رامي عليق… نهاية “طريق النحل”

محمد شمس الدين

ذاع صيت المحامي رامي عليق لأول مرة بما اعتبره كتاب نضاله وخطته لتحسين البلد مع موجة الربيع العربي. وكان اسم الكتاب ” طريق النحل”، وفيه يروي “تجربته الكبيرة” في “حزب الله” ولقاءه أرفع المسؤولين الإيرانيين، وكيف قابل مرشد الثورة الإيرانية السيد علي خامنئي، ويسرد قصص مؤامرة حيكت ضده من أعلى المستويات في إيران و”حزب الله”. ومَن من اللبنانيين لا يذكر ثورة عليق التي أسميت “ثورة 10 تشرين” حيث وُضعت الخيم ولم يحضرها شخصٌ واحد. أما عند الانتخابات فقد ترشح عليق على لائحة “شبعنا حكي” مع علي الأمين جنوباً وكان هذا سبب خلافٍ كبيرٍ بينهما، انتهى بدعاوى متبادلة ونشر عدة مقالات من الأمين ضد عليق في موقعه. ومن ينسى قضية ابتزاز عليق لإحدى شركات المقاولات المعروفة في لبنان وتقاضيه أموالاً طائلة، أدت أيضاً إلى دعاوى قانونية.

تتويج نشاط عليق كان في ثاني يوم ثورة 17 تشرين، يوم قرر المنتفضون التوجه إلى قصر بعبدا، عندها صدح صوت عليق بين الجموع متطوعاً بالدخول للتفاوص بإسم الشعب مع “بي الكل”. ولأنَّ دخول قصر بعبدا ليس مثل الخروج منه تكررت زيارات عليق للقصر وصار من ضيوف فخامة الرئيس الدائمين. ويبدو أن هذه الزيارات وكلته بمهمات مع القاضية غادة عون، حيث أصبح الساكن الدائم في مكتبها، ويتعلم فيه أصول القضاء والتحقيقات، لدرجة أنّه أصبح يسأل الأسئلة للشهود والمدعى عليهم حسب ما تقول مصادر.

وبرز إسم عليق مؤخراً تحت إسم مجموعة “متحدون” التي كانت تسابق القاضية عون في مسرحياتها ضد شركة مكتف للصيرفة، ليشن حملة ضد مدعي عام التمييز القاضي غسان عويدات انتهت بتوقيفه والادعاء عليه حتى اليوم، فماذا يقول القانون عن حملات عليق السياسية؟ وماذا عن حصانة المحامي؟

وكانت نقابة المحامين في بيروت أحالت إلى النيابة العامة التمييزية في 7 حزيران الحالي قرارها بالموافقة على الملاحقة الجزائية بحق المحامي رامي عليق، لجهة الجرائم المرتكبة منه بالتهجم على القاضي غسان عويدات وعلى القضاء اللبناني.

وأكدّ المحامي شربل عيد في حديث خاص لموقع “لبنان الكبير” أن حالة المحامي عليق تندرج ضمن الخانة التي تتحدّث عن تحقير “الموظف العام” بمعرض قيامه بوظيفته، وذلك وفقا للمادة 383 عقوبات التي تنص على: “التحقير بالكلام والحركات أو التهديد الذي يوجه إلى موظف في أثناء قيامه بالوظيفة أو في معرض قيامه بها أو يبلغه بإرادة الفاعل. والتحقير بكتابة أو رسم أو مخابرة برقية أو تلفونية الذي يوجه إلى موظف في أثناء قيامه بوظيفته أو في معرض قيامه بها.

ولما كان عليق قد تناول القاضي عويدات لأعمال تتعلّق بوظيفته القضائية ما يعني وفقاً لعيد أن العقوبة تُشدّد بحقه لتصل إلى الحبس من شهرين إلى سنة.

حصانة المحامي

القانون اللبناني منح المحامي حصانات وضمانات، وفقاً لعيد، وذلك انطلاقًا من أن هدف مهنة المحاماة هو تحقيق رسالة العدالة ومن أن حق الدفاع مقدس. فلا يُسأل المحامي، ولا يترتب عليه أي دعوى بالذم أو القدح أو التحقير من جراء المرافعات الخطية أو الشفوية التي تصدر عنه، ما لم يتجاوز حدود الدفاع (المادة 74 من قانون تنظيم مهنة المحاماة) ولا يجوز توقيف المحامي احتياطيًا في دعوى قدح أو ذم أو تحقير تقام عليه بسبب أقوال أو كتابات صدرت عنه في أثناء ممارسته مهنته، كما أنه لا يجوز أن يشترك برؤية الدعوى أحد قضاة المحكمة التي وقع فيها الحادث (المادة 75 من قانون تنظيم مهنة المحاماة) وكل جرمٍ يقع على محامٍ في أثناء ممارسته مهنته أو بسبب هذه الممارسة، يعرّض الفاعل والمشترك والمتدخل والمحرّض للعقوبة نفسها التي يعاقب عليها عند وقوع الجرم على قاضٍ (المادة 76 من قانون تنظيم مهنة المحاماة) وتُختصر حصانة المحامي بأنّه لا يمثل في أي تحقيق من دون رفع الحصانة عنه من قبل نقابة المحامين باستثناء حالة الجرم المشهود والقدح والذم المنسوب اليه في حال كان علنياً يشكّل ذريعة لطلب استجوابه دون رفع الحصانة عنه بسبب ما قد يعتبره البعض “جرماً مشهوداً”.

