صواريخ آية الله

الراجح
الراجح

قبل إعلان الاتّفاق السّعودي – الايراني كان النظام الفارسي في طهران أمام فرصة تاريخية حقق من خلالها أحلامه التوسّعية والتي أتَتْه على طبق من ذهب. هذه الفرصة التاريخية بذل لأجلها، وللأسف، أقل جهد ممكن لأن من يعتبرهم هذا النظام أعداء أو منافسين أو خصوماً قدموا له من الخدمات ما كانت تحتاج منه مراحل ودماء وحروب كي يستطيع الحصول عليها.

الأحلام التي تراود هذا النظام من طبيعة واحدة لا تتغير حتى ولو تغيرت فلسفة حكمه من إمبراطورية كسروية إلى إمبراطورية شاهنشاه أو “إمبراطورية إسلامية”، وحتى لو تغيرت القوى التي كانت تصدّه دائماً سواء كانت عربية إسلامية أو عثمانية أو حتى الاسكندر المقدوني اليوناني.

إنه حلم حكم الوطن العربي الذي زحفت لأجله جيوش هذا النظام في عهد الإمبراطورية الفارسية الأولى نحو اليمن جنوباً ومصر غرباً ولبنان على ساحل البحر الأبيض المتوسط.

نجح الفرس كثيراً في القدم، لكن نتائجَ زحفهم كانت تنتهي دائماً بهزائم وانحسار إلى ديارهم… إلى أن قدّم لهم العرب هويّتهم وعقيدتهم الإسلامية بعد معركة القادسيّة بقيادة سعد بن أبي وقّاص والتي أسقطت آخر كسرى فارسي حكمهم وهو رستم فرخزاد وأدخلت بلادهم ديار الإسلام.

لن ندخل في تفاصيل المسار التراجعي للعرب وعلى امتداد فترة تاريخيّة ليست بالقصيرة، حيث أنتج هذا المسار أنظمة عقيمة أغرقت الوضع العربي في التخلّف والتسلّط والفرقة والعزلة عن الناس وهمومها وقضاياها.

لا بد لنا أن نعرف أن هذه الظروف تنتج ومضات ينجح المستعدّون في إقتناص نورها الذي يرشدهم إلى أهدافهم.

كان شاه إيران يطمح الى تمثيل دور شرطي الخليج العربي ومرعبه في آن حتى استطاع عام 1971 احتلال ثلاث جزر عربية تابعة لدولة الامارات العربية المتّحدة وهي أبو موسى وطَنَب الكبرى وطَنَب الصغرى؛ وكان في برلمانه ثلاثة مقاعد تمثل مملكة البحرين في إشارة إلى أن هذه المملكة العربية هي جزء من التاج الفارسي.

جاء الامام الخميني بعد حوالي عشر سنوات تحت الرايات الإسلامية ليطرح مشروعاً شاملاً تصبح إيران بموجبه شرطي الأمة العربية كلها والوصول إلى مصادرة قضية العرب الأولى “فلسطين”، وهذا يبدأ باجتياح العراق (لهذا كانت الحرب العراقية – الإيرانية) وبعدها التمدّد في سوريا ولبنان.

لم يكن ممكناً لشاه إيران القيام بهذا الدور بسبب النزاع القومي العربي – الفارسي، لكن الامام الخميني أمكنه ذلك برداءٍ إسلاميّ شامل حيث تصبح فيه العروبة “أداة زم” وعصبية جاهلية لا بد من اقتلاعها لمصلحة الإسلام. أما الفارسية بردائها الإسلامي فهي حماية كافية لها.

نجحت إيران واستفادت من تحول الصراع الميداني… وحتى النظريّ، مع العدو الصهيوني، من صراع قومي إلى صراع ديني بين المسلمين، أو بالأصح بين حركاتهم السياسية العسكرية (حزب الله، حماس، الجهاد الإسلامي)، وبين اليهود وحركتهم السياسية العسكرية الصهيونية.

كيف قرأ الإيرانيون حرب تموز بعد انكشاف الورقة السرية المتعلقة بقدرة “حزب الله” وصواريخه ودوره الذي استُنْفِذ للنهاية بتوقيع القرار 1701؟

القراءة كانت أن القتال على الحدود الجنوبية للبنان لم يعد يجدي، وعليه فإلى “الداخل دُرْ”. ولا لزوم لتعداد ما مرّ ويمرُّ به البلد منذ ذاك التاريخ وحتى أيامنا هذه.

هنا يأتي السؤال حول الاتفاق السعودي – الإيراني وعلاقته بلبنان!

ما حصل في الأسبوع الماضي من إطلاقٍ للصواريخ مع عدم أهمية الوصول الى تسمية الجهة المسؤولة عن إطلاقها، لأن الأهم هو معرفة ما إذا كان الاتفاق يستثني مسألة الصراع الإيراني – الإسرائيلي عبر الساحة اللبنانية أم لا؟ وإلى تحقيق الجواب سنكون دائماً بانتظار صواريخ آية الله.

شارك المقال