التسوية… فعلية أم وهمية؟

هيام طوق
هيام طوق

بعد الاعلان عن اتفاق سعودي – ايراني، تحدثت المعلومات عن أن المنطقة ستشهد خلال الشهرين المقبلين حركة ديبلوماسية لافتة لمعالجة بعض الملفات في أكثر من دولة، ومن بينها لبنان. وبعد سفر السفيرين السعودي والايراني لدى لبنان إلى بلديهما، يجري الحديث عن زيارة قريبة لموفد ايراني الى بيروت قد يكون وزير الخارجية حسين أمير عبد اللهيان الذي سيضع قيادة “حزب الله ” في أجواء الاتفاق، اضافة الى ترقب وصول مساعدة وزير الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأدنى باربرا ليف إلى بيروت نهاية الشهر الجاري. كما يُحكى عن تواصل فرنسي – فاتيكاني ناشط، في وقت علم موقع “لبنان الكبير” أن ممثلين عن الدول الخمس السعودية وفرنسا والولايات المتحدة وقطر ومصر سيجتمعون نهاية الأسبوع في باريس، للبحث في تطورات ملف رئاسة الجمهورية، وستنقل كل دولة أجواء جولات سفرائها في لبنان.

فيما يحكى في الكواليس عن امكان زيارة السفير الفرنسي باتريك دوريل، وهو كبير مستشاري الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون إلى لبنان أيضاً، ما يشير وفق مصدر متابع الى بوادر تسوية تلوح في الأفق على الرغم من أن الأفق حالياً في الداخل يبدو مسدوداً ومظلماً، لكن لا بد من أنه عندما تحين لحظة الجد والحقيقة، الكل سينزل عن الشجرة، تسهيلاً ومواكبة لتلك التسوية المنتظرة خصوصاً أن الجميع في الداخل والخارج لا يريدون أن تنزلق الأمور أو تصبح خارج السيطرة على خلفية تدهور الوضع الاقتصادي والانهيار الدراماتيكي للعملة الوطنية.

وفي حين أكد المصدر المتابع لموقع “لبنان الكبير” أن الأطراف في الداخل أصبحت في جو التسوية على الرغم من عدم اتضاحها بعد، وأنها ستتخلى عن مواقفها المتصلبة، وأن الاتصالات القائمة حالياً تجري بروح ايجابية وجدية للوصول الى انتخاب رئيس للجمهورية قبل الصيف المقبل، الا أنه لا ينفي في الوقت عينه صعوبة الطريق ومشقاتها قبل الوصول الى توافق على رئيس غير استفزازي.

أما أحد المطلعين على الكواليس السياسية، فأشار الى أن التسوية موجودة في الاعلام فقط، وليست فعلية، لا بل على العكس، فإن كل فريق لا يزال متمسكاً بقناعاته، وليس هناك من وضوح في الرؤية لمعرفة إن كان خيار سليمان فرنجية هو الغالب أو الرئيس التوافقي.

على أي حال، هل الحركة الديبلوماسية الناشطة تعني أن قطار التسوية قد انطلق فعلاً؟

رأى نائب رئيس مجلس النواب السابق إيلي الفرزلي أن “من المبكر الحديث عن تسوية حقيقية لأن الاتفاق الى تاريخه، لم تتضح بعض الأمور الأساسية فيه من حيث الأدوار التي تريد أن تلعبها كل من المملكة العربية السعودية وايران في لبنان. هذه الأدوار اما أن تكون خارجة خروجاً كلياً عن أي تأثير على الساحة اللبنانية انسجاماً مع التصاريح التي سمعناها من الطرفين بقولهما ان المسألة مسألة لبنانية ويجب أن تترك للبنانيين أو أن هناك تدخلاً، وستكون هناك وجهة نظر. وبالتالي، من المبكر الحديث عن هذا الأمر”.

واعتبر أن “الحراك الدولي والاتصالات القائمة، أمر طبيعي، وموجود كما أن هناك عنصراً جديداً دخل على الساحة، ومجرد استعداد المملكة العربية السعودية وايران في اتفاقهما للتحرك من منطلق التفكير بالتعاون والايجابية، فهذا بحد ذاته يدفع القوى الأخرى وخصوصاً الخارجية الى أن تدخل على الخط ، وتلعب دوراً ما كي لا تخرج من (المولد بلا حمص) لأنه في النهاية، اذا كان الاتفاق سيفعل فعله بصورة سليمة، لا يعود هناك داعٍ لأدوار خارجية. لذلك، من المبكر الحديث عن تسوية ويجب أن ننتظر قليلاً”.

أما عن زيارة وزير خارجية ايران أو غيره من الايرانيين، فأشار الى أن “من الطبيعي أيضاً أن تحصل زيارة كهذه لأنها تأتي ضمن سياسة التنسيق مع حزب الله ووضعه في أجواء حقيقة هذا الاتفاق، وماذا تضمن، ومسألة الأولويات، والنتائج التي قد تترتب عنه. وبالتالي، من المبكر الحديث عن حلول”، مشدداً على أن “الأمور تتطلب وقتاً، والتسوية قائمة، لكن لم يتم تحديد أطرها وأهدافها. التسوية هي نهاية الصراع السعودي – الايراني، لكن كيف ستترجم في لبنان؟ هل برفع يد الدول الخارجية عنه أو المزيد من التورط في الشأن الداخلي اللبناني؟”.

ولفت النائب السابق سيزار المعلوف الى أن “الاتفاق بين السعودية وايران برعاية صينية يصب في مصلحة المنطقة ككل، ولمصلحة لبنان بطبيعة الحال. أما أن يؤدي هذا الاتفاق الى انتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة اصلاحات، فهذا الشأن لبناني داخلي، وعلى اللبنانيين أن ينتخبوا الرئيس، ويحققوا الاصلاحات، بالاتفاق مع بعضهم البعض”، معتبراً “أننا من اليوم الى حزيران، اذا لم ننتخب رئيساً للجمهورية، نكون قد دخلنا في المجهول، ونحو تغيير النظام، ولا ندري اذا سيكون هناك رئيس للجمهورية مسيحياً ومارونياً”.

وقال: “طبعاً هناك تسوية على صعيد المنطقة، لكن لبنان ليس أولوية، وعلى اللبنانيين أن يجعلوا مصلحة بلدهم، أولوية. اما أن ننتخب رئيساً وفق الصيغة الحالية أي وفق اتفاق الطائف، أو نحن ذاهبون الى فراغ وانحلال كامل للدولة وصولاً الى تغيير النظام. لا شك في أن هناك شيئاً ما يتحضر، لكن ذلك يتطلب مواكبة من الداخل اللبناني، وعلى المسؤولين اللبنانيين أن يجدوا حلولاً للأزمة اللبنانية، ولا يتكلوا على الخارج للتفكير بالحلول. مشكورة كل الحركة الخارجية، لكن كل ذلك لا يكفي اذا لم نساعد أنفسنا”. وأكد “أننا فتحنا المجال لتتدخل كل الدول في بلدنا، ونحن شعب لا يحب وطنه، ومن يساعدنا يريد شيئاً في المقابل. اذا لم يتفق اللبنانيون مع بعضهم، ولم يفتحوا صفحة جديدة، فلا يمكن أن نتقدم خصوصاً أن الخارج لا يفرض علينا شيئاً انما يساعد”.

شارك المقال