“الفرنجيون”: الرئاسة متأخرة… بانتظار التسوية الكاملة

رواند بو ضرغم

الانجاز الرئاسي ليس سريعاً، والأمور “مكربجة” بانتظار التسوية الكاملة. هذه هي القناعة لدى المتحمسين لزعيم تيار “المردة” سليمان فرنجية، الذي يطرح نفسه وفاقياً، لا وسطياً.

مرشح من غير أن يترشح. مقبول من جميع المكونات، باستثناء جبران باسيل وسمير جعجع. وما يطلبه البعض من فرنجية بالتنحي عن الرئاسة من غير أن يكون لديه بديل وفاقي يطمئن فريقه السياسي، غير واقعي. الا أن فرنجية وفق المطلعين على مواقفه يتكلم بمنطق رجل الدولة، الذي لا يتوقف عند حدود المصلحة الشخصية، إنما يسعى الى الاستقرار وحسن العلاقة بين الطوائف، لأنه من زعماء الحلول والتسويات، لا زعماء الأزمات. لا يتصورون أنه ينتقم من حليفه الخصم جبران باسيل، ولكنه بطبيعة الحال لن يمشي وفقاً لأجندته، فيعطي كل ذي حق حقه، لأن المطلوب تضافر الجهود وتحمل المسؤولية المشتركة لإنهاض البلد، فأهون الشرور الانضمام الى المعارضة، ولكن هذا الموقف لا يخدم لبنان واللبنانيين.

يرى مؤيدو فرنجية أن لا مؤشرات تسووية حتى اللحظة، إنما هي مؤشرات “ضغط”. لا أحد من الدول الاقليمية والعالمية يضع فيتو عليه، لأنها على ثقة بأن معه “لا مفاجآت سلبية ولا فعل غدر”. وفي الوقت عينه لن تعمل هذه الدول لإيصاله، وهو يتفهم موقفها لأن موقفه السياسي والاستراتيجي واضح، ولا يستطيع أن يطلب منها أكثر من عدم رفضه. وعن دول الخليج، يعتبر هؤلاء أننا لسنا بحاجة الى دعم مادي منها بقدر ما لبنان بحاجة الى علاقة ثقة واحترام وصداقة، والى أن تشجع المؤسسات الدولية الاستثمار فيه. عارفو فرنجية يعلمون أنه يتوافق مع مطلب السعودية بوقف الحملات ضدها، وضد أي دولة صديقة، ولكنه يعوّل أيضاً على عدم اتخاذ موقف من الدولة للرد على أشخاص، فالمملكة وكل الدول الصديقة تعرف التركيبة اللبنانية، ومنطق الأمور أن يدين في حال وصوله الى سدة الرئاسة وسيكون لهذا الموقف الرسمي معيار واضح يُطبق مع جميع الدول. أما من يعرف طريقة تفكير فرنجية وانفتاحه على الجميع، فيعلم أنه مستعد للحوار مع المملكة العربية السعودية متى تريد، وبمجرد أن يستشعر بإشاراتها. ولكنه لا يمكن أن يكون الا واقعياً، ولن يعد الناس الا بالمستطاع، فسلاح “حزب الله” لا يمكن أن يُنزع الا بالحوار وضمن ظروف مناسبة.

زعيم تيار “المردة” وفق مؤيديه ليس بعيداً عن منطق المحاسبة، وما يطلبه من شركاء الداخل وأصدقاء الخارج أن يحاسبوه بعد فترة من عهده، لا ست سنوات، ويحاسبوه على السير بالبلد لمترين الى الأمام، أو تأخيره عشرة أمتار الى الوراء. مصادر مطلعة على حراك فرنجية الرئاسي تؤكد لموقع “لبنان الكبير” أنه لا يعتمد على الثنائي الشيعي لخوض معركته الرئاسية،على الرغم من أنها من أكثر المرات تنسيقاً ضمن فريقهم، إنما يتحرك فرنجية بكثافة بعيداً من الاعلام، وعلى “رواق”، فإذا تمكن من الوصول الى الرئاسة سيعطي البلاد ما يستطيع إعطاءه، وإذا لم تحالفه الظروف فلن يقحم نفسه في أي إحراج.

مسيحياً، يرى المتحمسون لفرنجية أن جبران باسيل التقى وسمير جعجع ضده، وهما على استعداد لأن يسيرا رئاسياً مع بعضهما أو ببعضهما، ولكن لن يسيرا بمشروع وحدوي أو منفتح على الثلاثية. وهما يسعيان الى تحويل الثنائية الى أحادية، والمسيحيون يضعفون. لا أحد يستطيع التفاهم معهما، إما أن تنفذ لهما ما يريدان أو تصبح عدواً لهما. فالكتلتان المسيحيتان لا تختصران المسيحيين ولا الميثاقية، إنما هناك ثلاثون نائباً من خارج “التيار” و”القوات”، ونصاب الستة والثمانين هو روحية الطائف والميثاقية الفعلية.

لا أحد غير متفاجئ بالرفض القاطع من باسيل لفرنجية، لا بل إن النهج الكيدي الذي يمارسه باسيل يجعل الجميع على ثقة بأن رئيس “التيار” يسير بدعم جعجع ولا يدعم فرنجية. الشخص الوحيد الذي يُشعر باسيل بالخوف أكثر من فرنجية هو جوزيف عون، الذي يمكن أن يكون سبباً لقبوله بفرنجية على مضض.

وعلى خط “حزب الله” والتعامل مع حلفائه، يعتبر هؤلاء أن للحزب الجرأة الكافية لابلاغ حليفه فرنجية في حال عدم القدرة على الاستمرار في دعمه، وهو لا يتبع نهج إيصال الرسائل المبطنة. وانطلاقاً من كلام الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصر الله عن أن التفاهم في موضع حرج آملاً الحفاظ عليه لأجل المصلحة الوطنية، يقول مصدر وازن لموقع “لبنان الكبير”: إن التاريخ سيُثبت بأن “حزب الله” دفع ثمن علاقته مع جبران باسيل تجاه الشعب اللبناني، وليس كما يدعي باسيل بأنه هو من ظُلم جراء علاقته بالحزب.

وبالعودة الى الرئاسة، تردد دائماً شخصيات عالمة بإيجابية فرنجية ونهجه أنه براغماتي، وتضرب مثلاً على استراتيجية تعاطيه مع كل من يريد أن ينصب له أفخاخاً وتقول: لو حصل مع فرنجية ما حصل مع ميشال عون في آخر عهده عندما تذرع نجيب ميقاتي بعدم إعطائه موعداً في قصر بعبدا للتشاور في تأليف الحكومة، لكان فرنجية سيبادر ويجمع الاعلام ويقول لهم “البلد أكبر منا كلنا” وأنا نازل لعنده… فهل كان سيستطيع الاستمرار في المماطلة، إذا افترضنا أنه كان يماطل في تأليف الحكومة؟

شارك المقال