السودانيون في لبنان مستاؤون… المعركة بين الأخوة والأهالي ضحية الجنرالين

حسين زياد منصور

منذ تفجر الأزمة السودانية بين الجيش بقيادة الفريق عبد الفتاح البرهان وقوات التدخل السريع بقيادة الفريق حميدتي، وتطور الاشتباكات بينهما في ظل الضبابية لنتيجة هذه الحرب، يمر السودانيون في أزمة صعبة جداً، اذ يرون أن لا دخل لهم بهذه المعارك، بل هي نتاج صراع النفوذ بين الطرفين وارتباطات أخرى تتعلق بقوى إقليمية وعالمية لا دخل للشعب السوداني بها بل هو ضحيتها.

يعاني السودانيون بسبب هذه المعارك الدائرة، إن كان لناحية مقتل المئات واصابة آلاف المدنيين وفرار قسم كبير من النساء والأطفال باتجاه محافظات خارج الخرطوم، وخروج المستشفيات عن الخدمة وتلاشي مخزون المواد الغذائية التي أصبحت محدودة، وغياب الأمن لناحية توفير الحماية للمدنيين.

وفي لبنان، تعيش الجالية السودانية حالة من القلق بشأن سلامة أهاليها وأقاربها الموجودين في السودان، الى جانب عدم قدرتها على القيام بأي دور يفيد أو يساعد في حمايتهم، خصوصاً أنها تتلقى أخبار المعارك من وسائل الاعلام ومواقع التواصل الاجتماعي لصعوبة الاطمئنان على الأهل بسبب رداءة الاتصالات وانقطاعها بين الحين والآخر، مع العلم أن معظم السودانيين يعاني من تردي الأوضاع المعيشية بسبب الانهيار الاقتصادي.

يعبّر عدد من أبناء الجالية السودانية في لبنان لـ “لبنان الكبير” عن استيائهم مما يجري في وطنهم، خصوصاً أن البرهان وحميدتي لم يوقفا صراعهما واشتباكاتهما الا قليلاً من أجل اجلاء الرعايا الأجانب، ولم يهتما بالشعب السوداني الذي يتعرض في كل لحظة للرصاص والقصف وتدمير منازله.

حمزة: التواصل مع الأهالي شبه منقطع

وفي حديث لموقع “لبنان الكبير” يوضح آدم أحمد ابراهيم محمود الملقب بـ”حمزة” وهو السكرتير العام للنادي السوداني في لبنان، أن عدد السودانيين الموجودين في لبنان يقارب الـ 5 آلاف مع عائلاتهم وهو عدد ضخم، وجميعهم مستاؤون مما يجري في السودان بسبب الجنرالين اللذين يريدان السيطرة على السلطة.

وعن موقف الجالية، يقول حمزة: “نحن نريد توقف الحرب في أسرع وقت ممكن واحلال السلام وبناء وطن يليق بالشعب السوداني. ويجب أن تتوقف الحرب الآن على الأقل من أجل النساء والأطفال في وقت ليست هناك ممرات آمنة، وفي ظل غياب الدواء وتهدم المستشفيات وانعدام الحياة، متمنين على جميع القوى تحكيم العقل للعيش بسلام جميعاً من دون تفرقة وعنصرية تحت راية السودان الواحد، الدولة المدنية العادلة من أجل احقاق الحق، بعد ظلم فترة طويلة تحت حكم العسكر منذ الاستقلال”.

ويضيف حمزة: “القصف ترك آثاراً كبيرة جداً في أرجاء العاصمة كافة، وكان عشوائياً وهدم الكثير من البيوت. فمنذ بداية الحرب الجثث مرمية على الطرقات ورائحتها تفوح في الأرجاء، وجميع مناطق العاصمة غير آمنة نهائياً، بعض المواطنين يهرب الى باقي الولايات خارج العاصمة بصعوبة كبيرة في ظل القصف والمعارك المستمرة، وقصد بعضهم الذهاب الى المناطق النائية بعيداً عن الخرطوم على الرغم من صعوبة هذه الخطوة”.

ويؤكد أن “التواصل مع أهالينا متقطع أي شبه مقطوع إن كان عبر الانترنت أو مواقع التواصل الاجتماعي، بسبب تقطع الانترنت أو انقطاع الاتصالات، وذلك نتيجة ضرب شبكات الاتصال وهو ما أثر بصورة كبيرة في مشكلة التواصل مع أهالينا وأحياناً لا نجد طريقة للتواصل معهم، لكن بحسب ما يؤكدون، وخصوصاً من يعيش داخل العاصمة الخرطوم، أن الحياة معدومة نهائياً، لغياب الأمن والأمان، والمياه والدواء والمأكل والكهرباء، وأصبح الناس في منازلهم غير آمنين بعد تحول المعارك الى حرب شوارع وعصابات بين الفريقين اللذين تلجأ مجموعات منهما الى نهب المنازل وسرقتها والاعتداء عليها”.

ويشير أحمد من الجالية السودانية في لبنان الى أنه يقضي معظم وقته متابعاً ما يجري في بلده، خصوصاً لصعوبة التواصل الدائم مع أهله الموجودين في منطقة حساسة في العاصمة الخرطوم حيث المعارك على أشدها بين الجيش والتدخل السريع، والرصاص الطائش يحيط بالمبنى فضلاً عن الخوف الدائم من قصف الطيران الحربي الذي يؤدي الى تدمير المباني بأكملها، ما يدفع الناس أيضاً الى عدم الخروج من منازلهم خوفاً من سقوط القذائف والصواريخ عليهم.

ومن جهة أخرى، يؤكد أن الموت يطارد المواطنين في كل لحظة إن كان لناحية القصف المتواصل أو لانعدام الغذاء وانقطاع الدواء ونهب الصيدليات وتهديم المستشفيات، معتبراً أن هذه المعركة لا دخل للشعب السوداني بها بل هو ضحية الجنرالين والصراع بينهما. ويعرب عن حزنه الكبير لوجود أخيه ضمن قوات الجيش التي تحارب في الخرطوم قوات الدعم السريع التي انضم اليها أبناء عمومته، أي أن هذه المعركة وضعت الأخوة وأولاد العم في مواجهة بعضهم البعض.

شارك المقال