لبنان يدفع ثمن “سرايا” حزب الله… عبء الميليشيات تفاقمه الجرائم

آية المصري
آية المصري

خطفت الأسبوع الماضي جريمة قتل الشيخ أحمد شعيب الرفاعي أنظار المتابعين، خصوصاً بعدما ثبت أن قاتليه ومنفذي عملية إختطافه هم من أقربائه على خلفية وجود خلافات قديمة بين الطرفين بالاشتراك مع آخرين، وأن من كان يريد السير في جنازة الشيخ، قاتله.

لكن ما كان لافتاً هو ما كشفته شعبة المعلومات في قوى الأمن الداخلي عن ضبطها مستودعاً داخل منزل الرأس المدبّر للعملية، وهو رئيس البلدية، يحتوي على كمية كبيرة من المتفجرات والأسلحة والذخائر، ما استدعى التذكير بأن صاحب المستودع والمتورطين ينتمون الى “سرايا المقاومة” مع التأكيد أن القرار بالقتل يخص المتورطين، اذ سارع “حزب الله” الذي يغطي السرايا الى المطالبة بانزال أشد العقوبات بالقتلة.

وجرى تدوال العديد من المعطيات حول خلافات قديمة بين رئيس بلدية القرقف الشيخ يحيى الرفاعي وعائلته مع الشيخ أحمد الرفاعي، خصوصاً وأن الأخير كان معروفاً بموقفه الرافض لسياسة “حزب الله” وإيران، كما اتهم عدد كبير من الناشطين عبر مواقع التواصل الاجتماعي الحزب بالوقوف وراء الجريمة. ولكن في رأي آخر أن الموقف السياسي لم يكن هو أصل المشكلة.

وفي مشهد الأسلحة المخبأة، عاد الحديث عن السرايا، هذا التنظيم الميليشيوي التابع لـ “حزب الله” والذي نشأ في العام 1997 وضم عدداً من اللبنانيين بمختلف إنتماءاتهم الطائفية والمذهبية، وسط طروحات بضرورة حلّه. والسؤال: هل ستحل “سرايا المقاومة” أم أن “حزب الله” سيعيد النظر بهذه المجموعات؟

سليمان: حلّ “حزب الله”

في هذا السياق، تساءل الكاتب والمحلل السياسي الدكتور حارث سليمان في حديث عبر موقع “لبنان الكبير”: “لماذا حلّ سرايا المقاومة وليس حلّ قصة حزب الله كلها؟”، معتبراً أن “من يوافق على سلاح حزب الله يوافق على سرايا المقاومة، ومن لا يوافق على هذه الأخيرة وكأنه يقول للحزب لا نريد كل وظيفتك، فهل يوجد فرق بين الحزب وسرايا المقاومة؟”.

وحول وجود فرق بين الحزب والسرايا، قال سليمان: “هناك فرق لدى بعض الناس خصوصاً الطائفيون في لبنان الذين يقولون لحزب الله قم بأخذ الشيعة، لكن أخذ سرايا المقاومة أنت بذلك تمد يدك على طوائف أخرى، لذلك لدى هذه الفئة من الطائفيين يوجد فرق”.

أيوب: اعادة نظر

ودعا رئيس تحرير موقع “180 بوست” الاخباري حسين أيوب عبر قناة “الجديد”، “حزب الله” الى إعادة تقويم وقراءة لـ “سرايا المقاومة”، قائلاً: “على حزب الله أن يعيد النظر في ظاهرة سرايا المقاومة بحيث أصبح البعض يتلطى بها للسيطرة على شوارع ومولدات الكهرباء وفرض خوات”.

الحلبي: حل كل الميليشيات

ووافق الناشط السياسي والمحامي نبيل الحلبي على “ضرورة حلّ كل الميليشيات في لبنان ومنها سرايا المقاومة والجهة الراعية لها حزب الله، وعملياً هذا من أبرز بنود اتفاق الطائف غير المطبق كلياً وتحديداً البند المتعلق بحل الميليشيات، وعندما كانت الوصاية السورية من منعت تطبيق هذا الاتفاق واستثنت الحزب منه تحت عنوان المقاومة”، موضحاً أن “حزب الله قام بتأسيس سرايا المقاومة بناءً على عناوين وبأنها تضم مختلف اللبنانيين بجميع شرائحهم وطوائفهم من الفئات غير الملتزمة عقائدياً وانضباطياً في حزب الله، لأنهم يعتبرون أن الحزب نخبوي عقائدي، وبالتالي هناك أطراف أخرى قريبة لا بد من أن تنخرط في المقاومة، ونحن نعلم أنها لا تملك أي علاقة بالمقاومة ولم تقم بأي عملية ضد إسرائيل”.

ووصف الحلبي السرايا بأنها عبارة عن “عبء على المجتمعات الموجودة فيها، تزعزع الاستقرار الأمني وتعطل القانون، كما أنها تهدد سلامة الناس والأمن العام”، مشدداً على “وجوب حلّها، خصوصاً وأن الهدف الرئيس منها تمثيل الحزب عسكرياً في البيئة الخارجة عن بيئته”. ولفت الى أن “الأسماء تختلف، لذلك نرى في منطقة الشمال توغلاً كثيراً لمجموعات مسلحة راعيها حزب الله، وفي صيدا والبقاع الغربي وغيرها من المناطق وبالتالي لا يطلقون اسم سرايا المقاومة عليها”.

وأشار الحلبي الى أن “سرايا المقاومة عبارة عن مجموعات يقودها أشخاص يدعون بزعماء زواريب ولهم مصالحهم، وعلى سبيل المثال لديهم مولدات كهرباء وبالتالي يتحكمون بالأحياء، وتكون لديهم ثوابت ارتزاق من خلال النفوذ الأمني والقانوني في كل منطقة، وتولد لديهم هذا النفوذ وتكون مصادر تمويلهم من هذا العمل بالاضافة الى سلاحهم الصادر عن الحزب”.

الأمين: عبء على “حزب الله”

أما المحلل السياسي علي الأمين فلفت الى أن “حزب الله بات يشعر بعبء عليه نتيجة هذه التنظيمات، وسيتحمل المزيد من تبعات ما تقوم به هذه السرايا بالاضافة الى أنها ستنقلب عليه لأنها مرشحة للدخول في مسار فوضى أكبر وبالتالي الخسائر الواقعة على الحزب أكثر من الأرباح، لذلك أعتقد أنه بدأ التفكير جدياً في إنهاء هذه المجموعات أو تحجيمها”، معتبراً أن “الحزب في حسه الأمني يعتبر أن هذه المجموعات من الممكن أن تشكل إختراقاً له لأنها قابلة لتشغليها من خارج إدارة الحزب، خصوصاً وأنها تذهب لمن يدفع أموالاً أكثر، وبالتالي لا تملك أي مبادئ أو قيم”.

وقال الأمين: “في مرحلتنا هذه وظروفنا الاقتصادية والمعيشية والسياسية المهيمنة، سرايا المقاومة والسلاح فقدا أهميتهما وقيمتهما بالنسبة الى حزب الله، وبعد سقوط التحالف بين الحزب والتيار الوطني الحر باتت الخطوة الاستراتيجة إعادة ترتيب العلاقة مع السنة، ولهذه الأسباب يختار السيد حسن نصر الله في إطلالاته الأخيرة عدم مهاجمة المملكة العربية السعودية”.

شارك المقال