“لبنان الكبير” حقيقة أم حلم؟

صلاح تقي الدين

عشية الاحتفال بمئوية اعلان دولة لبنان الكبير تساءل الكثيرون عما إذا كان هذا الوطن الذي حلم به الأجداد وسعوا لكي يكون الوطن النموذجي للتعايش في المنطقة ونجحوا في رسم حدوده الجغرافية، على قدر الطموحات التي راودتهم، فانقسمت الأجوبة بين إيجابي وسلبي، ذلك أن حلم التعايش في وطن نموذجي عكّرته انقسامات عمودية بدأت سياسية وتحوّلت مع الأسف طائفية تجلّت في حروب أهلية متعددة تكررت في حقبات عديدة من تاريخه.

وإلى حانب الفشل في تحقيق الاستقرار السياسي والاقتصادي عبر العهود المتعاقبة، فإن الانهيار الكبير الذي أصاب لبنان نتيجة سياسة الغباء والعنصرية التي مارسها عهد الرئيس السابق ميشال عون، فاقمت الأزمات التي أصابت الدولة في مؤسساتها وهيكلها، ولحقت بمختلف القطاعات عواصف أدت إلى إقفال مؤسسات عريقة، وزادت من نسبة البطالة بين شباب لبنان وشاباته ما دفع كثيرون منهم إلى التفكير في الهجرة لعدم اطمئنانهم إلى مستقبل زاهر يتوقون إليه في وطنهم.

ولم يكن الاعلام قطاعاً مستثنى من الانهيار فأقفل العديد من المؤسسات الاعلامية العريقة أو احتجب بسبب الضائقة المالية، وبات لبنان الذي كان واحة للتعبير الحر والتطور الاعلامي يحتل مرتبة متأخرة بين الدول العربية في هذا القطاع بعدما كان ريادياً ومواكباً للتحول من الاعلام والصحافة التقليدية إلى الاعلام الرقمي والالكتروني.

غير أن الارادة والتصميم اللذين يتميّز بهما صحافي شاب متمرّس في أًصول المهنة يدعى محمد نمر، دفعاه إلى مغامرة إنشاء موقع إلكتروني إخباري مستقل أراد أن يكون صورة عن “لبنان الكبير” الذي حلم به الأجداد والآباء، فكان ظهور الموقع الالكتروني الذي حمل الاسم المغزى وانطلق في رحلة تثبيت الموقع كمنصة إعلامية متطورة رائدة مواكبة لكل جديد في عالم الاعلام.

ونجحت مغامرة “النمر” فأصبح موقع “لبنان الكبير” رائداً بين المواقع الالكترونية الاخبارية، معتمداً على الصدقية أولاً وعدم الدخول في لعبة بث الأخبار المسمومة التي تسعى المواقع التي تطلقها إلى الحصول على أكبر عدد ممكن من المتابعين، وواكب التطور الاعلامي الرقمي متعاوناً مع صحافيين من أصحاب الخبرة الطويلة وشبان يملكون الارادة والتصميم والرغبة في أن يصبحوا “صحافيين” بكل ما تحمل الكلمة من معنى.

ولأن محمد نمر صحافي منتسب إلى نقابة محرري الصحافة اللبنانية، أراد أن يفتح المجال أمام الصحافيين الشبان العاملين في الموقع ليكونوا “زملاء” له من خلال انضمامهم إلى النقابة، فقدّم طلبات لكل العاملين في الموقع من المستحقين والمستوفين لشروط الانتساب إلى نقابة محرري الصحافة وتم قبولهم في الجلسة الأخيرة التي عقدتها لجنة الجدول النقابي، فأصبح موقع “لبنان الكبير” من أكثر المواقع الالكترونية في لبنان الذي يضم صحافيين مسجلين على الجدول النقابي.

وفي الذكرى الثانية لتأسيس الموقع، لا يسعني وأنا أحد كتّاب هذا الموقع، إلا أن أتمّنى للزميل الصديق كل التوفيق في “مغامرته” التي أعلم أنها لا تتوقف عند تثبيت الموقع بين رواد الصحافة الالكترونية فحسب، بل يسعى إلى تطوير عمله الاعلامي في مشاريع أكثر طموحاً.

وإذا كان “لبنان الكبير” كدولة حلماً لدى الأجداد توارثناه وسعينا الى تثبيته وطناً جميلاً لكل أبنائه، فإن موقع “لبنان الكبير” أصبح حقيقة ساطعة ثابتة ستستمر على أمل أن يكون قدوة في المسار الاعلامي الذي ميّز لبنان يوماً.

شارك المقال