الوجود السوري ينعكس على الأمن… وبلدية بيروت تسيّر دوريات

تالا الحريري

ابتدأت القصة منذ أشهر بقرار ترحيل اللاجئين السوريين إلى بلادهم لما يشكلونه من أعباء اقتصادية على لبنان وينعكس ذلك سلباً على اللبنانيين، اذ أعلن وزير المهجرين في حكومة تصريف الأعمال عصام شرف الدين في تموز عن خطة لاعادة حوالي 15 ألف لاجئ إلى سوريا شهرياً، فيما أكّد المدير العام للأمن العام السابق اللواء عباس إبراهيم أن عمليات العودة ستكون طوعية. ولكن في الآونة الأخيرة زادت الحملات الهجومية على بقاء السوريين على الأراضي اللبنانية، وبدأت المطالبات بترحيلهم الفوري لما باتوا يشكلونه من أضرار على لبنان وشعبه.

وفي حين أشارت مصادر الى أن عدداً من اللاجئين الذين تم ترحيلهم عادوا إلى لبنان بمساعدة مهرّبين مقابل 100 دولار عن كل شخص، أعلنت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أنها تراقب الوضع، لافتة الى أنها تواصل الدعوة إلى احترام مبادئ القانون الدولي وضمان حماية اللاجئين في لبنان من الاعادة القسرية.

الحوت: الفوضى مسؤولية باسيل وفريقه

النائب عماد الحوت رأى عبر “لبنان الكبير” أن “الفوضى التي أصبحت سمة وجود السوريين في لبنان باتت لها تأثيرات سلبية واضحة، وهذه الفوضى هي مسؤولية بعض من يشتكي منها، عنيت بها الوزير جبران باسيل وفريقه، يوم قدمنا أنا وغيري في بداية أزمة النزوح السوري دراسة مفصلة لتنظيمه من خلال مخيمات حدودية تنظم هذا الوجود وحدود حقوقه وواجباته، ويسهل تنظيم تقديم المساعدات الى السوريين من المنطلق الانساني بدلاً من أن يتغلغلوا في مختلف المناطق ويستفيد من ذلك اللاجئ المضطر والقادم للعمل من دون أن يكون هناك خطر عليه في بلاده”.

وقال: “في كل الأحوال، بات هناك عدم قدرة على التمييز بين اللاجئ الحقيقي واللاجئ المزيف وهم كثر، إذ أن غالبيتهم تدخل إلى سوريا وتعود منها من دون مشكلات ما أدى إلى وجود أزمات اجتماعية كبيرة مثل ظاهرة التسول، ومنافسة العمالة والاعتداءات”، لكنه شدد على وجوب “عدم المبالغة في الحديث عن هذا التأثير وكأنه المسؤول عما يمر به البلد من أزمات، ويبدو من خلال الحملة الأخيرة، وكأن هناك من يريد أن يشغل الناس بهذا الموضوع بعيداً عن مسؤوليته عن الأوضاع الحالية نتيجة فساده وسوء ادارته وتقاعسه عن ايجاد الحلول والخطوات السليمة باتجاه الحل”.

واعتبر الحوت أنّ “ليس هناك من حل لهذه المعضلة إلا من خلال سيطرة الجيش اللبناني والقوى الأمنية على كامل الحدود اللبنانية واتخاذ اجراءات عقابية صارمة بحق أي نوع من أنواع التهريب سواء تهريب البشر أو تهريب البضائع أو حتى تهريب الدولار، لأن كل ذلك يساهم في تفاقم الوضع الاقتصادي – المعيشي ويزيد من حدة الأزمة”، معرباً عن أسفه لأن “هناك قوى سياسية تعوق تنفيذ هذا الانتشار وهذا الضبط لحساباتها الخاصة”.

