قضاء في عهدة عون… عروض مسرحية فاشلة

فاطمة حوحو
فاطمة حوحو

الهجمة المتواصلة من القاضية غادة عون على حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، هدفها تحقيق انتصار فريقها السياسي والكل يعرف أن من يحركها اليوم جبران باسيل، بعد أن كانت تتلقى تعليماتها من مستشاري الرئيس ميشال عون في عهده الجهنمي الذي لا نزال نعيش ارتداداته وبات سقوطنا في القعر لا خلاص منه، لأن لا أحد من الزمرة الحاكمة يعمل لصالح إنقاذ البلد، ولا أحد يمسك بيد اللبنانيين لاخراجهم من أزماتهم المستعصية على الحلول كما يبدو.

فغادة عون تمارس مهنتها القضائية بطريقة خاصة وتفسر القانون وفقاً لأهوائها، وقامت وتقوم بادعاءات لتحقيق نصر وهمي أرادت به أن تكلل عهد عون وتفتح الآفاق لصهره.

وتقول مصادر سياسية لــ “لبنان الكبير” إن “مشكلة المصارف قائمة ولكن طريقة معالجتها لا تتم حسب ما تقوم به غادة عون، فهي تحاول محاصرة قانون السرية المصرفية وضرب الجسم المصرفي الذي يراد تحميله مسؤولية الأزمة الاقتصادية في لبنان وجعله كبش محرقة، وتتطاول على البنك المركزي عبر اتهامات توجهها الى رياض سلامة وتسطير ادعاءات من هنا وهناك وجلبه الى التحقيق، لكن المشكلة واضحة في الأساس وهي أزمة اقتصادية – اجتماعية موجعة بالنسبة الى اللبنانيين الذين يعانون الأمرين لتحصيل لقمة الخبز بينما ودائعهم رهينة الأزمة وتجارة الدولار وتهريبه. المشكلة سياسية في الدرجة الأولى، والجميع اليوم يحاول التفاوض مع سلامة لثنيه عن رغبته في عدم التجديد له، فهو قال كلمته انه سينهي ولايته في أيار، وهذا ما أزعج الثنائي وحليفه الباسيلي وشنوا هجوماً لأخذ المعركة نحو صراع سني – شيعي، لأن الحملة التي استهدفت سلامة لم تنجح وقام الرئيس نجيب ميقاتي بمواجهتها لحماية القطاع المصرفي، ومن هنا فان حزب الله يريد التجديد لسلامة وفرضه وفقاً لشروطه وفي الوقت نفسه يريد أخذ قرار غير قانوني يقوم به ميقاتي من أجل التجديد لعباس ابراهيم”.

أما عن اضراب المصارف، فتوضح المصادر أن “هذه المصارف تضغط لشل الحياة الاقتصادية وعدم مطالبة الناس بودائعهم وترفض من جهة ثانية، قرارات غادة عون التعسفية التي تتصرف كزعيمة ميليشيا مدعومة من حزب الله من خلال واجهة قانونية متمثلة في عناصر من أمن الدولة تنفذ قراراتها، وهي معروفة بكونها قاضية بلاط قصر بعبدا كانت تأخذ تعليماتها من سليم جريصاتي أما اليوم فمن يقف وراءها في تسطير استدعاءات بحق فلان أو علتان؟ ومن خلال البحث يتبين أن ادعاءاتها بحق شركات مصرفية بدءاً من شركة ميشال مكتف للتحويلات المالية وغيرها لم تكن صائبة والاتهامات باطلة، لا سيما وأن تنفيذها كان يجري بعراضات من التيار الوطني الحر ليتأكد بالملموس دورها في اللعبة السياسية، في مواجهة خصوم العهد البائد، والواضح أنها في كل ادعاءاتها وتحقيقاتها وحركاتها لم تصل الى نتيجة، وضيّعت الحقائق والكل يتساءل أين الكمبيوترات المصادرة والداتا التي كانت تبحث عنها؟ ولماذا اختفت لا بل أين أخفيت؟ غادة عون تعلم جيداً أن عملية مكافحة تهريب الأموال لا تتم بهذه الطرق التي تقوم بها أي بشعبوية”.

