إيران: استفحال أزمة قطاع النفط و”فاقد الشيء لا يعطيه”

لبنان الكبير

بالتزامن مع إعلان السفارة الإيرانية لدى لبنان عن وصول ناقلات نفط إلى بيروت، تركز الانتباه على اتساع رقعة الاحتجاجات والإضراب العام في صفوف عمال المصافي والبتروكيماويات داخل إيران، احتجاجاً على الأوضاع المعيشية وعلى شروط العمل السيئة.

إضراب غير مسبوق منذ الثورة

موقع ICBPS الإيراني الذي يعنى بالتحاليل الاستراتيجية والسياسية، سطّر “اتساع رقعة الإضراب بشكل لا مثيل له على مستوى البلاد بأسرها، مع انضمام المزيد من العمال المتعاقدين من أكثر من 60 شركة نفط إيرانية، إلى الآلاف الذين توقفوا بالفعل عن العمل أو غادروا المصانع التي كانوا ما يزالون يعملون فيها. ويحظى هذا الإضراب بدعم ست نقابات عمالية كبيرة ووصف بالإضراب العمالي “غير المسبوق” والأكثر انتشاراً منذ ثورة 1979.

وانطلقت الإضرابات بعد يوم واحد من الانتخابات الإيرانية التي وصفت بـ”الخديعة”، وسط إصرار المجلس المنظم على توسيع رقعة الإضرابات الحالية بشكل أكبر إن لم تلبَّ مطالب العمال المتعلقة بزيادة الأجور وبتخفيض أيام العمل وبتصحيح العقود المؤقتة. وشلّت الإضرابات في جميع أنحاء البلاد أنشطة المصافي الإيرانية، في ظل توقعات بانضمام المزيد من العمال الدائمين في الأيام المقبلة احتجاجاً على ظروف العمل السيئة والأجور المنخفضة وعدم المساواة وانعدام الرعاية الاجتماعية، ما يضعف التوازن بين العمل والحياة ويضاعف الافتقار إلى الأمن الوظيفي في بيئة عمل قمعية.

قمع وترهيب

ومع انضمام المزيد من العمال من عشرات مصانع البتروكيماويات إلى الإضراب العام في جميع أنحاء إيران، تركز الانتباه على ترهيب العمال من خلال تهديد مصفاة طهران بطرد 700 من المضربين. وانتشرت عبر مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو تظهر آلاف العمال من طهران وقشم وعبادان وبدبولاند بهبهان وجاشساران وماهر وإيلام وأصفهان وجهرم وبوشهر، الذين توقفوا عن العمل منذ يوم الأربعاء تحت عنوان “الحملة 1400” لحركة الإضرابات في إشارة إلى “السنة التقويمية الإيرانية 1400” الحالية (…) كما انضم العمال المتعاقدون من شركة “كيهان بارس” في مصفاة أصفهان إلى الإضرابات مع إعلان عمال من أقسام أخرى من المصفاة انضمامهم إليهم قريبا. ويعد إضراب العمال المتعاقدين في هذا القطاع، الثاني على التوالي في أقل من عام.

ولا تعاني إيران من الأزمة في هذا القطاع وحده، بل واجهت احتجاجات شبه مستمرة من قبل الموظفين والعاملين في المجال الطبي والمزارعين وأصحاب المزارع والمتقاعدين بسبب تخطي معدل التضخم نسبة 50٪ وارتفاع معدلات البطالة وعدم دفع الأجور والصعوبات المالية.

“استعباد” وتجاهل للمطالب

موقع “إيران نيوز أب دايت” (irannewsupdate) أكد أن معاناة العمال “قصة متكررة” وسلط الضوء على “غياب العدالة على مستوى العقود وإهمال وزارة النفط وقلة إشرافها، والتقصير الذي منع هذه الطبقة الكادحة من نيل حقوقها في وقت تفيد مصادر محلية بأن رواتب الموظفين الرسميين في وزارة البترول تزيد بثلاثة إلى أربعة أضعاف عن رواتب المتعاقدين (…) واصطدمت هذه المطالب كالعادة بالتجاهل من قبل وسائل الإعلام والسلطات الإيرانية. وبالنتيجة، أصبح إضراب العمال في شركة محطة النفط بمنطقة خارك حركة واسعة النطاق وانتشر من قطاع النفط إلى مناطق أخرى، كما دخل العمال في القطاعات الأخرى، مثل قطاع انتاج الصلب، في إضراب لدعم عمال النفط. وستؤدي هذه الأحداث بلا شك إلى أضرار جسيمة لاقتصاد البلاد كما ستمثل صدمة لصناعة النفط الإيرانية.

وعوضاً عن الاستجابة ومحاولة حل مشكلة العمال ومراقبة أداء المقاولين المتعاقدين مع هذه الوزارة، اكتفت وزارة النفط المكلفة بهذا المجال بإحالة المشكلات إلى القطاع الخاص رداً على أسئلة المراسلين وتهربت من المساءلة بحجة أن المسألة من اختصاص الشركات الخاصة.

وتعود حقيقة إساءة مقاولي الوزارات والشركات لموظفيهم وعمالهم إلى تاريخ طويل، وتختار الجهات المسؤولة وفروع الحكومة الثلاثة غض النظر عن هذه القضية حتى باتت حلقة متكررة. ولن تأنف الحكومة تجد نفسها بمواجهة مثل هذه الأحداث والاضطرابات في قطاعات عدة، ما لم تحل هذه المشكلة بشكل جذري، حتى ولو نجحت بإنهاء الإضرابات الحالية.

جمر تحت الرماد

وبدوره، وصف موقع “ايران واير” (iranwire) الإضراب بالقطيعة مع النظام، مشيراً إلى تراجع النشاط الصناعي في السنوات الأخيرة بسبب حدة تعاطي الجمهورية الإسلامية مع الاحتجاجات.

وكان الموقع نفسه قد شبّه في آب 2020، حين اشتعلت اضرابات مماثلة في البلاد، مطالب العمال بـ”الجمر تحت الرماد”، متوقعاً موجة من الإضرابات هي الأكبر بين المواقع والشركات التي تديرها وزارة النفط منذ 40 عاماً، خصوصاً في ظل غياب الأمن الوظيفي وعدم دفع الرواتب منذ شهور من ضمن أزمات أخرى، لأسباب “غير معروفة”، والتمسك بالوعود التي لا يفي بها المسؤولون.

فشل خطة خامنئي

وفي قراءة للأزمة الحالية، اعتبر موقع “منظمة مجاهدي خلق” أن هذه الإضرابات تؤكد “أن خطة خامنئي لم تفشل منذ البداية فحسب، بل زادت من تصميم المواطنين الضائقين ذرعاً من اضطهاد النظام على مواجهة النظام. القمع في الوضع الحالي لا يطفئ نيران الغضب المتفجر للمجتمع الإيراني، بل على العكس من ذلك، في الوضع الراهن، هو سبب لإعطاء الجماهير زخماً جديداً لمتابعة مطالباتهم وفي مقدمتها إسقاط النظام”.

ومع استشراس الأزمة التي يتضح أن جذورها عميقة جداً، يبقى السؤال المطروح: “هل لفاقد الاستقرار في هذا القطاع في بلاده أن يعطيه لمن يطلبه في لبنان؟”.

المصادر:
icbps
iran news update
iran wire

شارك المقال
ترك تعليق

اترك تعليقاً