فضيحة “تهز” النزاهة القضائية في طرابلس!

إسراء ديب
إسراء ديب

أحبطت نقابة المحامين في طرابلس، محاولات ريان جمال في استمرارها بانتحال صفة محامية في المدينة وذلك بعد الادّعاء عليها وتوقيفها يوم 9 أيّار بجرم انتحال صفة محامي، الأمر الذي أحدث خضّة قضائية وحقوقية جديدة تُشير إلى الواقع الأليم أو الاهتراء الذي أصاب الجسم القضائي في البلاد لا سيما في الفترة الأخيرة حيث تطغى المحسوبيات والمصالح الشخصية.

وعطفاً على الشكوى التي قدّمتها نقابة المحامين الشمالية ممثلة بالنقيبة ماري تراز القوّال على جمال أمام النيابة العامّة الاستئنافية في الشمال بموضوع انتحال صفة محامي، أيّ الجرم المنصوص عنه في المادة /110/ من قانون تنظيم مهنة المحاماة، وبعد ثبوت الجرم والاستماع إلى إفادتها، قرّر مجلس النقابة بعد اجتماعه برئاسة النقيبة القوال وعضوية: أمين السرّ منير الحسيني، أمين الصندوق محمود هرموش، مفوّض قصر العدل مروان ضاهر وعضو المجلس جمال اشراقية، منع دخول جمال إلى دار النقابة وطلب التقدّم بامتحان الانتساب لمدّة ثلاث سنوات، وذلك بعد التأسف على توقيفها لساعات معدودات حتّى بعد الاثبات والادّعاء، إذْ استمرّ توقيفها لمدّة ساعتين فقط، ما دفع النقابة إلى اتخاذ هذا القرار حفاظاً على ما تبقّى من العدالة شمالاً.

وبعد الاطّلاع على اسم ريان جمال ومتابعة صفحاتها على مواقع التواصل الاجتماعي، يتضّح أنّها تحظى بتقدير من حولها وبإعجاب بعض القضاة والمحامين لها كذلك بعض التابعين السياسيين شمالاً، وهذا ما يراه كثيرون “طبيعيّاً” لا سيما وأنّها تتمتّع بعلاقات عمل ومعرفة واسعة سياسية كما قضائية، كما تضع “بروفايل”، صورة التقطتها مع نقيبة المحامين وتبدو فيها وكأنّها مقرّبة للغاية منها ما يُثير الاستغراب حول طبيعة عمل هذه السيّدة التي أشارت بعض المواقع إلى أنّها تدرس الحقوق، فيما لفتت مواقع أخرى إلى أنّها خريجة حقوق لكنّها لا تنتسب إلى النقابة.

من هنا، يُؤكّد أحد المتابعين لهذا الملف أنّ ريان خريجة حقوق وفق قولها سواء أكانت صادقة أم لا، وتدخل إلى العدلية دائماً، وغالباً ما تقوم بحضور الجلسات خصوصاً الشرعية منها، وأبرم كاتب عدل وكالة لها باسمها على اعتبار أنّها محامية مع اسم المحامية سارة طيبا، أيّ أنّها تتصرّف وكأنّها محامية منتسبة إلى النقابة وتُعرّف عن نفسها بهذه الصفة منذ فترة. ويقول لـ”لبنان الكبير”: “وُجهت اليها تحذيرات عدّة مسبقاً من خطورة هذه الخطوات التي لا تعرفها قطعاً النقابة ومجلسها، لكن يعلم بها فقط بعض المحامين الذين يعرفون ما تقوم به ويتعاملون معها أيضاً، وذلك وفق ما يثبته مستند الوكالة المبرم في 10 حزيران عام 2022، والمحضر بالمحكمة الشرعية في 12 تشرين الأوّل عام 2021، ما يُشير إلى أنّها تعمل منذ عامين، فكيف ولماذا استيقظوا الآن؟ وهذا لا يعني الموافقة على الجرم الجزائي الذي ارتكبته، لأنّه كان سيدفع المعنيين إلى محاسبتها بالتأكيد يوماً ما”.

