“ما حدا أكبر من بلدو”

عصام صالح
عصام صالح

عبارة سمعناها من الرئيس الشهيد رفيق الحريري، لكننا أدركنا معناها وعقلنا أهميّتها بعد أن استشهد.

صحيح أن ممارسة الحياة السياسية لا تحمي السياسي من ارتكاب أخطاء ولا تجنّبه اتخاذ مواقف قد تكون مقصودة لتدمير الوطن بهدف التضحية به على مذابح ملفات إقليمية وهذا ما نختبره اليوم بحيث يجري نحر لبنان فداءً لحماية أنظمة فاشية، وربما قد تكون أخطاء غير مقصودة أو لنقل خطى ناقصة وتوقعات مدفوعة بحماية الوطن من الوقوع فريسة حرب أو خراب أمني. ولسنا هنا في صدد الدخول في تحليل سياسي وإنما لتوضيح مسألة تتمثّل في أن الحياة السياسية لا تخلو من ارتكاب أخطاء.

طرح نهج الرئيس الشهيد رفيق الحريري رؤية تخطّت كل ما هو ذاتي وتجاوزت كل ما هو شخصي، فأتى الدليل على ذلك في المعادلة الآتية: “حياته مقابل وطن”.

جسّد وجوده في الحياة السياسية اللبنانية ضمانة تجلّت على المستويات كافة، وليس السياسي وحسب. وشكّل حضوره مصدر أمان وثقة للشعب اللبناني بفئاته كافة، نظراً الى ما اكتسبه من ثقة دولية وعربية كرجل سياسي واقتصادي حمل معه مشروع حياة لبلد أنهكته حرب أهلية، وتناتشت أوصاله بعد أن حولته إلى أشلاء جيو – سياسية دينية.

بمعنى آخر، أسهم حضور الرئيس الشهيد في تمكين لبنان من استعادة موقعه وريادته.

وأما الاعتدال، فإنه لم يكن بالنسبة إليه مجرّد شعار كما عند الكثير من السياسيين الذي تاجروا به لترويج قضية.

وأتت الديموقراطية لتشكّل نواة فلسفة الرئيس الشهيد السياسية، إن جاز التعبير.

لم نكن نعلم بأهمية وجوده إلا عندما استشهد. وجاءت جريمة العصر لتقتصّ منه وتغتال لبنان. لقد خافوه لأنه استطاع استرجاع لبنان. وأتى قرار تصفيته بشكل لا يترك المجال لأي محاولة لنجاته ليعكس حقداً كبيراً ترجم خوفاً من قوة وطن وقوة رجل سياسة.

خلاصة القول، أتى استشهاده بحجم وطن؟!… نعم صحيح.

أخيراً هو من أجاب عندما سئل عن لبنان: “هل هو وطن أم أكبر من وطن؟ هل هو فكرة؟ هل هو فلسفة؟ هل هو مثل؟ هل هو مثال؟” في الحقيقة هو الكل معاً. ويبقى غيابه حضوراً.

شارك المقال