الايرانيات من “لا” للحجاب الاجباري… إلى “نعم” لموت الديكتاتور

فاطمة حوحو
فاطمة حوحو

منذ اندلاع الانتفاضة الشعبية في إيران على أثر وفاة مهسا أميني التي قتلت في مركز أمني بحجة ارتداء الحجاب بصورة سيئة في أيلول الماضي، والنساء الايرانيات لا يزلن في قلب الشارع لا سيما الجيل الجديد في الجامعات والثانويات الذي تعرض لأبشع أنواع التعذيب في السجون ومراكز التحقيقات وحتى القتل بالرصاص خلال مشاركته في التظاهرات، وأخيراً وليس آخراً التهديد بالقتل عن طريق تسميم الطالبات من دون أن يتم الكشف عن حقائق هذه الأساليب التي تدينها المنظمات الحقوقية والانسانية في العالم أجمع وكشف مرتكبيها ومحاسبتهم.

وللاضاءة على ذلك، أشارت ممثلة المقاومة الايرانية في المنظمات الدولية آلهة عظيم فر في حديث لـ”لبنان الكبير” الى أن “مقتل مهسا أميني كان جريمة قتل حكومية. قتلت دورية الارشاد في نظام الملالي هذه الفتاة بحجة ارتدائها الحجاب السيئ، وبعد ذلك اندلعت انتفاضة في إيران، لكن سببها لم يكن الحجاب الاجباري، بل أكثر من ذلك بكثير، فالانتفاضة بدأت بشعار (الموت لخامنئي) و(الموت للديكتاتور)، لكن في الواقع، كان مقتل مهسا شرارة فجرت برميل بارود. الشعب الايراني يكره نظام الملالي، لأن هذا النظام ديكتاتورية دينية مليء بالاحتيال والنفاق والأكاذيب وفاسد جداً”.

آلهة عظيم فر
ممثلة المقاومة الايرانية في المنظمات الدولية “آلهة عظيم فر”

انتفاضات عديدة حدثت في إيران قبل ذلك، في الأعوام 2009 و2107 و2109 بدأت كل منها بشرارة، قالت آلهة عنها: “احداهما لتزوير انتخابات النظام الوهمية، والأخرى بسبب رفع أسعار البيض، ثم مضاعفة سعر البنزين ثلاث مرات، وفي سبتمبر(أيلول) 2022، استشهاد مهسا أميني. اذ أن من السمات البارزة لنظام ولاية الفقيه قمع النساء، وفرض الحجاب الالزامي، بفتوى من الخميني فور توليه السلطة في العام 1979، وقاومته الايرانيات منذ البداية. فنحن نؤمن بحرية النساء في ما يردن من الملابس لأن هذا الأمر له علاقة بالمرأة نفسها وليس بالحكومة، ونقاوم من أجل حريتهن في الاختيار وألا يكون الحجاب الزامياً”.

لكنها في المقابل، أوضحت أن “هذه الانتفاضة والثورة تريد أيضاً تحقيق الحريات وليس حرية المرأة ومساواتها وحسب، بل حرية التعبير والفكر وحق التجمع وحرية اختيار الدين. الشعب الايراني، وخصوصاً نساء إيران، توصل إلى استنتاج مفاده أن هذه الحريات، بما في ذلك حرية الملبس، لن تتحقق ما لم تتم الاطاحة بهذا النظام. ولهذا السبب فإن أول شعار أطلق بعد موت مهسا أمیني كان (الموت للديكتاتور)، فهذا النظام الديكتاتوري يجب أن يرحل”.

واعتبرت آلهة أن “استعادة مكانة المرأة في إيران هي بالمشاركة في القيادة السياسية بعد الاطاحة بنظام الملالي وإسقاط الاستبداد الديني الحاكم”، لافتة إلى أن “الخميني حاول تقييد النساء منذ البداية، بعد الثورة المناهضة للشاه عام 1979، اذ رأى المشاركة النشطة للمرأة في الثورة المناهضة للملكية، وفي الوقت نفسه، بصفته لصاً لهذه الثورة، لم تكن لديه أي مؤهلات لادارة البلاد، كان يعلم أنه إذا لم يحدّ من النساء ويقيّدهن، فإنه سيفقد السلطة قريباً جداً في إيران. لهذا السبب، جعل الحجاب الالزامي ركيزة أساسية وإلزامية في حكومته وحاول علانية أن يغرس في مجتمعنا أن المرأة يجب أن تتعامل مع الأعمال المنزلية وتربية الأطفال فقط، ولا يجب الاعتراف بمسؤولياتها السياسية والاجتماعية. كما ورد هذا الموضوع في ديباجة دستور نظام ولاية الفقيه التي تنص على أن الواجب الأساس للمرأة أن تكون أماً والعناية بالمنزل ورعاية الأطفال، وهذا ما شكل العقبة الرئيسة أمام تقدم المرأة الايرانية”.

