المقررات الوزارية حول اللاجئين… بموافقة أممية ووحدة لبنانية

هيام طوق
هيام طوق

منذ ثلاثة أسابيع، يسلط الضوء على ملف اللاجئين السوريين إن كان من خلال زيارات الوفود النيابية إلى الخارج، أو من خلال الحديث المتصاعد عن وضعهم في لبنان والمطالبة بإيجاد حلول تؤدي إلى إعادتهم الى بلدهم، أو من خلال الاجراءات التي تتخذ في بعض المحافظات والبلديات لتنظيم وجودهم، وتحركاتهم، وتنقلاتهم وأعمالهم حتى أن بعض البلديات في المناطق يبحث في آلية فاعلة لاخلاء بلداته من السوريين لأسباب أمنية، خصوصاً أن موجات السرقة التي يقف وراءها هؤلاء، ارتفعت وباتت تهدد السلم الأهلي بحسب ما يقول عدد من رؤساء البلديات.

انطلاقاً من هذا الواقع، رأس رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، اجتماعاً وزارياً، لبحث التطورات الميدانية في ما خص اللاجئين السوريين في لبنان، واعتبر أن “هناك عصابات تدخل السوريين بطريقة غير شرعية عبر البقاع أو عكار إلى لبنان مقابل مبالغ مالية ضخمة، فيما البلد لم يعد يتحمل أعباء النزوح”.

واتخذت خلال الاجتماع، سلسلة مقررات، تلاها وزير الشؤون الاجتماعية هكتور حجار، اذ تم التأكيد على التدابير والاجراءات المتخذة تنفيذاً لقرار المجلس الأعلى للدفاع تاريخ 24/4/2019، من قبل الجيش والأجهزة الأمنية كافة بحق المخالفين خصوصاً لجهة الداخلين بصورة غير شرعية وغير الحائزين على الوثائق الرسمية والقانونية، والاستمرار في متابعة العودة الطوعية للنازحين السوريين، والطلب من المفوضية العليا لشؤون اللاجئين، وضمن مهلة أقصاها أسبوع، تزويد وزارة الداخلية والبلديات بالداتا الخاصة بالنازحين على أنواعها، على أن تسقط صفة النازح عن كل شخص يغادر الأراضي اللبنانية، والطلب من وزير العدل البحث في امكان تسليم الموقوفين والمحكومين الى الدولة السورية.

وفي قراءة لمقررات الاجتماع التي اعتبرت مهمة جداً، اعتبر مصدر معني في تصريح لموقع “لبنان الكبير” أن “أهم ما نتج عن اجتماع اللجنة الوزارية أنه أصبحت هناك رؤية موحدة للدولة بأركانها كافة في شأن اللاجئين السوريين. كان عدد النقاط أو البنود 15 بنداً، وتقلصت الى 9 بنود، تم التوافق عليها بين الدولة اللبنانية والأمم المتحدة. وتكمن أهمية هذه البنود أو النقاط أنها فصلت بين اللاجئ السوري والمقيم في لبنان الذي يستخدم صفة اللجوء للافادة من المنظمات الدولية. كما أن التوافق على ترحيل كل المسجونين السوريين أو الذين ارتكبوا الجرائم في لبنان، إلى بلدانهم، أمر مهم جداً لأن العبء أصبح كبيراً خصوصاً أن 30 في المئة من المساجين هم من السوريين، ونحن طلبنا من هيئات الأمم المتحدة، المساعدة في هذا الاطار، للبدء بالترحيل”.

أما بالنسبة الى التدابير التي سيتخذها الجيش والأجهزة الأمنية كافة بحق المخالفين خصوصاً لجهة الداخلين بصورة غير شرعية، فأشار المصدر الى أن “الجيش والقوى الأمنية يضبطون أعداداً كبيرة من المخالفين يومياً بحيث كانت الأمم المتحدة في السابق، تتولى تنظيم أوضاعهم، لكن، بدءاً من اليوم، سيتوقف هذا الأمر اذ أن كل سوري، دخل الى لبنان، ولا يملك أوراقاً رسمية، سيُرحل الى سوريا مع التأكيد أنه ستنظم دوريات للجيش والقوى الامنية بصورة مكثفة في المناطق”، لافتاً الى أن “وزير العدل كلف بالتعاون مع قوى الأمن الداخلي عبر وزارة الداخلية، التنسيق في ما بينهم، للاطلاع على طبيعة الأحكام الصادرة بحق السوريين المسجونين، ومقارنتها مع ما تنص عليه الاتفاقات الدولية في هذا الاطار. وهذا الاجراء، لن يطبق على السوريين وحسب، انما على أي أجنبي خالف القانون في لبنان، وحكم بجرائم معينة، سيتم ترحيله الى بلده. نحن نقوم بالجهود المطلوبة، ولا يجوز الاستسلام للأمر الواقع، والبقاء مكتوفي الأيدي، ولا نعلم مدى التجاوب من الحكومة أو الدولة السورية، لكن من المهم أن الدول الغربية والعربية، أصبحت على بيّنة من اننا كدولة لبنانية، لم يعد بمقدورنا استضافة هذا العدد الكبير من اللاجئين السوريين”.

