مجموعات متطرفة تؤجج أزمة اللجوء السوري لخلق الخلافات

آية المصري
آية المصري

بعد عمليات الاضطهاد وممارسة الكيديات بحق اللاجئين السوريين، بدأت تتشعب الحملة الممنهجة من أجل إعادتهم الى ديارهم لما يتسببون به من خلل في الأمن وتضييق على الأوضاع الاقتصادية والمعيشية. ومما لا شك فيه أن غالبية الشعب مع عودة اللاجئين من مختلف جنسياتهم الى بلادهم وتحديداً السوريين لكن ضمن الأطر القانونية اللازمة وتأمين الحماية الدولية المطلوبة لهم، خصوصاً وأن هناك عدداً كبيراً منهم معارضون للنظام السوري وبالتالي ستتخذ بحقهم الكثير من الاجراءات المجحفة من الاعتقال الى التعذيب وغيرها.

فلماذا نشطت هذه الحملة في هذا التوقيت تحديداً وفي بلد يعيش كل هذه الانهيارات المالية والاقتصادية والاجتماعية والفراغ يهدد مؤسساته كافة؟ وهل يستوجب ملف اللاجئين السوريين اعطاءه كل هذا الحيز الكبير أم أن الهدف بات الهاء الشعب والدولة به وعدم الوصول الى انتخاب رئيس للجمهورية يضع حداً لكل هذه التجاوزات والأزمات؟

“هناك أيادٍ تعمل لادخالنا في موضوع نحن بغنى عنه خصوصاً وأن هناك من يريد تأجيج هذا الموضوع لخلق خلافات جديدة، وتناسينا أمورنا الأساسية وأهمها إنتخاب رئيس للجمهورية وإنتظام عمل المؤسسات”، بحسب عضو كتلة “الاعتدال الوطني” النائب محمد سليمان، معتبراً أن “هناك جزءاً من اللاجئين السوريين مظلومون ولا نريد تحميلهم مسؤوليات أكبر، ونحن مع بقاء من يريد ضمن الأطر القانونية وأن يكونوا ملتزمين بالقوانين اللبنانية، وأي فرد شاذ لبناني أو سوري أو فلسطيني أو من أي جنسية أخرى لا نقبل به في حال كانت غايته الاخلال بأمن البلاد”.

ويقول سليمان لموقع “لبنان الكبير”: “نحن مع عودة اللاجئين لكن ضمن الأطر القانونية مع تأمين حماية دولية لهم، فعندما يتوافر لهم هذا الأمن في مناطقهم نعيدهم ولكن لا يمكننا اعادتهم والمساهمة في وضعهم في فوهة نار”.

هناك عدّة أسباب لعودة هذه الحملة على السوريين، يوضح رئيس “المركز اللبناني لحقوق الانسان” وديع الأسمر، “أولها الأرض الخصبة لأن الوضع الاقتصادي صعب جداً والشعب لم يعد يتقبل الافلاس الحاصل من جهة، ولأننا منذ التسعينيات ننتخب الطبقة الفاشلة نفسها بغض النظر عن الاطار السياسي من جهة أخرى، والنقطة الأهم لأننا نستسهل بصورة مستمرة عملية إتهام الآخر بكل الأمور وتحميله مسؤولية كل ما يحدث”.

ويشير الأسمر الى أن “هناك مجموعة صغيرة متطرفة لكل الأزمات تستغل كل فرصة للتعبير عن رأيها وتقوم بتغذية نار هذه الحملة وكانت محسوبة على ما يسمى باليمين المتطرف وتعتبر أن كل مشكلات لبنان سببها الآخر الذي يخالفها الرأي، وعلى سبيل المثال: هذه الفئة تعتبر أن لبنان كان عبارة عن جنة ولكن لم يعد كذلك نتيجة الوجود الفلسطيني، واليوم تشرح بصورة غير مباشرة أننا وصلنا الى ما نحن عليه اليوم بسبب الوجود السوري وليس بسبب الطبقة السياسية التي اغتنت على حساب مصلحة الشعب”.

وفي حال أردنا قراءة وضع البلد بهدوء فليس هناك أي مسبب فعلي لهذه الحملة، يؤكد الأسمر، قائلاً: “ليس من ضمن عملنا كمنظمات حقوقية أن نرى من يغذي هذه الحملة خصوصاً وأنها لم تنطلق من عدم وتحديداً بوجود عدّة جيوش إلكترونية لأحزاب مشاركة في الحملة نفسها، بالاضافة الى الكثير من الاعلاميين والسياسيين الذين يريدون أن يصبح لديهم إسم معروف في البلاد وهم أنفسهم عندما حدثت ثورة 17 تشرين تحولوا الى ثورجيين، واليوم أصبحوا ضد حقوق اللاجئين السوريين بعدما كانوا في السنوات العشر الأخيرة مع حقوقهم، ولكن بحسب الترند تختلف أهدافهم والمؤسف أن القصة ليست لعبة وهناك فئة نتيجة هذا الخطاب من الممكن أن تتعرض للقتل والتنكيل في حال عادت الى سوريا”.

ويذكرّ الأسمر بنقطتين لا يمكن تناسيهما “الأولى متعلقة بتوريط الجيش اللبناني في عمليات المداهمة، وهذه المحاولة للتخفيف من حظوظ قائد الجيش جوزيف عون عند المجتمع الدولي وللاشارة الى أنه لا يحترم القانون، وبالتالي الشعبوية الداخلية لا تنفع هذا الأخير بل تضره، وأي إشكالية تحدث في البلاد تقضي على كامل حظوظه الرئاسية في المستقبل”.

ويلفت الى أن “هناك فئة تعتبر أن تأجيج أزمة اللجوء تقوي من حظوظ رئيس تيار المردة سليمان فرنجية خصوصاً بعدما أشار في إطلالته الأخيرة الى أن النظام السوري وحزب الله يثقان به، وهذا يعني أنه قادر على حل هذه الأزمة في حال وصل الى سدّة الرئاسة لكن خطابه ذكرنا بخطاب الرئيس السابق ميشال عون”، معرباً عن اعتقاده أن “كل هذا لن يغيّر شيئاً في قضية اللاجئين لسبب بسيط أن النظام السوري غير مستعد لاستقبالهم في سوريا لأسباب سياسية وليست مادية أو أمنية، ولهذه الأسباب لدينا لاجئون سياسيون لأن النظام يعتبر أن عودتهم تشكل خطراً عليه وسيحاول بكل ما لديه من قوة قمعهم خوفاً من خطرهم الحقيقي أو المجازي وهذا ما يجعل الوضع صعباً لهذه الدرجة”.

أمام هذا الواقع العنصري، لا بد من الاشارة الى أهمية عودة اللاجئين السوريين في الوقت المناسب وضمن الأطر القانونية اللازمة وبعد تأمين الحماية الدولية لهم وخصوصاً لمعارضي النظام نظراً الى صعوبة أوضاعهم والخطر الذي يتهدد وجودهم في بلادهم، والأهم اليوم مواكبة الاستحقاق الرئاسي وانتخاب رئيس للبلاد وعدم التلهي بأمور تعقد الأوضاع أكثر ولا تساهم في حلّها.

شارك المقال