من المرتقب أن ينعقد اللقاء الخماسي الذي يضم فرنسا والولايات المتحدة والسعودية ومصر وقطر بعد عيد الفطر، لمناقشة الملف اللبناني وخصوصاً مسألة انتخاب رئيس الجمهورية، إذ هناك تضارب في المعلومات حول ما إذا كان سيطرح الأسماء، ويغربلها وصولاً الى التوافق على اسم أو أن الأمور لم تصل بعد الى هذه المرحلة، مع العلم أن المعطيات تشير الى وجود قناعة لدى غالبية المشاركين بأن يكون الرئيس المقبل من خارج منظومة الفساد على اعتبار أن المطلوب رئيس يجيد إدارة الأزمة للخروج منها، ولا يعيد المنظومة المتهالكة التي أوصلت البلد إلى ما هو عليه.
وفيما الاتصالات مستمرة بين الدول المعنية، من المقرر أن يعود الموفد القطري محمد عبد العزيز الخليفي، الى لبنان بعد عيد الفطر، في جولة ثانية على المسؤولين والقيادات والأقطاب، لحضهم على إسقاط المرشحين الاستفزازيين مثل سليمان فرنجية وميشال معوض، والذهاب نحو اسم ثالث وسطي وانقاذي لأن البلد لا يقوم الا على التوافق بين جميع أبنائه وفق ما قال أحد المطلعين لموقع “لبنان الكبير”، تكثف قوى المعارضة في الداخل، ضغوطها واتصالاتها لكسر معادلة رئاسة الجمهورية لـ8 آذار مقابل رئاسة الحكومة لـ14 آذار، لكنها لم تتمكن حتى اليوم من التوافق على اسم جديد، تفرضه على طاولة المتحاورين في حين أن الثنائي الشيعي لا يزال يتمسك بمرشحه سليمان فرنجية.
وفي ظل التطورات الايجابية في المنطقة اثر الاتفاق السعودي – الايراني، ينتظر كثيرون أن ينعكس حلحلة في الأزمات اللبنانية المتعددة، وبما أن تنفيذ بنوده يسير بسرعة قياسية، فهناك من يقول ان لبنان سيسمع أخباراً ايجابية خلال الأسابيع القليلة المقبلة، لأن هناك عملا دؤوباً لتسريع الحل على الرغم من بعض المتشائمين الذين يعتبرون أن لبنان ليس ضمن الأولويات، وربما ملء الشغور قد يطول 6 أشهر اضافية أو سنة بأكملها.
وسط هذه الأجواء، لا بد من طرح بعض الأسئلة: لماذا الحديث عن حلحلة بعد عيد الفطر طالما ليس هناك من معطيات جديدة وجدية توحي بذلك؟ وهل دخل لبنان فعلاً في مدار التسوية التي ستظهر نتائجها خلال أسابيع قليلة حين تحين اللحظة الاقليمية المؤاتية؟ وماذا لو استبقت المعارضة اللقاءَ الخماسي، واتحدت حول مرشح تفرضه على طاولة مباحثات الدول المعنية التي تحاول ايجاد مخرج للمأزق الرئاسي؟
في هذا السياق، رأى النائب عماد الحوت أن “كل ما يحكى عن تواريخ قريبة لانتخاب الرئيس، تكهنات اذ هناك من يريد بث الأجواء الايجابية لأنها تخدم معركته الرئاسية، لكن الى اللحظة لا شيء جدي، ومن الواضح أن الانتخابات الرئاسية لن تحصل قبل القمة العربية، وربما لن تكون هناك فرصة حقيقية لملء الشغور قبل شهر حزيران المقبل، مع التأكيد أن المعطيات تتغير في أي لحظة، ونصبح أمام واقع جديد”.
