تجدد الخلاف بين “الجماعة” و”المشاريع”… هذه حقيقة ما حصل في صيدا!

تالا الحريري

الخلاف القديم بين “الجماعة الاسلامية” و”جمعية المشاريع الإسلامية” (الأحباش)، عاد وتجدد في الأيام الماضية بسبب النشاط الذي أقامته “المشاريع” على الكورنيش البحري في مدينة صيدا، ما استفز “الجماعة” وأدّى إلى تضارب بين الطرفين، ووصل الأمر إلى رفع لافتات تهاجم عقيدة “الأحباش” الدينية، فيما اعتبر البعض أنّ ذلك مرده إلى “القلوب المليانة”.

وأصدرت “الجماعة الاسلامية” في صيدا توضيحاً أشارت فيه الى أن “بعض وسائل الاعلام تناقلت بياناً منسوباً الى ما يسمى جمعية المشاريع (الأحباش) تدّعي فيه تعرضها للاعتداء من عناصر تتبع للجماعة الاسلامية. وتضمن البيان أكاذيب وافتراءات تهدف إلى تضليل الرأي العام بهدف التغطية على تجاوزاتهم الميليشياوية وأعمالهم التشبيحية التي اقترفوها في صيدا، والتي لا يسكت عنها أي صيداوي. فقد تفاجأ أهالي المدينة وتحديداً على الكورنيش البحري خلف المسجد العمري الكبير بأشخاص غرباء عن المدينة يركبون سيارات رباعية الدفع يحققون مع المارة ويقومون بتصويرهم ويسألونهم عن سبب وجودهم ووجهة سيرهم بأسلوب أمني ميليشياوي، وهذا ما رفضه أحد أبناء المدينة الذي كان ذاهباً إلى منزله في المكان نفسه بعد أن تأكد من أنهم لا يتبعون لأي جهة أمنية رسمية، وطالب بعدم تصويره فما كان من أحدهم الا أن رفع في وجهه (نبوتاً) يحتوي على مسامير إضافة إلى السلاح الحربي الظاهر في السيارة، عندها حصل تدافع بعد أن وقف أهل المنطقة إلى جانب ابن حارتهم وتمكنوا من طرد المعتدين الغرباء عن المدينة وانتزاع الهاتف والنبوت”.

كما أصدرت “جمعية المشاريع” بياناً لفتت فيه الى أن “هناك حملة تحريض مشبوهة وشتائم وافتراءات ضد جمعية المشاريع الخيرية الاسلامية من موتورين في مدينة صيدا الحبيبة وغيرها في وسائل التواصل الاجتماعي. هذه الحملة تؤدي الى الفتنة، وحصل اعتداء (الأحد) من موتورين على بعض شباب الجمعية بعد انتهاء نشاط لها في صيدا وانصراف الناس، وليس كما زعموا وافتروا بأن شباب الجمعية هم من اعتدوا عليهم، وهذا الأمر موثق. ونحن بصدد الادعاء على كل من سوّلت له نفسه التعرض لشباب المشاريع في صيدا الآمنة الحبيبة”.

وأفادت مصادر صيداوية خاصة بـ “لبنان الكبير” أنّ “المشكلة التي حدثت مؤخراً في صيدا بعدما اتخذت جمعية المشاريع قراراً بأن تقوم كل يوم أحد بنشاط ترفيهي ديني على الكورنيش البحري، واستفز ذلك الجماعة الاسلامية فافتعلت مشكلة عبر شباب معينين. تم توقيف عدّة أشخاص في المخفر لكن هذا الموضوع لم يُحل سوى قضائياً، كما أنّ المفتي تدخل للتهدئة بين الطرفين، في حين لا تزال المشكلات قائمة بينهما”.

في الواقع، هذا النشاط لم يكن السبب الأساس لافتعال المشكلة، بل ان “الجماعة” منزعجة أساساً من دخول “المشاريع” بقوة إلى صيدا من ناحية الأنشطة والمناصرين وامتلاك المراكز والمقرات وتحويل بعضها إلى مساجد، فهذا كلّه تراكم وانفجر في الاشكال الأخير، بحسب المصادر.

وبالعودة إلى أساس الخلاف بين “الجماعة” و”الأحباش”، أوضح مصدر مطلع أنّ “المشكلة بين الطرفين في صيدا ليست جديدة، فهي قديمة قدم وجود التنظيمين. الأحباش حاولوا الدخول إلى صيدا في الثمانينيات وقاموا بإشكال في الجامع العمري الكبير في صيدا وخلّف ذلك جرحى، ومنذ ذلك الوقت ليس هناك في صيدا أي شخص حبشي سوى رجل كبير في السن من أبناء المدينة. استمر هذا الموضوع الى حين الانتخابات النيابية الأخيرة حين اتخذ الأحباش قراراً بتفعيل مكاتبهم في صيدا إذ بدأوا بالتوسع فيها واتخذوا مكتباً للكشاف ومكتباً اجتماعياً وآخر لتحويله إلى مصلى”.

وأكد أن “الأحباش منذ الاشكال في الثمانينيات حتى الآن لم يُفعّلوا مكاتبهم في صيدا واقتصر وجودهم على عين الحلوة ووادي الزينة، اذ يحاولون الدخول إلى الناس من خلال المساعدات التي يقدمونها في ظل هذا الوضع، والجمعية تعمل بحنكة. والمشكلة الأساسية بين الأحباش والجماعة الاسلامية قائمة على عملية تكفير كل منهما للآخر، كما أنّها لن تقف هنا إلا إذا اتخذ الأحباش قراراً بالانسحاب من صيدا وهذا غير وارد، ومن الممكن أن تتطور الأمور أمنياً”.

إضافة إلى ذلك، فان “الأحباش جهاز أمني كان بيد النظام السوري، واذا راجعنا فترة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري وما رافقه من أحداث، نجد أنّ هناك شبهات حول وجود ارتباطات أمنية مع تنظيم الأحباش. كما أنّ صيدا في ظل ما عانته من النظام السوري سابقاً، غير راضية الآن عن وجود تنظيم كهذا من خارج طبيعة المدينة. وغياب تيار المستقبل عن المدينة، سهّل لهم التواجد كتنظيم له جمعية مرخصة، وهيكلية تنظيمية، وجهاز أمني تابع لهم وطبيعي وجودهم في المناطق السنية باعتبار أنّهم يعرفون عن أنفسهم كسنّة”، بحسب ما قالت المصادر، لكنها لفتت الى أن “الجماعة الاسلامية من جهة أخرى لم تتعامل مع ملف الأحباش بصورة صحيحة، فبدلاً من الاتجاه إلى حملات توعوية، اتجهت إلى المشكلات. وإذا كان الأحباش يريدون دماً في البلد كما يُقال فلا يجب التشجيع على ذلك، ومن غير المعلوم ما اذا كان لوجود الأحباش مخطط وأهداف معينة بما أنّ الساحة خالية”.

شارك المقال