“قبضة سياسية” تُكبّل عمل منشآت النفط في طرابلس؟

إسراء ديب
إسراء ديب

لم تكتمل فرحة الطرابلسيين بقرار إزالة الشمع الأحمر عن منشآت النفط في البداوي- طرابلس يوم 20 شباط الماضي، إذْ يُؤكّد متابعون لهذا الملف أنّ القضية لم تُقفل بعد ولم تصل إلى نتيجة قضائية مرضية تؤدّي إلى معرفة سبب ومصدر السرقات التي كانت طالت نحو 600 ألف ليتر من المازوت من المنشآت “المنسية” رسمياً وطرابلسياً، وغيرها من السرقات التي كانت شدّدت مصادر على أنّها حصلت من خارج المنشآت لا من داخلها.

يُمكن التأكيد أنّ الطرابلسيين كان همّهم الأوّل والأخير التركيز على إعادة فتح هذه المنشآت وعدم السماح لأيّ طرف سياسيّ باستغلال ظروفها لاغلاقها، وهذا ما كان يُؤكّده النائب كريم كبّارة الذي أعلن في بيان بعد عملية إزالة الشمع الأحمر عن المنشآت أنّ “هذا كان مطلبنا الأساس الّذي عملنا لأجله لتكريس حقّ طرابلس ومنع مُخطّطات إقفال هذه المُنشآت”.

ووفق أحد المصادر المتابعة لشؤون العمّال في هذه المنشآت، فإنّ عملية إزالة الشمع الأحمر عنها لم تُجدِ نفعاً كما لم تُغيّر شيئاً في مصيرها “وعلى ما يبدو أنّهم يُجهزونها ويجهزوننا لاغلاقها قريباً”. ويقول لـ “لبنان الكبير”: “صحيح أنّ إعلان إزالة الشمع الأحمر عنها كان ضرورياً لكنّه لم يكن كافياً لإعادة إحياء هذه المنشآت وتنشيطها بعد عملية إغلاقها، ووفق قرار قضائي فقد تمّت مصادرة المعدّات والتكنولوجيا كالحواسيب الالكترونية الموجودة في المكاتب ومختلف اللوازم التي قد تسمح للبواخر بتفريغ حمولتها، أي أنّ طرابلس لم تستفد من هذا الاجراء في حال الابقاء على قرار المصادرة، ما يعني عدم إعادة المنشآت الى سكة العمل من جديد وذلك بإرادة سياسية معروفة”، وهذا ما كانت تخشاه أوساط طرابلسية كانت شدّدت لـ “لبنان الكبير” مسبقاً على قلقها من تعقيد القضية سياسياً لا قضائياً لتحويلها فيما بعد إلى “علكة” في فم اللاعبين السياسيين في البلاد بغية “فرض أولويات يصعب مضغها ولا تمتّ الى مصلحة الطرابلسيين بصلة”.

وعن المستجدّات الأخيرة التي وردت عن هذا المرفق الذي تضرّرت بإقفاله حوالي 250 عائلة، يُذكّر المصدر بقرار صدر يوم 23 شباط هذا العام، عن الهيئة الاتهامية في الشمال وقضى “بإخلاء سبيل المدير العام لمنشأة طرابلس للنفط هادي الحسامي وكيله المحامي سامر العنزاوي، ومسؤول دائرة التخزين محمد غمراوي وكيله المحامي محمد غمراوي، بكفالة 20 مليون ليرة لكلّ منهما، هذا مع العلم أنّهما قد أحيلا بجرم إهمال وظيفي، فيما أبقت الهيئة الاتهامية على الموقوف الثالث راشد غمراوي”.

وكان سبق لقاضي التحقيق الأوّل في الشمال سمرندا نصّار أن ادّعت على ثلاثة أشخاص هم: ز. سليمان وب. عيسى وم. المصري بجرم الاثراء غير المشروع وهدر المال العام والاهمال الوظيفي. ويُؤكد المصدر أنّ من أخلي سبيله أو تمّ استدعاؤه قضائياً لم يعد إلى عمله من جديد، إذْ صدر قرار قضائي أرسل الى وزير الطاقة والمياه في حكومة تصريف الأعمال وليد فيّاض يقضي بألّا يعود أيّ منهم إلى مكتبه للعمل من جديد إلى حين انتهاء التحقيق، “الأمر الذي يُثير الاستغراب حقاً، فإذا توّقف بسام عيسى وهو مسؤول دائرة التعبئة في المنشأة، والمهندس زاهر سليمان في بيروت وهو كان مساعد المدير العام لمنشآت النفط ومنع الحسامي من العمل… فمن سيعمل في المنشآت؟”، وفق ما يقول.

ويُضيف متسائلاً: “هل يستهدف البعض ترك المنشآت في المدينة بلا مسؤولين عنها ومن دون عمل يُحركها؟ وإذا لم ينته التحقيق واستمرّ لعشر سنوات هل ستبقى المنشآت بلا عمالها المتضرّرين وعائلاتهم من هذه القرارات التي تصرفهم عن العمل لحين انتهاء التحقيق؟ إذاً متى تعمل مصفاة البداوي؟”.

يُمكن القول إنّ قرار الاغلاق الأساس الذي كان اتخذه وزير الطاقة “إلى حين تأمين حراسة مشدّدة على المنشآت” لم يكن منطقياً، إذْ يُؤكّد المصدر وجود وثائق عدّة تُشير إلى حصول سرقات جديدة “أكثر من الأوّل حتّى بعد تعيين شركة أمن جديدة لحماية المنشآت، إلا أنّ السرقات لا تزال قائمة وهي طالت حتّى الأشجار في وقتٍ سابق، ونكرّر أنّنا متأكّدون من أنّ مصدرها من خارج المنشآت، ولهذا السبب تتواصل السرقات باستمرار بلا حدود تُذكر”.

من هنا، تتمنّى الأوساط الطرابلسية عدم تسيسس هذا الملف أكثر، وألّا يصل هذا التسييس والانحياز إلى السلطة القضائية، وقد تساءل بعضها عن سبب عدم استدعاء المدير العام للنفط في وزارة الطاقة والمياه أورور فغالي إلى التحقيق حتّى اللحظة، “فهي مستشارة الوزير حالياً، لمَ لم تُطلب للتحقيق بعد حصول هذه السرقات كلّها على عهدها لا سيما سرقة الأشجار التي قطعت ونقلت إلى بيروت بحوالي 35 أو 40 شاحنة؟ وكانت قد تلقّت عشرات الكتب عن هذه التفاصيل، لكن غُضّ البصر عنها كما فعل الوزير فيّاض في السرقات وفي التحقيق أيضاً”.

وتختم الأوساط قائلة: “تُحارب طرابلس سياسياً والهدف إقفال المنشآت التي فتحت الآن بالاسم فقط، فمصادرة الأجهزة لدى القضاء كذلك العمّال لا يصبّ في مصلحة المدينة أبداً”.

شارك المقال