السجائر الالكترونية و”الفيب”… استهلاك أكبر وضرر أقل؟

تالا الحريري

لطالما كانت تتوالى التحذيرات الطبية من السيجارة والنرجيلة لما لهما من أضرار على الصحة والرئتين خصوصاً من أدمن عليهما، فضلاً عن تحذير وزارة الصحة العامة الموجود على علب السجائر أو التنباك المعسل من أن التدخين يقتل. ويعادل رأس النرجيلة الواحد 20 سيجارة، ولكن هذا لا يعني أن السجائر الالكترونية أو حتى الفيب (نرجيلة الكترونية بنكهات مختلفة) أكثر أماناً من التدخين التقليدي، فالضرر الأكبر هو احتواؤها على النيكوتين الذي يسبب الادمان، كما على مواد ضارة أخرى، يمكنها التأثير سلباً على جهاز التنفس والرئتين، وتسبب الالتهابات والشيخوخة المبكرة وتلف الأسنان وغيرها الكثير، الا أن ضررها يظهر على المدى الطويل.

ويشير الباحثون الى أن السجائر الإلكترونية في الواقع أقل ضرراً من السجائر العادية من ناحية المركبات فقط، ولكنها تحتوي على مواد مسرطنة وقد تسبب التهابات رئوية وغيرها من الأضرار، لافتين إلى أن الغالبية ولاسيما الفئة الشبابية، تفضل السجائر الالكترونية بسبب سهولة استخدامها، وإتاحتها الدائمة في أيدي المدخنين، اضافة الى تقبل رائحتها ما يشجع على استهلاكها بصورة كبيرة، مع وجوب عدم إغفال أنها لا تخلو من المواد الضارة.

ولاقى “الفيب” انتشاراً واسعاً فور ظهوره بين المراهقين والشباب، أمّا الأكبر سنّاً فاتجهوا إلى السجائر الالكترونية وما يسمى بالـIQOS . و”الفيب” خال من التبغ، لكنه يحتوي على محلول من النيكوتين وبعض المواد الكيميائية، أمّا الـIQOS  فتقوم بتسخين التبغ بدلاً من حرقه للحصول على تجربة خالية من التدخين مع طعم التبغ.

يظن الكثيرون أنّهم إذا أرادوا الاقلاع عن التدخين يمكنهم استبداله بالسجائر الالكترونية أو “الفيب”، ولكن يلاحظ أنّ الشخص المدمن يستهلك من السجائر الالكترونية أكثر من العادية لأنّها تكون أخف وبالتالي لا تكفيه كمية النيكوتين التي يتناولها. اذاً، الاستهلاك لا يزال نفسه وربّما أكثر مع أضرار مضاعفة.

وتشير احدى الدراسات الى أن “من غير المعقول القول إن التدخين الالكتروني آمن تماماً، إذ أن ذلك هو محض مفاضلة بين المخاطر، فإذا كنت لا تستخدم النيكوتين بأي شكل من الأشكال، فمن الجنون أن تبدأ التدخين الالكتروني”، متوقعة “أن نشهد في غضون 40 أو 50 عاماً، إصابات بسرطان الرئة والتهاب الشعب الهوائية المزمن وأمراض الرئة الخطيرة الأخرى نتيجة لتدخين السجائر الالكترونية”.

وعلى الرغم من ذلك، يقلل الكثيرون لا سيما فئة الشباب من شأن المخاطر المحتملة للسجائر الالكترونية، وفي السياق، أشارت م. س لـ “لبنان الكبير” الى أنّها لم تكن تدخن يوماً السجائر العادية لكنها عندما قررت التدخين انتقلت فوراً إلى السجائر الالكترونية. وقالت: “كنت أستهلك علبة من سجائر HEETS  كل 3 أو 4 أيام ولم يكن يعني لي إذا فرغ شاحن الـIQOS   لدي. لكن اليوم بعد مرور سنتين على ادماني التدخين أصبحت أستهلك يومياً علبة ونصف العلبة، أي الكثير من هذه السجائر ما يشكل عبئاً على صحتي ومصروفي كذلك”.

أضافت: “بت لا أفضل المشي ولا صعود السلالم مع أنني فتاة رشيقة وكنت أمارس الرياضة ولدي نظام غذائي، لكن بعد التدخين المستمر لم أعد أتناول الطعام بصورة كافية وصار وجهي شاحباً، ومع ذلك أرى صعوبة في الاقلاع  عنه”.

أما سامر فيبلغ من العمر 30 عاماً ويشرب النرجيلة منذ سن الـ18 عاماً ويعتبر من المدمنين عليها، اذ كان يستهلك بين 4 الى 5 رؤوس من المعسل نهاراً كونه كان لا يعمل ويقضي وقته في البيت. وقال: “بعدما وجدت عملاً مناسباً لي، صرت أقضي حوالي 9 ساعات خارج المنزل، لكنني كنت أستيقظ فجراً لأشرب نفساً من المعسل قبل التوجه إلى العمل. وعلى الرغم من ذلك كنت أشعر أنّني بحاجة إلى النرجيلة في أوقات العمل، فاتجهت إلى الفيب كونها صغيرة الحجم ولا تحتاج الى أي تحضير ظنّاً مني أنّها قد تخفف عني الحاجة إلى النيكوتين”.

وأوضح أنها “خفيفة بالنسبة لي ونكهة الفراولة والبطيخ كانت غالبة عليها فكنت أشعر أنني أتناول البوظة أو الحلوى لا النرجيلة. كنت أقضي معظم وقتي في العمل أستهلك الفيب وأعود إلى المنزل لأشرب الكمية نفسها من المعسل””.

هاتان الحالتان لمحة بسيطة عمّا يعانيه مدخنو “الفيب” أو السجائر الالكترونية، ولكن هناك بالطبع حالات أخرى أشد خطورة، والحذر واجب، وهذا لا يعني تشجيع الناس على العودة الى تدخين السجائر العادية أو النرجيلة.

شارك المقال