وأشار الى أن “لبنان لم يدخل بعد في مدار التسوية، لكن يمكن في أي لحظة حصول ذلك، فهو اليوم ليس على طاولة التفاوض بين المملكة العربية السعودية وايران”، معتبراً أن “المشكلة في اللقاء الخماسي أنه لا يأخذ في الاعتبار الرغبة اللبنانية انما كل فريق يركز على مصالحه لا سيما فرنسا التي تركز على مصالحها الاقتصادية في لبنان، وهي مستعدة أن تضحي بقوى المعارضة لتحقيق هذه المصالح، وتظن أن حزب الله وحده يستطيع أن يؤمن لها أهدافها الاقتصادية”.
وأوضح أن “اللقاء الخماسي ربما سيكون على مستوى وزراء الخارجية، وهذه نقطة ايجابية، وإذا استمر الموقف السعودي سلبياً تجاه فرنجية، فحكماً سيعيد الفرنسيون حساباتهم. ستكون هناك سلة أسماء تطرح من منطلق فتح الخيارات أمام آفاق جديدة”، مشدداً على أن “اتفاق الدول الخمس على اسم صعب من دون الاستعانة بوجهات نظر الفرقاء في لبنان، وهذا ما يقوم به الموفد القطري”.
أما النائب بلال عبدالله فأكد أن “ليس هناك أي جديد أو أي مؤشر ايجابي يوحي بأن الحل قريب، والسبب يعود الى توتر اللبنانيين، وربما خوف البعض من التسوية”، متسائلاً: “لماذا لا نستفيد من الجو الاقليمي القائم، ونتفق على اسم الرئيس المقبل؟ لماذا لا تكون لدينا الجرأة في التنازلات المتبادلة، وننتج حلاً؟”.
ولفت الى أن “طموحنا اليوم أن تصبح لدينا لقاءات في لبنان وليس للدول في الخارج”، شاكراً “الدول التي تعمل من أجل لبنان، لكن من الواضح أن مصالحها مختلفة ومعاييرها مختلفة”. وقال: “ليس واضحاً أننا دخلنا في المربع الايجابي على الأقل من خلال المواقف الداخلية، اذ أن التعطيل يواجه بتعطيل، والفراغ يواجه بفراغ آخر، والامتناع عن حضور جلسة يواجه بالامتناع عن حضور جلسة أخرى. لم نر أي روح تسوية جدية بين الفرقاء”. ورأى أن “ليس هناك اليوم من اصطفاف انما موزاييك متنوع”.
واعتبر أحد الوزراء السابقين أنه “طالما الثنائي الشيعي يتمسك، بمرشحه فرنجية، يعني أن لا انتخاب لرئيس الجمهورية قريباً، لأنه اذا لم يشارك في جلسة الانتخاب، فتفقد الميثاقية، وتلغى الجلسة، في حين أن كل الطوائف الأخرى مشرذمة. لكن السؤال اليوم: أين المعارضة؟ ولماذا لا تتحد وتتفق على اسم معين؟ ثم لو أن القوى المسيحية لا تريد فرنجية، لكانت اتفقت في ما بينها على اسم آخر”.
وأشار الى أن “اللقاء الخماسي المقبل سيطرح الأسماء، وسيكون على طاولة البحث أكثر من اسم، لكن هذا لا ينفع طالما الثنائي متمسك بفرنجية، والزيارات الديبلوماسية ومنها زيارة الموفد القطري الى بيروت، تأتي في اطار السعي الى محاولة ايجاد صيغة ما يتوافق عليها اللبنانيون، لكن لا شيء واضح حتى الساعة”.
واذ تمنى “أن تستمر الأجواء الايجابية في المنطقة، ولا تدخل أميركا على الخط، وتخرب ما يجري من تصالح وتوافق”، تساءل: “ماذا تعني العقوبات اليومية على حزب الله؟ هل تعني تسهيلاً لانتخاب الرئيس؟”، معرباً عن تخوفه تخوف من “شيء ما يتحضر يفرمل كل هذه الايجابيات، ولا أعتقد أن انتخاب الرئيس سيكون خلال الفترة القصيرة المقبلة”.