باسيل يسعى لتكرار تجربة 2005 الانتخابية

كمال ريشا
كمال ريشا

قبل أقل من عام على استحقاقين رئيسين هما الانتخابات النيابية والرئاسية، يقف التيار العوني ورئيسه جبران باسيل على مفترق طرق، بعدما نجح الأخير في استعداء جميع الفرقاء السياسيين، وصولاً إلى ما يشبه طرق باب المنازلة مع حليف ولي النعمة “حزب الله”.

الظاهر إلى الآن أن باسيل يعتمد خطين متوازيين: الأول، سياسي على مستوى التيار والساحة السياسية عامة؛ والثاني، شخصي على مستوى ترتيب وضعية تسمح له بالاستمرار فاعلاً أقلّه في الساحة البترونية مسقط رأسه.

في الجانب السياسي، يثير الاستغراب موقف باسيل في مناصبته العداء لجميع القوى السياسية، فكيف لمرشح رئاسي أن يخاصم كل من سينتخبوه رئيساً؟

يحاول باسيل استعادة تجربة العام 2005، حين خاض عمه الجنرال عون الانتخابات النيابية منفرداً، في وجه ما سمي بـ”الحلف الرباعي” حينها، معتمداً برنامجاً انتخابياً موجهاً بغالبيته العظمى ضد “حزب الله” وسلاحه و”دويلته”، ومطعماً بمقولات أثبتت أنها ممجوجة وتستعمل للاستهلاك الانتخابي، من نوع “محاربة الفساد” و”الإقطاع السياسي” وسيطرة العائلات والبيوتات السياسية على مفاصل الحياة السياسية اللبنانية.

جمع الجنرال عون وتياره كل البرنامج الانتخابي حينها في كتاب أطلقوا عليه تسمية “الكتاب البرتقالي” الذي سُحب من التداول بعد الانتهاء من فرز الأصوات الانتخابية، ولا توجد حتى نسخة واحدة من ذلك البرنامج الهمام اليوم.

يومها استثار الجنرال كل العصبيات المسيحية، واجتاح المقاعد النيابية في المنطاق المسيحية، حتى إن البطريرك الراحل مار نصرالله صفير، الذي لم يكن على ود مع الجنرال، قال أمام جماهير احتشدت في باحة الصرح البطريركي: “أصبح للمسيحيين زعيم”، وهو الجنرال عون، الذي كان يصول ويجول غرائزياً على وتر استعادة حقوق المسيحيين، وانتخاب نوابهم بأصواتهم واستعادة مواقعهم الإدارية في الدولة، التي كانت تتم بتعيينات تأتي من عنجر.

باسيل اليوم يسعى إلى إعادة حشر جميع الفرقاء السياسيين في زاوية حقوق المسيحيين، من بوابة تسمية الوزراء في الحكومة قيد التشكيل، ويسعى إلى تكبير حجره، مستأثراً بتوقيع عمه الرئيس، وصولاً إلى استمرار تعطيل التشكيل أو الحصول على مبتغاه، بتسمية نصف أعضاء الحكومة أي الوزراء المسيحيين بينه وبين عمه.

في حال استمر التعطيل، سيعمل باسيل وتياره مدعوماً من الرئيس على تحميل الفريق السني والرئيس الحريري مسؤولية عدم موافقته على أن يسمي الفريق المسيحي القوي الوزراء المسيحيين في الحكومة، ويعود إلى معزوفة حقوق المسيحيين المنتهكة، من قبل السنة، ويسترجع أدبيات زمن الوصاية السورية، حين كانت الحكومات تتشكل في عنجر، وبارادة الأوصياء في دمشق، إلا أن باسيل سيغفل دور دمشق في تشكيل حكومات تلك الحقبة، وسيحملها للرئيس الشهيد رفيق الحريري، وللسنية السياسية.

وفي حال استجاب الرئيس الحريري لمطالب باسيل، سيطلق التيار العنان للإشادة بحامي حمى المسيحيين ومحصّل حقوقهم السليبة، من السنة.

وفي الحالتين سينقض باسيل على أخصامه المسيحيين، خصوصاً حزب “القوات اللبنانية” ليتهمهم بالتهاون في استعادة حقوق المسيحيين، وسيعمل على تحقيق “تسونامي” انتخابي، على غرار ما حصد التيار العوني عام 2005.

ولتكتمل صورة السيناريو الباسيلي، لا بد من إصابة الحليف ولي النعمة “حزب الله” ببعض شظايا الهجمات العونية، حيث لا يخفى دور الحزب في التعطيل في فتح الحدود البرية مع سوريا، ومؤسساته الرديفة للدولة، وهي تثير حفيظة المسيحيين خاصة واللبنانيين عامة، خصوصاً الذين ما زالوا يتمسكون بهيكل الدولة ومؤسساتها.

ويعول باسيل على نجاح استراتيجيته بغض نظر من “حزب الله”، على الهجمات التي ستطال الحزب، لان باسيل لن يجرؤ على تجاوز الخطوط الحمر التي حفظها غيباً، مع الحزب، وسيعمل لتحقيق غايته على استدراج الهجمات عليه وعلى تياره من اليوم حتى موعد الانتخابات ليلعب دور الضحية ويحصد النتائج انتخابياً، فيكرّس نفسه وتياره على رأس أكبر كتلة نيابية، ويطالب على أساسها بانتخابه رئيساً.

وبعد أن يتربع على رأس أكبر كتلة نيابية، سيعود إلى منطق التسويات المنفردة في الفترة الفاصلة بين الانتخابات النيابية والرئاسية ليعوم نفسه سياسياً مع الفرقاء الذين تبادل معهم الهجمات والاتهامات حتى موعد الانتخابات النيابية.

وفي حال نجح أم لم ينجح مخطط باسيل، في الحصول على أكبر كتلة نيابية، فهو يعمل توازياً على تنفيذ الخطة “ب” في سياسته، وهي تكريس هيمنته على مدينة البترون مسقط رأسه.

لم يعد خافياً أن ما يعرف بـ “السوق القديم” في البترون، أصبح تحت سيطرة باسيل، وأن حركة العمران وترميم المحال التجارية في السوق وإعادة ضخ شرايين الحياة فيها، تتم لصالحه، وما مشهد محاميه الذي كان يعاين محلاً مأهولاً في السوق القديم والخلاف الذي نشب مع المستأجر، سوى دليل على أن باسيل لم يعد يريد أن يخفي تملكه لمعظم المحال في السوق.

باسيل يريد أن يجعل من سوق البترون “سوليدير” مسيحية في عمق المنطقة المسيحية، ومقصداً سياحياً وتجارياً مغرياً أصابه الإهمال منذ نشأته.

شارك المقال
ترك تعليق

اترك تعليقاً