانقسام بين اللبنانيين والمناداة بالدور الطائفي.

وكما أثرت في السياسة يبدو أن الهزة أثرت في القضاء أيضاً، فقد قرّر المحقق العدلي في قضية انفجار مرفأ بيروت القاضي طارق البيطار تأجيل مواعيد الجلسات “حفاظاً على سلامة التحقيق”، كما قال، عازياً السبب الى القرارات الأخيرة الصادرة عن النائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات.

وفي هذا السياق، رأت مصادر مطلعة أنه “يمكن فهم ما قام به القاضي البيطار، بأنه تراجع خطوة إلى الوراء، ولا يمكن استبعاد دور رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي سهيل عبود بأن له يداً في هذه الخطوة، وذلك إلى حين حل الخلاف القضائي، أو قد يكون البيطار أصبح على يقين بأنه لا يستطيع مواجهة القاضي عويدات، الذي يمتلك فعلياً الصلاحية الحقيقية في توجيه الضابطة العدلية، الأمر الذي لا يملكه البيطار، لذلك قد يكون الأخير تراجع كي يفسح المجال في إيجاد مخرج ما للخلاف الحاصل.”

واعتبرت المصادر أن “من غير المتوقع أن تكون هناك حلحلة للأزمة القضائية قريباً، فالتدخلات السياسية الداخلية والخارجية تنخر الجسم القضائي، ولم يعد القضاء يعمل وفقاً للأصول القانونية فعلياً، بل طغت عليه السياسة، ولهذا يمكن القول على التحقيق بانفجار المرفأ السلام.”

على الرغم من أن الزلزال طغى على الخلافات السياسية والقضائية إلا أنه تسبب بهاجس لدى اللبنانيين، فتركيا دولة كاملة المواصفات فعلياً وعانت مع زلزال بهذه القوة، فماذا عن لبنان الذي يعيش شللاً في كل مؤسساته؟

تذكر اللبنانيون الطفلة ماغي حمود، التي قتلت بسبب انهيار سقف إحدى الغرف داخل “مدرسة الأميركان الرسمية المختلطة” في منطقة جبل محسن في طرابلس، وعادت بهم الذاكرة إلى انفجار مرفأ بيروت في آب 2020، والدراسة التي أجرتها نقابة المهندسين وقتها، وتبين وجود 400 مبنى في محيط المرفأ، تستوجب معالجة أوضاعها، كونها تهدد السلامة العامة، وكذلك عادت ذاكرة اللبنانيين إلى أكثر من 10 سنوات، عندما سقطت 26 ضحية بانهيار مبنى فسوح في منطقة الأشرفية.

التحذيرات حول سلامة المباني اللبنانية قديمة، الأمر الذي لطالما نبّه عليه رئيس اتحاد المهندسين اللبنانيين جاد تابت، الذي يخشى حصول كارثة وطنية في حال حصول زلزال يتخطى الـ 6 درجات على مقياس ريختر، فـ 80% من المباني اللبنانية مهددة بالسقوط وفق ما صرح سابقاً رئيس جمعية سلامة المباني المهندس يوسف عزام.

وتجدر الاشارة الى أنه في العام 2012 بعد كارثة مبنى فسوح قدم البنك الدولي هبة بقيمة مليون دولار، ووضع مخططاً توجيهياً لجعل مدينة بيروت مقاومة للزلازل والكوارث الطبيعية، ولكن حتى اليوم لم تقم الجهات المختصة بما هو مطلوب من أجل تنفيذ هذا المخطط.

الزلزال سيطغى على المشهد بضعة أيام تعود بعدها الهزات السياسية لتشغل الرأي العام اللبناني، ويعود كل فريق إلى متراسه لتعود الدوامة من جديد. ويتخوف اللبنانيون من سيناريو مرعب في حال حصول كارثة كالتي ضربت تركيا، فقد يعيشون على أطلال بلدهم، تحديداً في ظل الانقسام الذي يشتد يوماً بعد يوم، وفشل السلطة بكل مكوناتها في الاتفاق على الملفات المهمة، وقد تجد من يستغل الكارثة لينفذ أجندات سياسية، كما يحصل في كل منعطف يمر به البلد، الذي قد يعيش فعلاً مشهداً من أحد أفلام هوليوود عن نهاية العالم، بحيث يتقاتل الزعماء الناجون على السلطة، ويكون الشعب وقود معاركهم.

شارك المقال