وعن موقف الرئيس ميقاتي الذي أثار جدلاً واسعاً في الأوساط السياسية والقضائية والأمنية، ترى هذه المصادر أنه “تصرف بطريقة صحيحة لأنه دافع عن القطاع الذي يحرّك الاقتصاد المنهار ولكن عموده هو المصرف المركزي وربما المصارف التي هددت بعدم العودة الى العمل إن لم تكن هناك ضمانات تقدمها هذه الطبقة السياسية الفاسدة وسلطتها وأدواتها وأجهزتها بعدم التعرض لها، وبيت القصيد هنا القضاء المرتبك والمرتهن لقرارات سياسية لاخضاع المصارف والتدخل في عملها”.

وتشدد في هذا الاطار على “أهمية حصول الاصلاحات الواجبة لتلقي المساعدات من البنك الدولي فالبعض لا يريد التوصل الى حلول اقتصادية قبل ضرب المؤسسات المالية والقضاء، وما يحصل من تمثيليات ومسرحيات تقوم بها عون هي للقول للبنك الدولي ان المصارف صارت في خبر كان وعلينا تجديدها وفقاً للخطط التي كان يسوق لها سابقاً بترخيص 5 مصارف جديدة، وبالتالي اعادة هيكلة المصارف بعد اسقاطها وافلاسها وتحميلها مسؤولية الدين العام، وربما ميقاتي هنا يعرف أن المسألة الأساسية هي سعي غادة عون الى ضرب الاقتصاد لمصلحة هذه الشركات المالية الجديدة وفي طليعتها مؤسسة القرض الحسن”.

وتتساءل “لماذا لم تأخذ غادة عون المبادرة بالادعاء على القرض الحسن، وهناك دعاوى رفعت ضد هذه المؤسسة من محامين؟ ولماذا تتخطى موقعها كمدعي عام في جبل لبنان وتذهب الى بيروت وتحاول تسطير محاضر؟”، معتبرة أن هذا “يعكس ازدواجية في المواقف العملية ويعكس وجهة سياسة من يحركها”.

ووفقاً لهذه المصادر فإن “ميقاتي يعي جيداً أن هناك خطوطاً حمراً لا يمكن تجاوزها وهو كرجل أعمال يعرف خطورة القرارات التي تتخذها عون”، مشيرة الى أن “هذا الكباش سيؤدي الى اعادة خلط الأوراق واضاعة البوصلة بعدما كان باسيل يواجه حزب الله، أوقف صراعه معه ليشتعل صراع آخر عنوانه على قاعدة التجديد لعباس ابراهيم واختراع قانون تخريجة يحضر له بين ميقاتي ووزير الداخلية، والمواجهة هنا سميت سنية – شيعية وهذا يجمّد الصراع الفعلي لمصلحة باسيل الذي يراهن على طول فترة الفراغ الرئاسي حتى يصبح البديل ويجري تداول اسمه مجدداً كمرشح للرئاسة”.

وتضيف: “محاولات غادة عون ليست عبثية وتقوم بها بقرارات شخصية وانما هناك من يحركها لتحقيق مصلحته من أجل خلط الأوراق وأخذ الصراع من شيعي – ماروني الى شيعي – سني، وهذا يتوافق مع دعوات الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله الذي كان يقول إن على العرب فك الحصار عن اللبنانيين ومطالبة السعودية ودول الخليج بوضع ودائع، وهدد في خطابه الأخير بأنه سيضغط على الأيدي التي تضغط عليه وهو يعرف جيداً أن حل مشكلة الرئاسة في لبنان لن يكون بالتسليم لخياراته كما حصل في العام 2016، فحزب الله يدرك جيداً اليوم أن المساعدات العربية لن تتوافر في ظل رئيس يعينه الحزب حتى وإن تساهلت فرنسا معه يبقى قرار المملكة العربية السعودية ساري المفعول لكونها لن تدعم حكم رئيس مفروضاً من حزب الله ولن ترضى بحل يوصل مرشحه الى الرئاسة، ولهذا السبب يعرف ميقاتي جيداً أن الاقتصاد اللبناني مرتبط مباشرة بالدول العربية لذلك اتخذ هذا القرار تجاه القاضية عون للعديد من الأسباب ليقول انه لا بد من المواجهة وحماية ما تبقى من الدولة في وجه الانقلابات التي تحصل من بوابات عدة، القضاء والأمن والمحيط”.

شارك المقال