هدوء الثورة الايرانية لا يعني نهايتها

حسناء بو حرفوش

حظيت المظاهرات الايرانية التي اندلعت الخريف الماضي بعد مقتل الشابة مهسا أميني، بتغطية إعلامية مكثفة في جميع أنحاء العالم. ولكن في هذه الآونة، أصبحت التقارير أكثر هدوءاً، فهل يعني ذلك نهايتها؟

على الرغم من أن وسائل الاعلام الدولية لا تسلط الضوء كثيراً على ما يحدث في الداخل الايراني، تجزم شيرين عبادي في مقابلة حديثة لموقع “منظمة القلم النروجية” (PEN Norway) في أوسلو أن “هناك ثورة نسوية كبيرة يشارك فيها كل من الرجال والنساء”.

وعبادي هي محامية إيرانية وقاضية سابقة وناشطة سياسية حائزة على جائزة نوبل للسلام، ودعت تيارات المعارضة إلى التعاون لأنها تعتبر أن “الناس يريدون اسقاط الحكومة وها هي قد بدأت بالتعثر”. وأضافت: “في السابق، كان هناك تياران سياسيان. وكان الانقسام قائماً بين الأشخاص الذين يريدون الاستمرار كجمهورية وأولئك الذين يريدون عودة النظام الملكي”.

وتمت الإطاحة بالملك شاه محمد رضا بهلوي في العام 1979 ، ومن ثم تأسست الجمهورية الاسلامية في وقت لاحق. وحسب عبادي، “يريد العديد من الايرانيين، داخل البلاد وخارجها، عودة نظام الحكم القديم. ولكن الخلاف بين التيارين ساهم في تمديد حالة سيطرة الحكومة على السلطة في إيران”.

ولفت المقال إلى أن “النظام يقوم بقمع المحتجين بشدة. وتعرض ما يقرب من 20 ألف متظاهر للاعتقال، وحُكم على العديد منهم بأحكام طويلة أو بالاعدام. كما قُتل نحو 500 متظاهر على أيدي قوات الأمن، وفقاً لمنظمة حقوق الانسان الايرانية. وتعمل منظمة القلم النروجية ومنظمة العفو الدولية والأمم المتحدة والعديد من المنظمات الأخرى لمساعدة السجناء السياسيين في إيران”.

ويتابع كاتيل سيلفيك، الباحث في المعهد النروجي للشؤون الدولية، والمتخصص في قضايا الدولة والنظام في الشرق الأوسط، بما في ذلك إيران، الاحتجاجات عن كثب.

ويقول: “الاحتجاجات ليست حادة كما في الخريف الماضي، عندما كانت هناك مظاهرات يومية في الشوارع. لم نعد نرى ذلك الآن. لم نعد نتلقى تقارير يومية وأسبوعية عن الاحتجاجات، لكن الناس في إيران يواصلون التعبير عن استيائهم. ربما الاحتفال بعيد النوروز، أي رأس السنة الايرانية الجديدة، هو أحد الأسباب التي أدت إلى تباطؤ حركة الاحتجاجات قليلاً.

لكن المتظاهرين ما زالوا مستمرين. وتشتعل الاحتجاجات طوال الوقت. ولا يمكن أصلاً أن يختفي الغضب والاستياء اللذين تسببا باحتجاجات الخريف الماضي في أي حال من الأحوال، ومنذ ذلك الحين، كان من الصعب على النظام قمعها. لم يعرف من يلاحق. أما الآن فلديه الوقت للتفكير في الأمر ولتحديد ما يعتبره أخطر خصومه، ويخضعهم للمراقبة والسجن والتعذيب”.

“على الرغم من أن جميع الاحتجاجات تشكل تحدياً، إلا أنها لم تؤد إلى انقسامات مفتوحة في الأجهزة الأمنية أو رفض الأوامر أو غيرها من التصدعات في السلطة الضرورية لسقوط النظام”. وعلى الرغم من أن الاحتجاجات لم تتسبب بانقسامات داخل النظام، لا يمكن لأي أحد أن ينكر أن ما يحدث في إيران الآن هو حركة ثورية. المحتجون لا يريدون إصلاح النظام من الداخل كما حاولت حركات إيرانية أخرى في الماضي”.

ويعتقد سيلفيك أن من الصعب حسم نجاح المحتجين. ويضيف: “اليوم ليس هناك ما يشير إلى أن النظام على وشك السقوط. قد يبدو أن القمع ترك تأثيراً، لكن ما يحدث على المدى المتوسط لا يزال سؤالاً مفتوحاً”. وتختم عبادي برأي مغاير: “الثورة تسير في الاتجاه الصحيح. والفوز لنا! هذا أمر مؤكد”.

شارك المقال