تهرّب روسيا من العقوبات يزداد تعقيداً

حسناء بو حرفوش

تزامنت ذكرى غزو الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لأوكرانيا في شباط الماضي، مع التجميد الأميركي لأصول عشرات البنوك الروسية من جديد. كما قامت بريطانيا والاتحاد الأوروبي بإطالة قوائمهما السوداء. جزء من سبب تشديد العقوبات مرة أخرى هو سد الثغرات في النظام الحالي: أميركا تلاحق “أهدافاً مرتبطة بالتهرب من العقوبات”. وبدورها، تتعهد أوروبا بمعاقبة “الخائنين”. بالاضافة إلى ذلك، تشير الأبحاث المشتركة التي أجرتها The Economist وSource Material، وهي مؤسسة استقصائية، إلى أن تجنب روسيا للعقوبات أصبح أكثر تقدماً خصوصاً في ما يتعلق بالنفط الذي يموّل حرب بوتين.

ووفقاً لمقال في موقع The Economist الالكتروني، “قبل شهر، فرضت أوروبا حظراً على استيراد النفط الروسي المكرر، بعد أن حظرت بالفعل مشتريات النفط الخام في البلاد. ومن أجل الحفاظ على تدفق الامدادات العالمية مع الحد من عائدات بوتين، يسمح الاتحاد الأوروبي لشركات الشحن وشركات التأمين والبنوك التابعة له بمواصلة تسهيل الصادرات الروسية إلى البلدان الأخرى طالما يتم بيع النفط بأقل من السعر الذي حددته مجموعة الدول السبع الكبرى. لكن البترول الروسي لم يتحول الى صفقة جيدة كما كان مأمولاً. لم تفرض معظم الدول خارج الغرب عقوباتها الخاصة، مما سمح بظهور جيش من الوسطاء المشبوهين خارج نطاق الاجراءات الغربية. لكن كيف يتم تمويل تجارتهم؟

فلنأخذ شركة “بيلاتريكس” (Bellatrix)، الذي تشير بيانات الشحن إلى تحكمها بسبع ناقلات قادرة على حمل 3 ملايين برميل. لم ترد الشركة على الأسئلة، لكن ملف الاقرار الضريبي في هونغ كونغ، حيث يقع مقرها، يُظهر أن ملكيتها قد نقلت إلى مواطن أذربيجاني، بعد ستة أسابيع من الحرب. تشير البيانات إلى انخراط الشركة في ما لا يقل عن 22 صفقة تداول لمنتجات النفط الروسية منذ الأول من كانون الثاني. وفي جميع المناسبات باستثناء ثلاث مرات، اشترت الشركة براميل من شركة “روسنفت”، عملاق النفط الروسي المملوك للدولة. فمن أين أتت الأموال؟

تتوافر بعض الأدلة الورقية في ملف في هونغ كونغ وتشير إلى أن البنك الزراعي الروسي، وهو بنك مملوك للدولة، وافق على تسهيل قرض يصل إلى 350 مليون دولار إلى Bellatrix في 30 كانون الثاني، ليتم سداده بحلول أيار 2025. هذا على الرغم من الدعوات الروسية الى رفع العقوبات عن البنك لتسهيل الامدادات الغذائية مع التعهد بضمان “أن السلع التي تمر عبر هذا البنك هي الأسمدة المعدنية فقط”. ويظهر ملف آخر بتاريخ 27 كانون الثاني، أن “بيلاتريكس” وقعت في تسهيل قرض مع بنك التنمية الاقليمي الروسي، وهي شركة تابعة لشركة “روسنفت”.

وحتى وقت قريب، بدا أن جزءاً كبيراً من صادرات النفط الروسية موّلته الحكومة الروسية من خلال الائتمان المفتوح، بحيث كان التجار يدفعون ثمن البضائع بمجرد أن يجمعوا العائدات بأنفسهم. وتشير النتائج إلى أن التجارة أصبحت مؤسسية أكثر. ويبدو أن العديد من المتداولين المجهولين يستغلون البنوك الروسية نيابة عن المشترين في أسفل السلسلة.

هل يستطيع الغرب القيام بالكثير لوقف تدفق التمويل الرمادي؟ يعتقد البعض أن القرار الأميركي بوضع بنك روسي في القائمة السوداء، بعد أيام فقط من منحه ترخيصاً، يؤشر إلى ممارسة المزيد من الضغط قريباً، ولكن لا يزال الطلب على الوقود الروسي مرتفعاً. وقفزت واردات شركات التكرير المستقلة في الصين بنسبة 180٪ الشهر الماضي، حتى أن بعض النفط الخام الروسي يجد طريقه مرة أخرى إلى أوروبا بمجرد تكريره. فما الذي سيحصل بعد؟”.

شارك المقال