واشنطن والنووي الروسي في بيلاروسيا

حسناء بو حرفوش

ما الذي يعنيه وضع الأسلحة النووية في بيلاروسيا بالنسبة الى الولايات المتحدة؟ يعلق خبير لموقع مجلة “نيوزويك” الالكتروني بالقول: “إن نقل روسيا هذه الأسلحة التكتيكية إلى بيلاروسيا قد يشكل تصعيداً، لكنه يكشف في الوقت عينه أن تهديدات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين النووية جوفاء”.

وحددت التلميحات والتهديدات المباشرة باستخدام الأسلحة النووية مسار حرب أوكرانيا منذ بداية الصراع الشامل في شباط 2022، وأثرت على تفكير دول الناتو التي تؤمن المساعدات إلى كييف. وأعلن فلاديمير بوتين أن موسكو ستنشر أسلحة نووية لأول مرة منذ عقود في بيلاروسيا، التي أثبتت أنها واحدة من أقوى حلفاء روسيا، خصوصاً وأن زعيمها القوي ألكسندر لوكاشينكو، دعم حرب موسكو في أوكرانيا.

وقال بوتين لوسائل إعلام رسمية إن منشأة تخزين في بيلاروسيا ستضم أسلحة نووية تكتيكية ابتداء من الأول من تموز. وأشار إلى أن هذه الخطوة لن تنتهك اتفاقيات عدم الانتشار، مضيفاً: “ليس هناك شيء غير عادي في ذلك الاجراء”. كما لفت بوتين الى أن روسيا نقلت بالفعل عدداً غير محدد من أنظمة صواريخ “إسكندر” إلى بيلاروسيا. وهذه الأنظمة قادرة على حمل أسلحة نووية.

وقال مسؤول كبير في الادارة الأميركية في أعقاب الاعلان إن الولايات المتحدة “لم تر أي سبب لتعديل وضعنا النووي الاستراتيجي”. وأشار المسؤول الى أنه لا توجد “مؤشرات على أن روسيا تستعد لاستخدام سلاح نووي” لكن الولايات المتحدة “ستواصل مراقبة هذا الوضع”.

واعتبر معهد دراسات الحرب ومقره واشنطن السبت أنه على الرغم من الاعلان، لا يزال خطر التصعيد إلى حرب نووية “منخفضاً للغاية”، بحيث هدد بوتين مراراً وتكراراً “باستخدام الأسلحة النووية من دون أي نية للتنفيذ، لكسر العزم الغربي”.

ومع ذلك، يعد هذا تصعيداً وفقاً للعقيد المتقاعد اميش دي بريتون جوردون، المتخصص في الدفاع الكيميائي والبيولوجي والاشعاعي والنووي في المملكة المتحدة وحلف شمال الأطلسي. وأضاف أندرو فيوتر، أستاذ السياسة الدولية في جامعة ليستر بالمملكة المتحدة، أن الوضع يؤشر بالتأكيد الى تغيير عن فترة ما بعد الحرب الباردة. وقال دي بريتون جوردون لمجلة “نيوزويك”، إن ذلك يعني الانحراف عن السياسة النووية المتبعة خلال الأعوام الثلاثين الماضية، هو أيضاً “خطأ استراتيجي هائل”.

وأكد أن بوتين أثبت أن تهديداته النووية “جوفاء”، مضيفاً: “لا أعتقد أن لديه أي أوراق متبقية ليلعبها”، مضيفاً أن هناك العديد من الجنود الأميركيين المتمركزين في جميع أنحاء أوروبا، وهو ما سيشكل “مصدر قلق”، وإن كان “التأثير أكبر من ذلك بكثير في أذهان الدول الأوروبية”.

ومع ذلك، اعتبر فيتر أنه من غير المرجح أن تتأثر الولايات المتحدة بصورة مختلفة عن دول الناتو الأخرى. وأضاف دي بريتون جوردون أن هذه الخطوة أيضاً تدفع بيلاروسيا إلى الحرب، معتبراً أن “بيلاروسيا هي الهدف الآن”.

وهذا ما شددت عليه سفيتلانا تسيخانوسكايا، زعيمة المعارضة البيلاروسية المقيمة في المنفى، والتي حذرت من أن وضع أسلحة نووية في بيلاروسيا يجعل البلاد “هدفاً محتملاً للضربات الوقائية أو الانتقامية”. وكتبت في تغريدة على “تويتر” أن هذا “التطور غير مقبول ويتعارض بصورة صارخة مع إرادة الشعب البيلاروسي”.

وليس من الواضح ما هي التداعيات العسكرية لهذه الخطوة. يقترح بعض الخبراء أنها قد تضع دول الناتو مثل بولندا وليتوانيا ضمن نطاق التهديد، لكن آخرين يجادلون بأن دول الناتو هذه لطالما كانت موجودة في مجال الأسلحة النووية بعيدة المدى لروسيا.

وجادل فيوتر بأن ذلك “لا يغير شيئاً حقاً”، بحيث “يمكن لروسيا بالفعل نشر أسلحة نووية تكتيكية، أو أسلحة نووية غير استراتيجية قصيرة المدى، بالقرب من حدود دول الناتو وبالقرب من حدود أوكرانيا، بحيث لا يغير ذلك أي شيء”. وقال إن لدى الولايات المتحدة أسلحة نووية منتشرة في جميع أنحاء أوروبا، وهناك “علامات استفهام” حول ما يعنيه بالضبط بالنسبة الى روسيا لنقل الأسلحة النووية إلى بيلاروسيا. وأضاف فيتر أنه لا يبدو أن موسكو هي التي أعطت مينسك أسلحة نووية، وإنما بنت “منشآت تخزين للأسلحة النووية الروسية، ربما في القواعد الروسية في بيلاروسيا”. ومع ذلك، “من المحتمل أن يزيد ذلك من مخاطر حدوث أخطاء، يضيف فيوتر. فكلما قل التحكم المركزي بالأسلحة النووية، زادت احتمالية حدوث أخطاء في الحسابات ولو كانت صغيرة جداً”.

شارك المقال