الاحتكام إلى مجلس النّواب قبل انفجار الشارع

حسان الرفاعي

حينما اختلف رئيس الجمهوريّة مع الرّئيس المكلّف حول صلاحيّة الأخير في تشكيل حكومته وبعدما قام الرّئيس المكلّف بثماني عشرة زيارة إلى قصر بعبدا محاولًا الحصول على توقيع رئيس الجمهوريّة من دون جدوى.
وبعدما تحمّل سعد الحريري ما تحمّل من ممارسات رئيس الجمهوريّة الخارجة كليًّا على الدّستور، من المطالبة بتسمية الوزراء المسيحيّين وحِفْظ حصّة رئاسيّة من الوزراء وضمان ثلث معطّل خالصٍ مُخَلِّص لرئيس الجمهوريّة.
وبعدما نَعتَ ميشال عون سعد الحريري بالكاذب وبعد أن خاطبه عبر درّاج حَمَل جداول، على الرّئيس المكلّف ملؤها، قام فخامته بتوجيه رسالة إلى مجلس النّواب، دستوريّة في الشكل، وغير دستوريّة لجهة طلبه من مجلس النّواب اجابته حول تفسير صلاحيّات الرّئيس المكلّف ودوره في عمليّة التأليف وبالتّالي إلى تفسير الدّستور…
وبعدما خيّبَ المجلس النّيابي رئيس الجمهوريّة وأكّد على استمراره بمنح سعد الحريري ثقته لتشكيل الحكومة. وهذا ما عاد وأكّده البيان الصادر عن رئيس مجلس النّواب.
ولأنّ استمرار الرّئيس بتعطيل توقيع مرسوم تشكيل الحكومة يشلّ البلد ويزيد من معاناة الّلبنانيّين إلى أنْ يهتدي رئيس الجمهوريّة أو ينكسر الدّستور…
وبما أنّ الرّئيس برّي دخل منذ مدّة على خطّ إيجاد تسوية تفضي إلى ولادة الحكومة وقد بَدَتْ حتّى اللّحظة مهدّدة بالفشل جرّاء تعنّت الرّئيس عون وصهره.
ولئلا يتاح للعهد وداعميه المضيّ في سياسة افراغ المؤسسات، الّتي إنْ استمرّت، ستوصل ربما إلى تعطيل عمل مجلس النّواب وإلى الانتقاص من شرعيته عبر الاستقالات، مضافة إلى حكومة دياب المنكفئة عن ممارسة تصريف الأعمال ولو بالمفهوم الضيّق، فيتأكّد عندها بقاء ميشال عون في بعبدا كما في سنة 1988 إلى حين فرض مؤتمر تأسيسيّ قد ينهي فكرة لبنان الكبير هذه المرّة !
لذلك، وأمام جهنميّة هذه المخططات غير البعيدة عن تاريخ العماد ميشال عون في مواقع السلطة، يبقى أنْ يتفاهم الرّئيس برّي والرّئيس المكلّف وكذلك الدكتور جعجع المطالب بحكومة تُشرف على الانتخابات النّيابيّة، على عقد جلسة نيابيّة يطرح خلالها الرّئيس المكلّف تشكيلته ويطلب على أساسها نيل ثقة المجلس. فإنْ نالت الحكومة “هذه الثّقة” تُأكِّد للبنانيّين مَنْ المسؤول عن كسر قرارات السلطة التشريعيّة والانقلاب على الدّستور عبر تعنُّت ديكتاتوريّ انقلابيّ يتذرّع بتفسير مُلتوي للمادّة 53 من الدّستور.
طبعًا كان بودّي ألا يخرج اقتراحي على الدّستور وأحكامه، ولكن أمام هَوْل ما يحصل والخطر الّذي يهدّد وطني وأهله المعذبين المذلولين، وقبل أنْ يتفلّت الوضع كليًّا أردّتُ أن يُقدِّم النّواب والأحزاب الّذين يستعدّون لخوض الانتخابات النّيابيّة خلال أشهر من الآن على خطوة إنقاذيّة تُظهر المعرقل الوحيد أمام قيام الحكومة لأنّ من أقسَم على احترام الدّستور والقوانين وعلى حفظ استقلال الوطن وسلامة أراضيه خرج على قسمه وهو يحاول أخذ البلاد إلى نزاع طائفي فئويّ شعبويّ جديد حول صلاحيّات رئيس الجمهوريّة المارونيّ وصلاحيّات رئيس الحكومة السنّي!
تبقى كلمة أخيرة للدكتور جعجع! أمام تحلّل الوطن هل تُفضِّل أن تجري الانتخابات بإشراف حكومة حسّان دياب المستقيلة من كلّ شيء أو في ظلّ حكومة وجوه جديدة غير مرشحة ومستقلّة، قدر ما أمكن، يمنحها نوابك الثّقة ولو كانت برئاسة سعد الحريري؟
نعم أمام تقاعس النّواب، كلّ النّواب، عن الذهاب إلى إتّهام رئيس الجمهوريّة لخرقه الدّستور وفقًا للمادّة 60 منه قام الرّئيس برّي بإعطاء درس علنيّ في الدّستور للرّئيس عون وحمى النّظام اللّبناني البرلماني. يبقى على الآخرين أن يتّخذوا موقفًا لا لبس فيه. فالوطن في خطر كما قال ويكرّر على الدّوام غبطة البطريرك الرّاعي.

شارك المقال
ترك تعليق

اترك تعليقاً