الصين تحل مكان الولايات المتحدة تدريجاً؟

حسناء بو حرفوش

أعلن مخططون عسكريون صينيون علناً أن الحزب الشيوعي الصيني سيشكل القوة العسكرية المهيمنة في العالم بحلول العام 2049، وتتمثل الخطوة الأولى في هذا السياق بالسيطرة على بحر الصين الجنوبي لدمج تايوان، بالقوة إذا لزم الأمر، ضمن جمهورية الصين الشعبية، بحلول العام 2027.

ولكن، وفقاً لتحليل لجون هوفي، “لن يحدث أي من هذا لأن الولايات المتحدة تعلم مقدار التحدي الذي تمثله الصين”. وحسب الجنرال لويد أوستن ورئيس هيئة الأركان المشتركة الجنرال مارك ميلي، “تستثمر أميركا في تشكيل قوة أكثر مرونة في منطقة المحيطين الهندي والهادئ وزيادة حجم تدريباتنا مع شركائنا ونطاقها”.

وأضاف ميلي أن “واشنطن تراقب حالياً الحدود مع ما يقرب من ربع مليون جندي في أوروبا وآسيا وأفريقيا والشرق الأوسط وأميركا الجنوبية” ، مشيراً إلى أن ما لا يقل عن 120 ألفاً من تلك القوات تتمركز في منشآت أمامية أو غرب المحيط الهادئ والمحيط الهندي، ويرتقب وصول المزيد من القوى.

وبحث الجنرالان والمدير المالي للبنتاغون مايكل ماكورد في كوكبة من التحديات التي تواجه الولايات المتحدة وحلفائها، والتي تغطي كل شيء من تعزيز القدرة الصناعية للدولة إلى الحفاظ على إمدادات الذخيرة التي يتم فرض ضرائب عليها من خلال “معدل الحرق” في أوكرانيا بالإضافة إلى التهديدات التي تشكلها روسيا وكوريا الشمالية وإيران في عهد فلاديمير بوتين والمنظمات الإرهابية في جميع أنحاء العالم.

لكن التحديث العسكري المكثف للصين على مدى العقد الماضي والموقف العدواني المتزايد في بحر الصين الجنوبي، والذي يترجم ببناء قواعد على جزر من صنع الانسان تمتد عبر طرق التجارة البحرية والجوية، وتهديدها لتايوان، يبقى الموضوع الرئيس المتكرر للجلسة.

وأطلعت لجنة مجلس النواب الجنرالات وماكورد على التفاصيل الخاصة بكيفية تحضير الصين لغزو محتمل لتايوان، بشكل ينتهك علانية المساحات الجوية والبحرية للجزيرة في الغزوات العملية. وعلى الرغم من أن جمهورية الصين الشعبية قد انخرطت في حشد عسكري لمدة عقد من الزمن، قال رئيس اللجنة الفرعية النائب كين كالفيرت (جمهوري من كاليفورنيا) إنها أصبحت أكثر عدائية بصورة صريحة منذ كانون الثاني 2021. وقال إن أميركا تواجه العديد من “التحديات الجيوسياسية”، والتي “تتفاقم بفعل التحديث العسكري السريع للصين”، مضيفاً: “إنهم يخططون للاستيلاء على تايوان”.

كما أشار المسؤولون الثلاثة في البنتاغون إلى أن الولايات المتحدة تتخذ خطوات عديدة لتزويد تايوان باستراتيجية من شأنها أن تجعل الغزو مكلفاً للغاية بالنسبة الى الصين، ناهيك عن تكاليف الخسارة. ويتضمن طلب الميزانية 9.1 مليارات دولار لمبادرة الردع في المحيط الهادئ، بزيادة قدرها 40% عن ميزانية الدفاع العام الماضي، للدفاع عن هاواي وغوام بصورة أفضل وبناء قواعد جوية مرنة وموزعة ونظام جديد للتحذير والتتبع من الصواريخ ومرافق تبادل المعلومات والتدريب في جميع أنحاء المنطقة. وقالوا إن الفلبين وافقت على ما يقرب من ضعف عدد القواعد التي يمكن للقوات الأميركية العمل فيها وضاعفت اليابان إنفاقها الدفاعي.

كما نشر الفوج البحري الساحلي الثاني عشر، “أحد أكثر التشكيلات تقدماً في الفيلق” في أوكيناوا “حتى نتمكن من ردع الصراع في سلسلة الجزر الأولى بصورة أفضل”. في هذا السياق، أضاف أوستن إن الولايات المتحدة وأستراليا والمملكة المتحدة قد شكلت “شراكة أوكوس” التي من شأنها “بناء مزايا دفاعية تغير قواعد اللعبة وردع العدوان وتعزيز منطقة المحيطين الهندي والهادئ الحرة والمفتوحة وتعزيز قدرتنا الصناعية الدفاعية”.

وللولايات المتحدة نحو 200 متخصص عسكري، بما في ذلك قوات العمليات الخاصة ومشاة البحرية، في تايوان لتعزيز برامج التدريب في أكبر انتشار للقوات الأميركية منذ عقود في الجزيرة. ويشتمل طلب الميزانية العسكرية للسنة المالية 24 على 170 مليار دولار لأنظمة الأسلحة الجديدة، “أكبر ميزانية مشتريات في تاريخ الدولة”، بما في ذلك 61 مليار دولار “لتطوير القوة الجوية الفتاكة وتحديثها واكتسابها” في تحدٍ مباشر لاستثمارات الصين في مجالي الدفاع البحري والجوي، “في مسرح عمليات البنتاغون في المحيطين الهندي والهادئ”.

ويتضمن عرض الشراء المقترح والذي تبلغ قيمته 170 مليار دولار، 48.1 مليار دولار ثلاث غواصات جديدة وأربع مدمرات / فرقاطات مصممة لإحباط البحرية الصينية التي تعد، من الناحية العددية، الأكبر في العالم. بالإضافة إلى ذلك، وفي استجابة مباشرة للاستثمارات الصينية، يسعى البنتاغون الى الحصول على 29.8 مليار دولار للبرامج الصاروخية و11 مليار دولار لتطوير صواريخ تفوق سرعة الصوت وصواريخ بعيدة المدى.

وقال كالفرت إنه بموجب الخطة الحالية، سيكون لدى البحرية الأميركية أسطول مكون من 291 سفينة بحلول السنة المالية 28، عندما تقول جمهورية الصين الشعبية إنها ستكون جاهزة لغزو تايوان، على الرغم من وجود 371 سفينة بحلول ذلك الوقت. وأضاف ان البحرية أسقطت سربين على الأقل من حاملات الطائرات التابعة لها.

يضيف أوستن: “تزيد شبكة حلفائنا وشركائنا العالمية من قوتنا ومن أمننا. نحن نقاتل دائماً مع حلفائنا وشركائنا، وهذه مزايا لا تتمتع بها الصين وروسيا في عهد بوتين. وتهدف الميزانية بصورة مباشرة للحفاظ على أمن أميركا في عالم القرن الحادي والعشرين”. وكان ميلي قد جزم أخيراً بأن “القوات العسكرية الصينية ليست مستعدة للتعامل مع الولايات المتحدة وحلفائها الآن”، لكنها تسد فجوة العجز بصورة سريعة”.

شارك المقال