جلسة الحكومة… حكيمة

هيام طوق
هيام طوق

جدل عقيم وسجالات ومواقف اتخذت المنحى الطائفي حول مسألة التوقيت التي تعتبر بسيطة، ولا يجوز التوقف عندها خصوصاً أن البلد غارق في أزمات سياسية ومالية واقتصادية، تكاد تكون مستعصية اذ تحذر كل المؤسسات الدولية من أن الوقت بدأ يضيق أمام الانقاذ.

وعلى الرغم من اشتداد الأزمات الخانقة، فإن ساعة لـ “قدام” وأخرى لـ”لورا”، أعادتا الى الاذهان الاصطفاف والشحن الطائفي ما دفع الحزب “التقدمي الاشتراكي” الى التدخل وإيجاد حل أو مخرج لما يجري بوساطة النائب هادي أبو الحسن، فكانت النتيجة أن دعا رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي الى جلسة ” استثنائية” في السرايا الحكومية، لبحث بند وحيد وهو “أزمة التوقيت الصيفي” في لبنان، مع العلم أن نادي رؤساء الحكومات السابقين ممثلاً بالرئيسين فؤاد السنيورة وتمام سلام، لعب دوراً مهماً في هذا الاطار بعد أن زار الرئيسان، ميقاتي، في محاولة لإيجاد مخرج ينهي الأزمة من خلال جلسة لمجلس الوزراء لمناقشة الموضوع بين الوزراء المنقسمين في الرأي خصوصاً أن قرار التوقيت اتخذ عام 1998 في مجلس الوزراء، وأي قرار جديد يحتاج إلى جلسة للمجلس بمعنى أن يصدر القرار عن الحكومة وليس عن الأمانة العامة لمجلس الوزراء.

على أي حال، عقدت جلسة لمجلس الوزراء لأنه وفق ما أوضح مصدر متابع لموقع “لبنان الكبير” أن “الكل يريد إخراج الشارع من هذا الانقسام ومن هذه المعمعة العقيمة التي ليست في وقتها، والكل يضع نصب عينيه المصلحة الوطنية، ودعوة الرئيس ميقاتي الى جلسة تعبّر عن أولويته الوطنية وحسه الوطني، وحرصه على دور المؤسسات الدستورية، ونبذه لهذا الانقسام الطائفي في وقت البلد أحوج ما يكون فيه الى التقارب والتفاهم خصوصاً بين أعضاء الحكومة لتسيير أمور الناس الملحة”، مشيراً الى أنه “لا يجوز أن نتحدث عن غالب ومغلوب أو عن الكسب والخسارة أو تسجيل النقاط على بعضنا بل أن نضع المصلحة الوطنية فوق كل اعتبار”.

وبعد الجلسة التي قرر فيها مجلس الوزراء العودة الى التوقيت الصيفي ابتداء من ليل الاربعاء – الخميس، والابقاء على قرار مجلس الوزراء رقم 5 تاريخ 20-8-1998 باعتماد توقيت صيفي وشتوي من دون أي تعديل في الوقت الحاضر، قال الرئيس ميقاتي: “لم أكن يوماً من هواة التحدي والمناكفة ولا من هواة التعدي على مقامات ومرجعيات دينية أو زمنية والتطاول عليها، ولم أكن يوماً الا صاحب رغبة وارادة في الحفاظ على البلاد ومحاولة اخراجها من العتمة والعوز والعزلة. ما كان قرارٌ كهذا يستوجب كل هذه الردود الطائفية البغيضة. لنكن واضحين ليست المشكلة ساعة شتوية أو صيفية تم تمديد العمل بها لأقل من شهر، انما المشكلة الفراغ في الموقع الأول في الجمهورية، ومن موقعي كرئيس للحكومة لا أتحمل أي مسؤولية عن هذا الفراغ بل تتحمله القيادات السياسية والروحية المعنية”. ودعا الجميع الى “إنتخاب رئيس جديد للبلاد وتأليف حكومة جديدة من دون ابطاء”، معتبراً أن “كرة النار أصبحت جمرة حارقة، فإما نتحملها جميعاً وإما نتوقف عن رمي التهم والألفاظ المشينة بحق بعضنا البعض”.

لكن كيف قرأ النواب من مختلف الكتل الجلسة التي دعا اليها ميقاتي لمناقشة مسألة التوقيت؟

رأى النائب هادي أبو الحسن أن “الأمور عادت الى اطارها الصحيح والى قواعدها الدستورية، وموقف الحكومة ورئيسها موقف حكيم، وفيه حرص على وضع الأمور في نصابها. الرئيس ميقاتي طوى صفحة كادت أن تؤسس الى انقسام أعمق والى شرخ كبير لا تحمد عقباه. كل الشكر والتقدير على هذا الموقف”.

واعتبر النائب فادي كرم أنه “كان من الضروري أن تعقد الجلسة الوزارية لتصحيح الخطأ الذي جرّ البلد الى مواجهة، ويتحمل المسؤولية كل من شارك في هذه المواجهة الطائفية. في الأساس انه خطأ اداري يتعلق بفصل لبنان عن التوقيت العالمي، وليست له علاقة لا بالطائفية ولا بالصيام، ولا بالمسيحيين ولا بالمسلمين. وبقدر ما كان القرار خاطئاً بقدر ما كانت ردود الفعل الطائفية خطأ أكبر. وعلى اللبنانيين أن يتعلموا درساً في معالجة أمورهم بعيداً عن العصبيات والتشنجات، والذهاب دائماً نحو اتخاذ الخطوات المدروسة”.

وأكد النائب السابق علي درويش أن “الرئيس ميقاتي يركز على السلم الأهلي ورأب الصدع الوطني. هناك من أخذ الموضوع نحو المنحى الطائفي، وتسبب بشرذمة. وكون مجلس الوزراء سيد نفسه، وقعت المسؤولية على عاتق الوزراء مجتمعين بحيث أن القرار من مجلس الوزراء أفضل من المذكرة الادارية. والوزراء حسموا الأمر، وعلى أساس النقاش اتخذ مجلس الوزراء القرار النهائي الذي اعتبر في هذه المرحلة أفضل من الاستمرار في التشرذم وشد العصب الطائفي، وبالتالي، تهديد السلم الاهلي”.

وشدد على أن “دعوة الرئيس ميقاتي الى جلسة تأتي من حرصه على المصلحة الوطنية لأن ارتفاع المنسوب الطائفي يخلق جواً من الانقسام. ومن هنا أهمية المعالجة من خلال نزع الفتيل بصورة هادئة وموضوعية بعيداً عن التعنت خصوصاً أن البعض يريد اللعب على الوتر الطائفي الذي يوصل البلد الى مكان خطير جداً”.

شارك المقال