القوى السياسية تريد الانتخابات البلدية… فعلاً أو قولاً؟

هيام طوق
هيام طوق

انتهت ولاية المجالس البلدية والاختيارية في منتصف العام 2022 بعد ست سنوات من انتخابات 2016، إلا أن الموعد تزامن مع انتهاء ولاية المجلس النيابي، وأعلن حينها أنه تتم مناقشة قانون عصري للبلديات في اللجان النيابية، يلبّي طموحات اللبنانيين في مجال الانماء المتوازن ويراعي المعايير الدولية المعترف بها في إطار اللامركزية الادارية. ومُدّدت ولاية المجالس البلدية بموجب القانون الرقم 285 تاريخ 12/04/2022 حتى 31/5/2023.

إذاً، وفي ظل الشغور والفراغ والتعطيل في معظم المؤسسات، أمام لبنان استحقاق مهم في نهاية أيار المقبل، يتجلى في الانتخابات البلدية والاختيارية في 1055 بلدية، تضم أكثر من 12 ألف عضو الى جانب المخاتير وأعضاء المجالس الاختيارية، اذ أكد وزير الداخلية والبلديات في حكومة تصريف الأعمال بسام مولوي في العديد من المواقف، عزم الوزارة على اجراء الانتخابات. وأوضح في كانون الثاني الماضي أن “الوزارة باشرت باتخاذ كل الترتيبات الادارية والتقنية واللوجستية لاجراء الانتخابات البلدية في موعدها”. كما أشار الى أنه سيدعو “الهيئات الناخبة في نيسان المقبل للمشاركة في العملية الانتخابية”، مشدداً على أن “تأجيل الانتخابات البلدية بالتمديد للمجالس البلدية لسنة جديدة ليس مطروحاً، وأنه وبدعم من الحكومة يصرُّ على إنجازها في موعدها شرط أن يتأمّن التمويل المطلوب”.

على أي حال، النيات لاجراء الانتخابات موجودة، لكن هل القوى السياسية مستعدة لاتمامها خصوصاً أنها تصب اهتماماتها في هذه المرحلة في الملف الرئاسي؟ وبالتالي، ربما تفضل التمديد للمجالس البلدية الى ما بعد ملء الشغور كي تتفرغ كلياً لحملاتها الانتخابية خصوصاً أن المجالس البلدية هي السلطة الفعلية والمحلية في المناطق. كما أن بعض القوى تتخوف من محاسبة الناس بسبب أدائها السياسي السيء.

في هذا الاطار، رأى عضو تكتل “الجمهورية القوية” النائب سعيد الأسمر أن “الملف الرئاسي لا يعني غض النظر عن الاستحقاقات الدستورية الأخرى، واجرائها في موعدها، ومن أهمها الانتخابات البلدية التي هي مدخل الى اللامركزية، وهي أساس للحفاظ على مكونات المجتمع في ظل انهيار الدولة خصوصاً أن البلديات هي الجهات الوحيدة التي تتواصل مع المجتمع الدولي لتأمين بعض التمويل بهدف صمود الأهالي في المناطق. من هنا، تأتي أهمية الانتخابات البلدية، ونصر على اجرائها في حينها، ونحن نحضر لها بالتعاون مع المجتمع المدني وأهلنا في المناطق”، مؤكداً “أننا سنعمل ونتعاون مع وزير الداخلية في سبيل اجراء الانتخابات البلدية لأن غيابها يعني امتداد الفراغ الى كل مؤسسات الدولة، وبالتالي، الى مزيد من الانهيار”.

واعتبر أن “هناك فرقاء يتمنون ألا تحصل الانتخابات البلدية لأنها ستعريهم وتفضحهم أكثر في مجتمعاتهم، وستظهر حقيقة تمثيلهم لأن الناس سيحاسبونهم على أدائهم السياسي، لكن طالما وزير الداخلية مصر ونحن معه، سنقوم بما أمكن كي تجري الانتخابات في موعدها”.

ولفت الى أن “الظروف الأمنية حجة تستخدم لتطيير أي استحقاق دستوري، اذ أن الأمن لا يزال ممسوكاً على الرغم من كل شيء بحيث أن القوى العسكرية والأمنية تقوم بمهامها على أكمل وجه، ولا خوف من هذه الناحية. اما بالنسبة الى الاعتمادات المالية، فيمكن تأمينها من جهات مانحة وجهات خارجية. نحن لن نحضر أي جلسة تشريعية لأن هدف البرلمان الأساس اليوم انتخاب رئيس للجمهورية”، موضحاً أنه “طالما الارادة موجودة، فلا شيء صعب. واذا لم تجرِ الانتخابات، فسنكون في فراغ كبير جداً في المؤسسات المحلية، وستكون التداعيات ثقيلة على المجتمعات وعلى اللبنانيين”.

وشدد عضو كتلة “التنمية والتحرير” النائب غازي زعيتر على “أننا مع اجراء الاستحقاقات الدستورية في موعدها، ومنها الانتخابات البلدية والاختيارية. استمرار العمل البلدي، والادارة المحلية أمر ضروري ومهم. اذا لم تتمكن وزارة الداخلية من اجراء الانتخابات بسبب ظروف قاهرة ، فهذا أمر آخر، لكن في المبدأ نحن مع اجراءالانتخابات البلدية في موعدها”، آملاً أن “تتأمن الأموال للانتخابات البلدية اذ أن وزارة الداخلية جاهزة لوجستياً”.

وأشار عضو تكتل “لبنان القوي” النائب ادغار طرابلسي الى أن “الانتخابات البلدية والاختيارية أمام صعوبات واقعية وحقيقية، ونحن كتكتل مع اجرائها في موعدها، ومع الحفاظ على سير العملية الديموقراطية في كل الظروف لضرورة تناوب السلطة، وخدمة المصلحة العامة في البلد. هناك صعوبات كبيرة، ووزير الداخلية يقول انه قادر على تجاوزها، فلننتظر لنرى”. وقال: “نحن مصرون على تعديل قانون الانتخابات الحالي ما يسمح بالحفاظ على تمثيل جميع المكونات الطائفية والمذهبية والسياسية، والمناصفة بين المسيحيين والمسلمين في بيروت، وهذا فوق كل اعتبار لأنه اذا لم يحفظ بقوة القانون، فيزيد الشرخ، ويقود الى العزل وتجهيز الأرضية لصراع طائفي. نحن تقدمنا باقتراح قانون يحافظ على الدائرتين الانتخابيتين في بيروت، ومنفتحون على أي قانون أفضل”.

وشدد على أنه “يهمنا أيضا أن يحفظ التمثيل المسيحي في المدن الكبرى مثل بيروت وصيدا وليس الابقاء على التمثيل الرمزي والفولكلوري. هناك عوامل داخلية وخارجية تسعى الى تأجيج الفتنة، ونحن بحاجة في هذا الوقت الى وحدة المدن والبلديات، والى العمل العام بمشاركة الجميع”، معتبراً أن “المجلس البلدي الحالي في بيروت، مناصفة بين المسيحيين والمسلمين بقوة التوافق السياسي وبضمانة الرئيس سعد الحريري، لكن مع انكفائه عن العمل السياسي، ليس هناك ما يضبط الانتخابات والمناصفة التي هي في حاجة الى ضبط بقوة القانون الذي نحن في حاجة اليه قبل اجراء الانتخابات. نحن نستعد للانتخابات البلدية على أنها قائمة في توقيتها”.

شارك المقال