وأعطت مثالاً على ذلك تصريحات الملا حسن روحاني، الذي تولى مناصب حكومية رفيعة، مشيرة إلى ما قاله عن حجاب النساء في الدوائر التابعة للجيش: “بدأت الموظفات غير المحجبات بالتذمر، لكنني وقفت بحزم وقلت إنه اعتباراً من صباح الغد، فإن الحارس الموجود أمام الباب الرئيس ملزم بمنع النساء غير المحجبات من دخول مجمع القيادة المشتركة للجيش”.

وأكدت أن “نظام الملالي فرض جميع أنواع القيود على نسائنا، من خلال الحجاب الالزامي وقوانينه المعادية للمرأة ومنع أنشطتهن السياسية والاجتماعية وحرمانهن من الحقوق. واليوم في انتفاضة العام 2022، لا تتوسل النساء الايرانيات من أجل حقهن في الحصول على حرية اللباس أو أي حرية أخرى من هذا النظام، بل يدركن جيداً أنهن لن يحققن حريتهن إلا بإسقاط هذا النظام وإقامة جمهورية ديموقراطية في إيران”.

وعندما سألناها عن المواقف التي دعت المرأة الى المشاركة تحت شعار “مع الثورة سواء بحجاب أو بدونه”، أجابت: “نعم، هذا شعار صحيح، فالمرأة الايرانية أدركت نية النظام وكل من له مصلحة في الحفاظ عليه في تقليص مستوى شعارات هذه الثورة إلى قضية الحجاب. فمواقفنا في تحقيق مطالب الشعب وحرية المرأة وحرية لبسها واضحة جداً، نحن نردد لا للحجاب الاجباري منذ أربعة عقود، لا اليوم ولا في هذه الانتفاضة، لكننا لن نسمح باختزال مطالب شعبنا بالتحرر من استبداد الملالي بقضية الحجاب. هناك أكثر من 750 شهيداً وأكثر من 30 ألف معتقل في هذه الانتفاضة لم يكونوا بسبب خلع الحجاب وإنما لازالة عامل الحجاب الالزامي الذي هو حكومة القهر والاستبداد”.

وذكرت بأن “المرأة الايرانية شاركت بنشاط وجدية في الثورة المناهضة للشاه ولعبت دورها، لكن بعد انتصار الثورة وسقوط الشاه، كانت أول الضحايا التي انتهكت حقوقها”.

وهنا سألناها: إذا لم تكن قضية الحجاب قضية كبرى الآن بالنسبة الى الايرانيات، فكيف سيعرفن أن المصيبة نفسها لن تحل بهن في حال نجحت الانتفاضة؟ فأجابت: “الخميني كان سارقاً ومتسلقاً على ثورة العام 1979 وليس قائدها. لم يقدم خطة قط، ولم يتحدث صراحة عن وجهة نظره والمستقبل. لكن انظروا الآن إلى مسرح الثورة الديموقراطية الجديدة للشعب الايراني. هناك امرأة تدعى مريم رجوي قالت بوضوح على مدى أربعة عقود: لا للحجاب الاجباري، لا للدين الاجباري، لا للحكومة الاجبارية. هي قدمت برنامجاً واضحاً لمستقبل إيران، ذكرت فيه بوضوح المساواة بين الرجل والمرأة وحرية المرأة، بما في ذلك حرية اللباس”.

ورأت أن ليس هناك “ما يدعو الى القلق. فاليوم، تناقش الثورة الايرانية ودور المرأة فيها في سياق مختلف. وبعد الانتصار الحتمي لهذه الثورة والاطاحة بالنظام، ستجد النساء الايرانيات مكاناً ولن يسمحن بعودة الديكتاتورية إلى إيران، ناهيك عن الوقوع ضحاياه”.

وأشارت الى أن “خامنئي الذي يرى نظامه ضعيفاً وهشاً للغاية ويخشى كثيراً سقوطه، لجأ إلى هذه الحيلة لوقف الانتفاضة تحت ستار شعار الحجاب. فهو يرى أن هذا الشعار أقل خطورة من شعار (الموت لخامنئي) أو شعارات إسقاط نظامه. وما تريده المرأة الايرانية الاطاحة بهذا النظام الاستبدادي الفاسد تماماً. وفي المستقبل لن يكون هناك مكان للحجاب الاجباري أو أي نوع آخر من الاكراه”.

شارك المقال