وأكد أن “الدول الاوروبية كانت ولا تزال، ترغب في ابقاء اللاجئين في الدول المضيفة خصوصاً في لبنان حيث لم تكن هناك وحدة في الرؤية في ملف اللجوء، والرئيس ميقاتي تمكن من توحيدها، ونجح في إزالة الشرخ الذي كان موجوداً بين اللبنانيين حول هذا الموضوع، وتوجه الى الدول القريبة والبعيدة، متحدثاً باسم كل اللبنانيين، من كل الطوائف، ومن مختلف الانتماءات السياسية، بأن ما من لبناني اليوم يؤيد بقاء السوريين في لبنان، لأن العبء كبير وثقيل جداً على الاقتصاد والبنى التحتية والأمن. بهذه الوحدة في الرؤية بين كل اللبنانيين، من قوى سياسية وعسكرية ومن كل الطوائف، أصبح من الصعب على الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والدول الأجنبية أن يفرضوا علينا بقاء السوريين في لبنان. نحن نطالب بأن يعاملونا أسوة بالأردن وتركيا”.

وأوضح أن “وزير الشؤون الاجتماعية يرسل أسماء الراغبين في العودة الى بلادهم، الى الدولة السورية، وبالتالي، كلّف من اللجنة الوزارية مع المدير العام للأمن العام بالإنابة العميد الياس البيسري، الذهاب الى سوريا، والتواصل مع حكومتها في مسألة عودة السوريين الى بلدهم. اليوم، حين نصنّف السوريين بين اللاجئين والمقيمين، نجد أن هناك أعداداً كبيرة من المقيمين وغير اللاجئين، والمقيمون اذا كانوا لا يعملون بطريقة شرعية أو لا يملكون إجازة عمل من مؤسسات لبنانية، فسيرحّلون. هؤلاء يشكلون نسبة مرتفعة من أعداد السوريين الموجودين على الأراضي اللبنانية”، كاشفاً “أننا تواصلنا مع أطراف معينة خصوصاً الدول الصديقة للبنان لكي تساعدنا في هذا السياق، كما سيجري نقاش بين وزير الشؤون الاجتماعية والحكومة السورية في ما يتعلق بمسألة العودة”.

ونفى المصدر أي علاقة بين عودة اللاجئين والاضاءة على هذا الملف، والقمة العربية التي ستعقد في السعودية الشهر المقبل”، لكنه أشار الى أن “ما حفّز الدولة اللبنانية على اتخاذ هذه القرارات هو أن 37 ألف سوري، ذهبوا الى بلدهم خلال الأعياد، وعادوا الى لبنان ما يعني أنهم يتنقلون، ويزورون مناطقهم من دون أي عائق”، متسائلاً “كيف يمكن أن يمضوا الأعياد مع أهلهم، ويصرفوا الأموال هناك ثم يعودوا كلاجئين، ويتلقوا المساعدات العينية والمالية شهرياً من الهيئات الدولية؟ وبالتالي، كان لا بد من الفصل بين من هو مقيم ومن هو لاجئ”.

وعن تزويد المفوضية العليا لشؤون النازحين، وزارة الداخلية والبلديات بالداتا الخاصة بالنازحين السوريين على أنواعها، على أن تسقط صفة النازح عن كل شخص يغادر الأراضي اللبنانية، قال المصدر: “العبور أو الهروب من المعابر غير الشرعية، أصبح صعباً جداً لأن التكلفة صارت مرتفعة جداً، والمافيات التي تهرّب هؤلاء، تطلب من الشخص الواحد مبلغ 5000 دولار لقاء دخوله الى لبنان، ما يضطرهم الى السفر الى سوريا عبر المعابر الشرعية، اما بهويات مزورة أو بهويات مستعارة، لذلك، طلبنا من الجهات المعنية تفعيل الأجهزة البيومترية على الحدود البرية في لبنان بحيث أن كل شخص يغادر لا يمكنه العودة”.

وعن صحة المعلومات التي تتحدث عن وجود 200 ألف سوري يملكون السلاح، وهم جاهزون للقتال والقيام بأعمال أمنية خطيرة، ربما تسبب حرباً بين المجتمعين السوري واللبناني، شدد المصدر على أن “هذه المعطيات غير دقيقة لا بل ليست صحيحة لا من قريب ولا من بعيد اذ أن المتابعة مع القوى الأمنية والعسكرية والمخابرات، تنفي هذه الشائعات. هناك بعض الجهات التي تسرّب مثل هذه الأخبار بهدف تسريع انتخاب رئيس الجمهورية”.

ورأى المصدر أن “أهم ما حصل أن المنظمات الاممية وافقت على المقررات أي على النقاط التسع التي تلاها وزير الشؤون، وهذا أمر مهم جداً جداً ما يعني أننا وصلنا الى مرحلة، اعترفوا فيها بأحقية مطالبنا. والأهم أنهم سيسلمون الجهات اللبنانية الداتا الخاصة باللاجئين اذ كانوا يرفضون ذلك في السابق. المنظمات غيّرت في مواقفها تجاه اللاجئين في لبنان بعد أن توحّد اللبنانيون على رأي واحد ورؤية واحدة، حتى أنه كان هناك قرار من القوى العسكرية والسياسية في لبنان بعدم التعاون مع منظمات الأمم المتحدة اذا لم توافق على المقررات”.

شارك المقال