fbpx

هل باتت إسرائيل مهددة بالانهيار والحرب الأهلية؟

زياد سامي عيتاني
مظاهرات اسرائيل ضد نتنياهو
تابعنا على الواتساب

هل بات الكيان الصهيوني المصطنع، والغاصب لأرض فلسطين العربية، في طور الإنهيار؟ وهل ما شهده طيلة الأسابيع الأخيرة، ينذر بحرب أهلية بين شتات اليهود، الذين تمّ توطينهم في “أرض الميعاد” المزعومة؟

مما لا شكّ فيه، أنّ إسرائيل “التلمودية” قد دخلت في أزمة سياسية خطيرة، بعدما أقال رئيس وزراء حكومة العدو الصهيوني بنيامين نتنياهو وزير الدفاع يوآف غالانت، الذي كان جنرالاً في الجيش الاسرائيلي مسؤولاً عن مقتل ما يقرب من 1400 فلسطيني خلال حرب إسرائيل على غزة في 2008 – 2009، وذلك لدعوته إلى وقف فوري للإصلاح.

وهذه الاقالة، كانت سبباً لامتداد التظاهرات والاحتجاجات في الأيام الأخيرة، إلى مكونات أساسية في المجتمع: الجيش (حيث خرج جنود الاحتياط علناً ليقولوا إنهم لن يخدموا بلداً يتجه نحو الاستبداد) والجامعات والنقابات والتجمعات الاسرائيلية العنصرية في مختلف بلدان الشتات.

إذ لم يحدث من قبل أن يرتفع الاسرائيليون بهذه الأعداد، وبمثل هذا الإلتزام ضدّ حكومتهم، لدرجة أنهم جعلوا رئيسها بنيامين نتنياهو يجثو على ركبتيه بصورة فاعلة.

وإزاء تسارع التطورات، فانّ نتنياهو (قبل الاتفاق على تأجيل عرض مشروع “الاصلاحات” أمام الكنيست)، وجد نفسه عالقاً بين خيار وقف خطته لتحييد القضاء، وتعريض بقاء الائتلاف اليميني المتطرف… وحياته السياسية للخطر، وخيار السماح لبلد ينزلق أكثر إلى الفوضى وأزمة دستورية وربما حتى حرب أهلية.

فقد أدت المعارضة الساحقة للخطة الاصلاحية (!) التي أعدّها نتنياهو (في وقت يواجه تهماً بالإحتيال وخيانة الأمانة وقبول رشاوى في ثلاث قضايا منفصلة تشمل شركاء أثرياء ورجال إعلام ذوي نفوذ) من جميع أركان المجتمع الاسرائيلي إلى كسر رئيس وزراء العدو، مما دفعه بحسب ما ورد إلى تجميد ما يسمى بالاصلاحات، في مقابل السماح لوزير الأمن القومي اليميني المتطرف إيتمار بن غفير بتشكيل ميليشيا وطنية خاصة به.

إصلاحات نتنياهو تفجّر الشارع:

في التفاصيل، خرج منذ أسابيع المتظاهرون إلى الشوارع، لمعارضة خطة الحكومة لتغيير القواعد القضائية، ليبلغ السخط ذروته يوم الأحد بعد أن أقال نتنياهو وزير الدفاع الذي إنتقد الخطة.

علماً أن الحركة الإحتجاجية بدأت ضدّ ما سمي بـ “الاصلاح الشامل” في بداية العام، بمظاهرات أسبوعية كبيرة نسبياً في وسط تل أبيب، ثمّ امتدت بعد ذلك إلى احتجاجات حاشدة في عشرات المدن والبلدات في جميع أنحاء إسرائيل، إضافة إلى التظاهرات الأسبوعية، والتي شملت المتظاهرين الذين قاموا بحركات إحتجاجية وأعمال شغب، طالت الطرق السريعة والقطارات والموانئ البحرية والمطار الدولي الوحيد في البلاد وغيره من المرافق العامّة.

وقد وصفتهم الحكومة بالفوضويين لإسقاط قيادة منتخبة ديموقراطياً.

بالعودة إلى اقتراحات التغييرات القضائية، تحاول الحكومة أولاً تغيير تشكيل اللجنة المكوّنة من تسعة أعضاء والتي تختار قضاة المحكمة، إذ سيعطي الإقتراح الممثلين والمعينين من الحكومة أغلبية تلقائية في اللجنة، مما يسمح للحكومة باختيار القضاة.

كما تريد الحكومة كبح ما تصفه بتجاوز المحكمة العليا، من خلال تقييد قدرتها بصورة كبيرة على إلغاء القوانين التي تعتبرها غير دستورية.

