“الساعة” أولوية مسيحية… وهموم المواطن إلى جهنم

محمد شمس الدين

يا شعب لبنان العظيم، لقد حققتم انتصاراً عظيماً، فقد تراجع رئيس الحكومة “السني” عن قرار تأجيل التوقيت الصيفي في شهر رمضان، الذي أخذه مع رئيس مجلس النواب “الشيعي” وتم إسقاطه عبر الحرب “الصليبية” الاعلامية. اذ استطاع الصهر القوي جر القوى المسيحية في البلد إلى ساحة المزايدة الطائفية، التي تصدرتها بكركي نفسها، فالتوقيت الشتوي تهديد للمسيحيين، وعلى الرغم من كل الادعاءات بأن الأمر يعزل لبنان تكنولوجياً، أو يسبب مشكلات تقنية، إلا أنه عندما تواصل موقع “لبنان الكبير” مع معنيين لدى المرجعيات الروحية للوقوف على الموضوع وسبب انتفاضة الكنيسة ضد القرار، لم يعط أحد الجواب الشافي، وفي النهاية قال أحد الذين تواصلنا معهم، إن الأمر لا يؤثر على الكنيسة، ولا يؤثر على البلد، إنما كل ما في الأمر هو غياب الشراكة في اتخاذ القرار.

البعض حلل أن الرئيسين نبيه بري ونجيب ميقاتي كانا يعلمان أن رد الفعل سيكون هكذا، وذلك يعود إلى خبرتهما الطويلة في التعامل مع هذه القوى، والهدف هو إسقاطها بطائفتيها، إلا أن مصدراً مطلعاً نفى لـ “لبنان الكبير” أن يكون الأمر خطة مدبرة، موضحاً أن “كل ما في الأمر هو كما قال الرئيس ميقاتي إراحة الصائمين ساعة في شهر الصوم، إلا أن مما لا شك فيه أن جبران باسيل كشف عن الأنياب الطائفية في البلد، واستطاع أن يجر معه الطائفة المسيحية الكريمة إلى حلبة المزايدة، ويبدو أن القوى المسيحية تظن أنها سجلت انتصاراً على المسلمين (المستفردون بقرارات الدولة)، إلا أن هذا الأمر فرض اجتماعاً لمجلس الوزراء، غير الشرعي بنظر القوى المسيحية، فماذا سيكون موقفها وعلى رأسها بكركي، التي ترفض اجتماع مجلس الوزراء من أجل أمور مهمة متعلقة بالمواطن، كالرواتب والمساعدات لموظفي القطاع العام، أو ملفات أخرى، كالدواء والكهرباء والطبابة وغيرها الكثير؟ هل ستقول لهم إن ساعة الوقت التي هي بدعة من الانسان ولا علاقة لها بالأديان، أهم من همومهم؟ كيف سيواجه البطريرك الراعي أحد أبناء رعيته عندما يسأله عن دواء مقطوع بسبب رفض انعقاد جلسات الحكومة لحل أزمة الدواء؟ ماذا يقول البطريرك لأبناء رعيته من موظفي القطاع العام الذين يعانون الأمرين في سعيهم الى الحصول على حقوقهم؟”.

أضاف المصدر: “ربما لم تكن نية الرئيسين بري وميقاتي إسقاط القوى المسيحية بطائفتيها إثر تأجيل التوقيت الشتوي، ولكن هذا الأمر حصل، وقد استدعى ردوداً من شخصيات من الطائفة الاسلامية، إن كان على السياسيين أو حتى على بكركي نفسها، ولو أن هناك فعلاً مشكلة في موضوع التوقيت، لكان الاعتراض سيأتي من المعنيين بهذا الأمر، ليس المرجعيات الروحية، كان يمكن لمدير المطار، أو مدير طيران الشرق الأوسط، أو وزير الأشغال، وحتى وزير الاقتصاد، ربما كان من حقهم أن يعترضوا ويشرحوا سبب اعتراضهم، وكيف يمكن أن يؤثر هذا الأمر على مجريات أعمالهم، إلا أن هذا الأمر لم يحصل، بل تصدر المشهد عصيان ديني على قرار رئيس الحكومة، وهذا سيسجل سابقة سيندم عليها لاحقاً من لعب هذه اللعبة اليوم، لأن في لبنان الدنيا تدور.”

موضوع التوقيت تافه فعلاً، لا معنى له، ولكن أثبتت بعض القوى اللبنانية، أنها لا تزال تعيش في انعزاليات القرن الماضي، وتعتبر هذا الأمر تقدماً وتطوراً، بينما من يدعو إلى الانفتاح والمدنية هو رجعي ومتخلف، هذه القوى تجتمع على أمر تافه كالساعة، ولكنها ترفض التوافق والاجتماع على الاستحقاق الرئاسي، وتخوض معركة عدم تخطي القوى المسيحية الكبرى في الرئاسة، وتمنع منعاً باتاً أن يكون انتخاب الرئيس وفق العملية الديموقراطية، وأكثر من ذلك هذه القوى صنعت مسخاً اسمه “قانون الانتخاب” المعتمد حالياً، الذي صنع مجلس نواب منقسماً متقسماً لا يمكنه أن يعمل، ولكنه حقق لها عدد نواب أكثر، أما البلد فكما قال الرئيس المسيحي “القوي”: إلى جهنم.

شارك المقال