العقوبات المسلكية التي يمكن أن تفرض على المحامي

شدد عيد على أن كل محامٍ، عاملًا كان أو متدرجًا، يخلّ بواجبات مهنته المعينة بالقانون أو يقدم في أثناء مزاولة تلك المهنة أو خارجًا عنها، على عملٍ يحط من قدرها، أو يسلك مسلكًا لا يأتلف كرامتها، يتعرّض للعقوبات التأديبية، وهذه العقوبات هي: التنبيه، اللوم، المنع من مزاولة المحاماة مدة لا تتجاوز ثلاث سنوات، وصولاً إلى الشطب من جدول النقابة (المادة 99 من قانون تنظيم مهنة المحاماة).

ولمجلس التأديب عند حكمه على محام بعقوبة المنع مؤقتًا من ممارسة المهنة، أن يقضي بفقرة خاصة من قراره بحرمان ذلك المحامي حق انتخابه عضوًا في مجلس النقابة مدة لا تتجاوز عشر سنوات. وهذه العقوبة الإضافية تكون إجبارية في حالة الحكم على محامٍ بسبب إخلاله عن قصد في واجب تفرضه عليه وظيفة نقابية أسندت اليه (المادة 101).

أمّا في حال إخلال المحامي بواجباته المهنية، يتعرّض للملاحقة التأديبية أمام المجلس التأديبي التابع لنقابته (في بيروت أو في طرابلس). ويتألف المجلس التأديبي من النقيب أو من ينتدبه رئيسًا ومن عضوين يختارهما لمدة سنة (من مجلس النقابة)، ويجوز أن يكون أحد العضوين من المحامين المقيّدين في الجدول العام منذ عشر سنوات على الأقل (المادة 96 من قانون تنظيم مهنة المحاماة).

ويلاحق المحامي تأديبيًا بمبادرة من نقيب المحامين أو بناء على شكوى أو إخبار مقدم له. ولا تجوز إحالة محام على مجلس التأديب إلا بعد الاستماع إليه من قبل النقيب أو من ينتدبه (المادة 102 من قانون تنظيم مهنة المحاماة).

يعتمد مجلس التأديب طرق التحقيق والمحاكمة التي يرى فيها ضمانة لحقوق الدفاع وحسن سير العدالة، وللمحامي المُحال الحق بتوكيل محام واحد (المادة 105 من قانون تنظيم مهنة المحاماة). أما المحاكمة فتجري أمام المجلس بصورة سرية وتبلغ الدعوات والأحكام وفق الأصول (المادة 106 من قانون تنظيم مهنة المحاماة).

الجدال الدائم بين القضاء ونقابة المحامين

يستنكر عيد الإشكال الذي يحصل دائماً بين القضاء ونقابة المحامين حيث يعتبر القضاء أنّه بحالة الجرم المشهود تسقط الحصانات، بينما ترى النقابة أن الحصانة قائمة، ولا شك أن اللعبة السياسية موجودة بكل ثقلها في مجلس نقابة المحامين، كون الأطراف السياسية هي التي تكون النقابة أصلاً.

رامي عليق الرجل الذي تنقل من حضنٍ إلى حضنٍ بحثاً عن متمولين، وبل وصل به الأمر إلى مرحلة ابتزاز المتمولين، وصل أخيراً إلى حضن “العهد القوي” الذي سرعان ما تخلى عنه وفق معلوماتٍ خاصة لـ”لبنان الكبير” بعدما أصبح عالة على داعميه. ظنَّ أن القوة السياسية تستطيع أن تحميه من القانون، ولكن اليوم القضاء يأخذ مجراه، ويجب أن يُطبق عليه القانون كي يعطي القضاء صورة للشعب بأن الحمايات السياسية لا تحمي المرتكبين، وأنَّ تحقير القضاء لا يمر من دون محاسبة.

شارك المقال
ترك تعليق

اترك تعليقاً