ويؤكد نتنياهو وحلفاؤه أنّ الخطة ستعيد التوازن بين السلطتين القضائية والتنفيذية، وتكبح جماح ما يرون أنه محكمة تدخل بتعاطف ليبرالي. كما أنّهم يسعون إلى إصدار قوانين من شأنها أن تمنح البرلمان سلطة إلغاء قرارات المحكمة العليا والحدّ من المراجعة القضائية للتشريعات.

أما بالنسبة الى منتقديها، يُنظر إلى المحكمة العليا على أنها المعقل الأخير للنخبة العلمانية والمتحدرين من الوسط من يهود أوروبا الذين سيطروا على الدولة خلال عقودها الأولى.

بدورهم اليهود المتدينون، وخصوصاً الأرثوذكس المتطرفون، ينظرون إلى المحكمة على أنّها عقبة في طريقهم في الحياة.

وكثيراً ما عارضت المحكمة بعض الامتيازات والإعانات المالية للحريديم (يعتبر اليهود الحريديم أن التوراة دستورهم الملزم، وليست قوانين الدولة، وهم في الأصل، ومن حيث المبدأ، معادون للحركة الصهيونية والدولة)، وعلى وجه الخصوص، رفضت المحكمة قراراً خاصاً يسمح لليهود الأرثوذكس المتطرفين بتأجيل الخدمة العسكرية لصالح الدراسة الدينية، مما أثار غضب الزعماء الدينيين. كما يرى الاسرائيليون اليمينيون الذين يريدون ترسيخ المستوطنات الاسرائيلية في الضفة الغربية المحتلة أنّ المحكمة خصم.

من هنا، فالائتلاف الحاكم لنتنياهو، الأكثر محافظة من الناحية الدينية واليمينية في تاريخ إسرائيل، يرى أن القضاء منح نفسه سلطة أكبر على مرّ السنين، خصوصاً أنّ المحكمة العليا لا تمثّل تنوّع المجتمع الإسرائيلي.

مواقف معارضة لنتنياهو:

واجهت خطة نتنياهو لاصلاح القضاء معارضة، بحيث حثّ الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتزوغ على وقف فوري للتغييرات القانونية، ودعا الحكومة إلى تنحية الإعتبارات السياسية جانباً من أجل الأمة. وخاطب نتنياهو: “الأمة بأكملها تنبض بقلق عميق، إستيقظ الآن!”

بدوره، قال رئيس الوزراء السابق نفتالي بينيت، الحليف السابق، الذي تحوّل إلى منافس لنتنياهو: “إن إسرائيل في حالة انهيار ساحق لفقدان السيطرة”. وأضاف: “لم نمرّ بمثل هذا الوضع الخطير منذ 50 عاماً”.

وكان جالانت أول عضو بارز في حزب “الليكود” الحاكم قد إنتقد نتنياهو، قائلاً: “إن الانقسامات العميقة تهدّد بإضعاف الجيش”….

من جهته، زعيم المعارضة يائير لبيد أكّد أنّ الأزمة تدفع إسرائيل إلى حافة الهاوية. وقال: “أمننا القومي في خطر، واقتصادنا ينهار، وعلاقاتنا الخارجية في أدنى مستوياتها على الاطلاق، ولا نعرف ماذا نقول لأطفالنا بشأن مستقبلهم في هذا البلد”. أضاف: “لقد وقعنا رهائن بأيدي مجموعة من المتطرفين بلا مكابح ولا حدود”.

قلق أميركي وغربي:

لا شكّ في أنّ الإضطرابات أوصلت إلى مزيد من الإنقسام في إسرائيل، مما أدى إلى تضخيم الخلافات الطويلة والمستعصية حول شخصية الدولة التي مزقتها منذ إنشائها. وهذا ما حدا بالادارة الأميركية الى الإعلان عن قلقها وتخوّفها من التطوّر المتسارع للأوضاع داخل إسرائيل.

كما أعرب المتحدث باسم مجلس الأمن القومي أدريان واتسون، عن قلق عميق إزاء التطورات التي حدثت في إسرائيل، والتي تؤكّد بصورة أكبر على الحاجة الملحّة للتوصّل الى حلّ وسط.

من جهته، عبّر المتحدث باسم المستشار الألماني أولاف شولتز عن قلق ألمانيا من التطورات الأخيرة في إسرائيل، وقال: “نحن صديق مقرب لإسرائيل، وبالطبع نحن لا نتدخل في الشؤون الداخلية لدولة أخرى. ومع ذلك، فإنّنا نتابع بقلق ما يحدث في إسرائيل في الأيام والساعات الأخيرة”.

السؤال الآن: إلى أين يتجه كلّ هذا؟ ماذا يعني كلّ هذا بالنسبة الى مستقبل السياسة الاسرائيلية؟ وربما الأهم من ذلك، ما الذي يمكن أن يعنيه ذلك للفلسطينيين؟

إشترك بالقائمة البريدية

شارك المقال