أمّا بالنسبة الى المواثيق الدولية، فأوضح الحوت أنها “رعت حقوق النازحين وحددت شروط عودتهم بزوال الخطر الفعلي عليهم. المشكلة أن هناك من يريد إعادتهم من دون أن تتأمن ضمانات لسلامتهم من ناحية، وهناك من يريد أن يوطّن أكبر عدد منهم في لبنان ليتجنب هجرتهم الكثيفة اليه من ناحية أخرى، وليسهل حل الأزمة السورية من وجهة نظره على حساب لبنان”. وأكد أن “الحل يجب أن يبدأ بمنع كل من يغادر لبنان إلى سوريا عبر الحدود من الدخول مجدداً، لأنه ليست لديه مشكلة مع النظام بدليل ذهابه إلى سوريا، وهذا يمكن أن يخفض عدد السوريين الموجودين في لبنان إلى أقل من النصف لأن العدد الأكبر أصبح موجوداً في لبنان للعمل وليس هرباً من اضطهاد النظام، ومن ثم العمل على اجراءات صارمة بحق المهربين، ورفض أي اجراء يسهل توطينهم لجهة العمل غير الشرعي وغيره، وأخيراً استمرار الضغط على المجتمع الدولي لتأمين ضمانات العودة الآمنة لهم”.

عبود: لا احصاء رسمياً لعدد السوريين

أما محافظ بيروت مروان عبود فأوضح أنّ ليس هناك احصاء رسمي قامت به البلدية أو أي جهة أخرى لعدد السوريين في بيروت “ولكن من وجودهم في الأماكن العامة يمكننا أن نقدّر عددهم بأكثر من 300 ألف سوري في بيروت”، مشيراً إلى أنّ “وجودهم ينعكس على الأمن والبنى التحتية والمساحات العامة والحل يكون بتنظيمهم. من يملك الاقامة فليبقَ مثله مثل أي أجنبي آخر، ومن لا يملكها فليرحل والأهم أن يكونوا تحت القانون”. 

عيتاني: سنبذل جهدنا للحفاظ على العاصمة

وقال رئيس بلدية بيروت جمال عيتاني لـ “لبنان الكبير”: “اجتمع المجلس البلدي لمناقشة ملف اللاجئين السوريين والعمالة الأجنبية وأوضاع المدينة عموماً، وتم الاتفاق في خلاصة الاجتماع على تسيير دوريات بلدية في العاصمة لضبط النظام ضمن سقف صلاحيات البلدية وبالتنسيق مع المراجع المعنية كوزارة الداخلية، فضلاً عن متابعة تنفيذ المقررات الحكومية المرتبطة بالملف”. وأشار إلى أنّ “البلدية تابعت مع وزير الداخلية والمحافظ تطورات هذا الملف وتبعاته، وبالتالي هي لن تنجرف إلى أي قرارات خارجة عن سياق القانون أو الدولة أو الانسانية لكنها حكماً ستبذل كل جهدها من أجل الحفاظ على العاصمة واتمام كل الواجبات الممكنة على الرغم من الامكانات المحدودة لتخفيف وطأة الأزمة والحفاظ على صورة بيروت الحضارية”.

أضاف عيتاني: “لا شك في أنّ الأزمة أرخت بظلالها على كل المناطق والمدن اللبنانية، كما أنّ الأزمة الاقتصادية أصابت العمل البلدي بنصف شلل يعرقل عمله اليومي، لكن هذا لا يعني أننا لن نقوم بواجبنا أمام البيارتة من أجل المزيد من الاستقرار والحقوق الخاصة بالجميع، وسيشهد البيارتة خلال أيام على التحركات التي سنقوم بها لضبط الأوضاع بالتنسيق الكامل مع الداخلية والأجهزة الامنية التي تتبع لها”.

ولفت إلى أنّ “معالجة ملف اللاجئين السوريين لا يمكن ولا يكون عبر قرارات خاصة من البلديات، بل ضمن خطة استراتيجية شاملة تضعها الدولة ونلتزم بها جميعاً”، مشدداً على أن “مدينة بيروت ستبقى مفتوحة للجميع لكن تحت سقف القانون وليس بالقرارات الفردية أو العشوائية”.

وبحسب السلطات اللبنانية، هناك حوالي مليوني لاجئ سوري على الأراضي اللبنانية، من بينهم نحو 830 ألفاً مسجلون لدى الأمم المتحدة.

شارك المقال