حكم المحكمة البريطانية… خطوة نوعية في ملف المرفأ

هيام طوق
هيام طوق

أصدرت محكمة العدل العليا البريطانية (High Court of Justice – London) حكماً لصالح ضحايا إنفجار مرفأ بيروت الذين يمثّلهم مكتب الادعاء في نقابة المحامين ضد الشركة الانكليزية SAVARO Ltd، في الدعوى المدنية التي أُقيمت ضدها في 2 آب 2021، وحكمت بمسؤولية الشركة تجاه الضحايا الممثلين في هذه الدعوى، وافتتحت المرحلة الثانية من المحاكمة، وهي مرحلة تحديد قيمة التعويض الذي سيستحق للضحايا.

لكن ما أهمية هذا الحكم بالنسبة الى ملف انفجار المرفأ، والتحقيقات في لبنان؟

نقيب المحامين السابق في الشمال محمد المراد، أشار في حديث لموقع “لبنان الكبير” الى “أننا لم نطّلع على المستندات والأدلة، لكن لا شك في أن خلاصة الحكم في غاية الأهمية لما توصلت اليه محكمة العدل العليا البريطانية لسببين أساسيين: أولاً، تمكنت هذه المحكمة من خلال ما قدم اليها وأمامها من أدلة ووقائع ومستندات كما هو واضح من خلاصة الحكم أن تبني مسؤولية على شركة SAVARO، ولكي تستطيع أي محكمة أن تبني مسؤولية، لا بد من أن تتوافر أمامها الأدلة الكافية التي تقتنع بها حتى تقيم هذه المسؤولية بحق مسبب الضرر، وهذا الجانب في غاية الأهمية. ثانياً، عندما نقول ان الادعاء اقتصر على هذه الشركة، لكن هذا القرار بحد ذاته لا يعني أن المسؤول عن تفجير مرفأ بيروت فقط هذه الشركة التي قد تكون شريكاً من بين الشركاء المسؤولين، الأمر الذي يستفيد منه القضاء اللبناني اذ هناك كما يبدو معطيات وحكم صادر عن محكمة العدل العليا في بريطانيا يبني المسؤولية، وهذا أمر لافت أن المحكمة اقتنعت بهذه الأدلة وحملت المسؤولية للشركة تجاه المتضررين.”

وشدد على أن “ما يحتويه هذا الملف في غاية الأهمية لأن المحكمة عندما تتوصل الى قناعة ببناء المسؤولية على هذه الشركة يعني أن هناك أدلة قوية جداً بنت عليها هذه المسؤولية. يستطيع القضاء اللبناني أن يستفيد من هذا الحكم لأن ما قد استحصلت عليه محكمة العدل العليا في بريطانيا ربما ليس متوافراً أمام المحقق العدلي اللبناني. انها خطوة نوعية في ملف تفجير المرفأ، وهذا نوع من الانجاز بالنسبة الى القضية خصوصاً بعد أن عرقلت مسيرة هذا الملف”، معتبراً أن “دم الشهداء في قضية العصر، دم طاهر، استطاع أن يخرق ما هو مقفل، واذا الشعب يوماً أراد الحياة، فلا بد أن يستجيب القدر. أهل الضحايا واللبنانيون، مصممون ويريدون الحياة في هذه القضية، ويريدون حكماً فيها، وهناك اشارة قوية وصلبة ومهمة جداً في صدور هذا الحكم بغض النظر عن تفاصيله وحيثياته”.

وأوضح المراد أن “فريق الادعاء انطلق من شركة SAVARO لأنها هي المسؤولة عن نقل المواد المتفجرة، وبالتالي، لو لم تنقل هذه المواد لما حصل التفجير. وفي هذه النقطة بالذات، هناك مسؤولية، والدليل الحكم الذي صدر. فريق الادعاء اعتبر أن من الصعب محاكمة هذه الشركة أمام القضاء اللبناني، فادعى أمام القضاء البريطاني بحسب الاختصاص. وحتى لو كان القضاء اللبناني مختصاً، فالدخول في القضية عبر القضاء البريطاني، طريقة ذكية، وكانت سريعة في الوصول الى نتيجة. الشركة لا علاقة لها بما حصل في لبنان، وكيف حصل التفجير انما هي مسؤولة عن نقل هذه المواد”.

وقال: “لا ندري كيف سيكمل فريق الادعاء أو اذا كانت لديه خطة باء في التحقيق، وربما يستند الى ما صدر للتوسع أو لتقديم دعوى جديدة بحق أشخاص آخرين معنيين بالملف. لكن من حيث التقويم المبدئي للحكم، لا شك في أنه مهم جداً، ويخدم الملف في لبنان في مكان معين. الحكم دليل جدي وصلب يستفيد منه الادعاء أمام القضاء اللبناني لأن هناك تحديد للمسؤوليات. وهنا لا بد من الاشارة الى أن هذا الحكم ليس ملزماً للقضاء اللبناني، لكن يعتبر دليلاً يمكن الاستناد اليه. الحكم حمّل المسؤولية لهذه الشركة، وتنفيذه يتم على الاراضي البريطانية”. ولفت الى أن “المحامين استبقوا عملية تصفية الشركة من سنة 2021 لأنه حين تتم التصفية، تنتفي الشخصية المعنوية”، متسائلاً: “اذا كانت شركة النقل مسؤولة، اذاً ماذا عن المعنيين في لبنان؟”.

وتحدث المراد عن الفرق بين الكلام وما يتم التداول به بين الناس وفي الاعلام، والوقائع والأدلة، “وأهمية الحكم أنه صادر عن محكمة استندت الى أدلة جازمة كما أنه أول حكم في هذه القضية حيث قال القضاء كلمته”، مشيراً الى أن “المحكمة لم تحدد قيمة التعويض بعد لأن المحاكمة الانغلوساكسونية تنقسم الى مرحلتين: المرحلة الأولى، تنظر في المسؤولية، وتحددها، وفي المرحلة الثانية تحدد التعويض. والتعويض على أهالي الضحايا يتم أمام المحكمة نفسها التي تنظر الى وضع كل ضحية وكل حالة بحالتها”.

ورأى أحد أهالي الضحايا أن الحكم “مهم جداً، وربما خطوة أولى في مسار الألف الميل، لكنه يحزننا لأنه لن يقدم ولن يؤخر في كشف الحقيقة التي كنا نتمنى أن لا تعرقل، وتظهر بسرعة كما حصل في بريطانيا التي تعاطت مع الموضوع بجدية تامة بعكس ما يحصل في لبنان”، مؤكداً أن “التعويضات المالية لا تهمنا انما معرفة الحقيقة لكي يرتاح ضحايانا تحت التراب ولكي تبرد قلوبنا”. وأشار الى “أننا سنتابع القضية حتى كشف الحقيقة مهما كلف الثمن، وسنعود الى تحركاتنا المطالبة بعودة المحقق العدلي الى عمله”.

شارك المقال