ويوضح ما حدث معها بأن “أحد المحامين أو عدداً منهم كشفوا عن أوراقها وقد يكون السبب تعارض المصالح أو إشكالاً مشتركاً، فما حصل معها كان ناتجاً عن مجموعة شكاوى، ولم يكتشف بالصدفة أو نتيجة كشفها شخصياً وبالجرم المشهود، بل بسبب فضح البعض لها، خصوصاً أنّها كانت تتحدّث منذ فترة بثقة كبيرة عن عدم تجرؤ أيّ محام على فعل شيء لها، وعن تعرّضها لمضايقات مختلفة من بعض المحامين…”.

في الواقع، لم تتستّر النقيبة على هذه الجريمة، بل كلّفت عضو مجلس النقابة المحامية باسكال أيوب التحقيق مع جمال التي كانت نفت هذه التهمة، لكن الاثباتات الرسمية التي أبرزت في ملف التحقيق في نقابة المحامين، كانت كفيلة بالادّعاء عليها من النقيبة ومجلس النقابة وتوقيفها، الا أنّها خرجت سريعاً بإشارة من النيابة العامّة الاستئنافية في الشمال.

وليست المرّة الأولى التي يقوم فيها البعض بانتحال صفة محامي (ة)، وهذا ما يُؤكّده أحد المتابعين الذي يُذكّر بواقعة سابقة حصلت منذ سنة، وحسب المعلومات فإنّ إحدى السيّدات كانت انتحلت صفة محامية أيضاً “وتمّ توقيفها أيضاً لساعتين وخرجت بصورة طبيعيّة وظهرت مباشرة عبر مواقع التواصل الاجتماعي بلا حسيب أو رقيب يفرض حداً قانونياً لهذه التصرّفات”.

وإذْ يُشدّد على ضرورة محاسبة كلّ من ينتحل صفة وليس ريان جمال فقط، يرى أنّ عدم الاحترام كما غياب الانسجام بين الجسميْن القضائي والنقابي يُعدّ مشكلة حقيقة تفرض نفسها في هذه الظروف التي “ضعضعت” الجسم القضائي، ما يحتمّ على النقابة تفعيل دورها بصورة أكبر وتمسّكها بصلابتها التي عرفت بها دوماً، “فصحيح أنّ جمال ارتكبت جرماً، لكن ما يحدث في أروقة قصور العدل أكبر بكثير، وإنْ لم يتمّ تدارك هذه التجاوزات سريعاً وإعادة ضبط النقابة فسنكون أمام كوارث قضائية لا تقتصر على الفضائح فحسب، وبالتالي فإنّ بعض من يصف وضع هذه المؤسسة العريقة شمالاً بأنه بات في الحضيض، يُطلق جرس إنذار يحثّ على ضرورة إعادتها إلى السكّة الصحيحة ومنع دخول السماسرة إلى أروقة قصور العدل بغية تخريبها وإفسادها”.

ولا يكتفي هذا المتابع بالحديث عن قيام البعض بانتحال هذه الصفة، بل يُشير إلى بعض الثغرات المختلفة التي يُواجهها محامون شمالاً، أبرزها مرتبط بقيام البعض منهم بالتدخل في ملفات محامين آخرين، فيتحدّثون مع الموكلّين في تجاوز قانوني وأخلاقي واضح، كما لا يغفل عن “التدخلات السياسية أحياناً التي تطال بعض الملفات”. ويُشير هنا إلى “تجاوز يُرتكب من بعض السياسيين والنواب الذين يدخلون إلى مكاتب القضاة بمختلف درجاتهم وصفاتهم وأحياناً ينتظرهم المحامون خارج المكتب لساعات”.

شارك المقال