تراشق “التيار” و”القوات”… تقاتل على مكان دفن الميت؟

هيام طوق
هيام طوق

لا يكاد “التيار الوطني الحر” يفتح حرب بيانات وتصريحات هجومية عنيفة على جهة سياسية حتى ينتقل الى جبهة أخرى مع جهة أخرى، لتطال شظاياها أغلب الأحزاب والتيارات السياسية اللبنانية. فبعد الهجوم على الرئيسين نبيه بري وسعد الحريري، نراه ينتقل الى جبهة جديدة: “القوات اللبنانية” ناسفاً كل أوراق التفاهم وبنود اعلان النوايا والمصالحات. فشن رئيس “التيار” جبران باسيل هجوماً عنيفاً على رئيس “القوات” سمير جعجع، الذي أكد ان المعركة الراهنة لا تتصل بحقوق المسيحيين ولا بصلاحيات الرئاسة بل المقصود بكذبة تحصيل حقوق المسيحيين تأمين المستقبل السياسي لباسيل.

البيانات والبيانات المضادة أعادت الشارع المسيحي إلى أيام الحرب الأهلية التي لم تبلسم جراحها بعد، في ظل كثرة الحديث عن اقتناء الأسلحة، ما أدى إلى ردود فعل شاجبة لتلك المناكفات خصوصاً على وسائل التواصل الاجتماعي اذ سأل الكثيرون: لماذا النبش في القبور وكل هذا الحقن في مثل هذا الظرف الدقيق الذي يعاني منه البلد.

ولكن، على الرغم من خطورة الاتهامات والاتهامات المضادة، فإن ما توجه به باسيل في خطابه إلى الأمين العام لـ”حزب الله” بالقول: “أنا اليوم أُريد أن أستعين بصديق هو سماحة السيد حسن نصر الله، لا بل أكثر من هذا، أنا أريده حكماً وأميناً على الموضوع، لأني أثق به وبصدقه وأأتمنه على موضوع الحقوق”، يجسد الخطر الأكبر بالنسبة للمسيحيين الذين يعتبرون أن باسيل فوض حقوقهم إلى نصرالله من أجل مساعدته على الوصول إلى سدة رئاسة الجمهورية، وتأمين انتخابه على الرغم من العقوبات الأميركية عليه ، وربما الأوروبية أيضاً.

يأتي ذلك وسط تحضير البطريرك الماروني بشارة الراعي والقادة الروحيون للقاء البابا في الأول من تموز المقبل للبحث في إمكان المحافظة على الكيان اللبناني ودعمه. وقد سأل الراعي في عظته الأحد الماضي السلطة السياسية: “عن أي صلاحيات تتكلمون؟ هل تريدون إطعام الشعب بالصلاحيات؟ وتوفير الدواء بالصلاحيات؟ ورد أموال المودعين بالصلاحيات؟ ووقف الهجرة بالصلاحيات؟ وتأمين المحروقات بالصلاحيات؟ وإيجاد فرص عمل بالصلاحيات؟ تتحدثون عن صلاحيات وحقوق وجميعكم تتصرفون خارج الدستور وخارج الصلاحيات”.

واعتبر مصدر كنسي في تصريح لـ”لبنان الكبير” أن صوت الراعي الصارخ في البرية يعبر عن امتعاض الكنيسة من القادة المسيحيين، الذين لا يفوتون مناسبة في نكء جراح الماضي بدلاً من أن ينصرفوا إلى التفكير بخلاص لبنان وشعبه، وهم لا يستجيبون لدعوات البطريرك المتكررة في العمل للمصلحة الوطنية وكل ما يقومون به الآن هو التقاتل على مكان دفن الميت.

وقال المصدر الكنسي: “من المفروض أن يتنازل كل من شارك في الحرب الأهلية لصالح أصحاب الضمير ليحكموا البلد وإلا على الدنيا السلام”، متوجهاً إلى السياسيين المسيحيين بالقول: “هذا الوطن ليس ملكاً لكم، ولا يحق لكم أن تهدروه”، داعياً إياهم إلى “التوبة وتحكيم لغة الضمير لإعادة بناء البلد والمستقبل للأجيال القادمة”.

عظة البطريرك التي استبقت إطلالة باسيل التلفزيونية، والتي جاءت لتؤكد بشكل أو بآخر أن الأولوية اليوم لإنقاذ لبنان وليس للهو بالصلاحيات، لأننا “لا نشكو من قلة صلاحيات بل من قلة مسؤولية”، زادت من إحراج باسيل الذي يبذل قصارى جهده لقطع الطريق أمام عملية التشكيل الحكومي، هو الذي يحاول دائماً استثارة عصب الشارع المسيحي من خلال مسألة “تحصيل الحقوق” وهو اليوم يستعين بصديق لتحقيق الطموحات. إلا أن مصادر اعتبرت أن الاستعانة بالسيد نصرالله تنطوي على رسالة عتب من باسيل لـ”حزب الله” الذي لم يقف إلى جانبه في معركة التأليف خصوصاً وأنه يعتبر نفسه مستهدفاً، لكن ما غفل عنه باسيل أن الحزب لا يمكن أن يقف إلى جانبه على حساب الرئيس بري.

عضو “تكتل لبنان القوي” النائب أسعد درغام قال لـ” لبنان الكبير”: “لا يجوز إعطاء الموضوع أكثر من حجمه وتصوير باسيل كأنه فوض السيد نصرالله في الدفاع عن حقوق المسيحيين، لأن باسيل قصد من خلال الاستعانة بصديق في الوساطة الحكومية بعدما شعرنا أن الرئيس بري الذي كان وسيطاً تحول إلى طرف في التأليف، وبالتالي استعان بالسيد نصرالله ليكون هو الوسيط لأنه نزيه وشفاف وصولاً إلى رفع الغبن الذي نشعر به واستهداف العهد من قبل تحالف المستقبل والمردة وأمل والقوات”.

بالمقابل، قال عضو “تكتل الجمهورية القوية” النائب عماد واكيم لـ”لبنان الكبير”: “باسيل يحاول من خلال هكذا بيانات شد عصب الناس، لكنه لا يعرف أن الناس أصبحت في مكان آخر، وأن المزاج الشعبي تغير، ولم يعد يُخفى على أحد التمييز بين الخيط الأبيض والخيط الأسود… باسيل يتصرف كولد معه دمية ورئيس الجمهورية وضع كل صلاحياته بتصرف صهره ، ومن هنا تأتي قوته “، معتبراً أن ” كل ما يهم باسيل هو مستقبله السياسي وضمان وصوله إلى الكرسي الرئاسي والتفلت من العقوبات الأميركية، ولا يعنيه مصير البلد وشعبه لا من قريب ولا من بعيد ، وبالتالي هو يستعين بـ”حزب الله” لينجو من العقوبات ويصل إلى الرئاسة”.

 

شارك المقال
ترك تعليق

اترك تعليقاً