اللامركزية المالية… شرط باسيل للسير بفرنجية!

محمد شمس الدين

ثنائي اتفاق معراب الذي يختلف اليوم على رئيس للجمهورية، يتفق في أمر واحد، هو اللامركزية المالية. ويعتبر “التيار الوطني الحر” و”القوات اللبنانية”، أن إقرار مشروع اللامركزية المالي، من شأنه أن يصحح النظام اللبناني، تحديداً بالنسبة الى المسيحيين.

المشروع الحلم لـ “المارونية السياسية” هو الفديرالية، ولكن قد يتعذر تطبيقها، فبدأ الحديث عن اللامركزية المالية، بل إن رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل وضع هذا الأمر شرطاً ليقبل مع “حزب الله” بالسير في رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية رئيساً للجمهورية.

يشن الثنائي الماروني حملات إعلامية لدعم موقفه من اللامركزية الموسعة، وصلت إلى درجة بث شائعات بأن المناطق المسيحية تدفع ضرائب أكثر من المناطق المسلمة، بينما الانماء المركزي للدولة يعمل على مبدأ التوازن، وحتى أن بعض الأبواق ذهب باتجاه فبركة أخبار عن دراسات لمؤسسات الدولة الرسمية، على رأسها وزارة المالية تثبت نظرية دفع المسيحيين ضرائب أكثر، ما اضطر هذه المؤسسات في عدة مناسبات إلى نفي الأخبار المغلوطة التي يبثها هواة الفدرلة.

الموضوع الأساس في ادعاءات دفع الضرائب هو النسبية، والأمر لا يحتاج إلى عباقرة لفهمه. ويعتمد منظرو الفدرلة على الأرقام العددية، وليس النسبية، فعدد المسلمين في لبنان هو ضعف عدد المسيحيين، وفق لوائح الشطب في الانتخابات الأخيرة العام الماضي، وبالتالي إذا أخذت عدد 100، وقارنته بعدد 10، من الجهة العددية سيتبين لديك أن 10 تدفع أكثر من 100، بينما الواقع هو أن من أصل الـ 10 يدفع بين 6 و7، أما من أصل الـ 100 فيدفع 60 أو 70، وبالتالي النسبة موحدة، وفي غياب احصائيات دقيقة عن جباية الضرائب على جميع الأراضي اللبنانية، يقدر الاقتصاديون النسبة بين 60 و70%. وقد تتفاوت النسب بين بعض المناطق، ولكن ليس لسبب طائفي، بل هو سبب طبقي، فقد تدفع قرية ضرائب أكثر بكثير من قرية جارتها، وذلك لأنها تتميز باغتراب معظم أبنائها، وبالتالي وضعها المادي أفضل من جارتها، التي لا تمتلك هذا العدد من المغتربين. ولكن تجدر الاشارة إلى أن الخدمات المقدمة في القريتين مختلفة، بحيث تجدها أفضل بكثير في القرية الميسورة، وهذا يعود إلى قدرة البلديات المادية في القريتين. أما عن الخدمات المركزية للدولة، فهي نفسها في كل القرى والمناطق، فلن تجد منطقة تحظى بساعات كهرباء أكثر من منطقة، أو كمية مياه أكثر، فأصلاً في حال لم يدفع المواطن الفواتير المتوجبة عليه، تقطع عنه الخدمات المركزية، وبالتالي تسقط نظرية مناطق تدفع ضرائب أكثر من مناطق.

أما من ناحية التطبيق، فإن اللامركزية المالية تضرب المناطق التي لا تمتلك مرافق عامة تدر عليها الأرباح، فمثلاً ليس هناك في البقاع مرفأ أو مطار، وهاتان المنشأتان تدران أموالاً طائلة على الدولة، وبالتالي الانماء في بيروت مثلاً سيكون متقدماً سنوات على بعلبك، التي سيكون عليها الاعتماد على الضرائب المجنية من الزراعة فقط. ولكن هذا أمر معروف لدى القوى السياسية، فهل تطالب فعلاً باللامركزية المالية المناطقية؟ تلفت مصادر مقربة من مرجعية سياسية وسطية في حديث لموقع “لبنان الكبير” الى أن “الثنائي الماروني يطالب باللامركزية المالية الطائفية، وليس المناطقية”. وتشير الى أن “المطلوب هو أن تقوم كل طائفة بجباية أموال مواطنيها، وتوزعهم على مناطق وجود الطائفة، مثلاً، يمكن لبعلبك أن تستفيد من مردود مرفأ صور، أو حمانا من مرفأ جونية، وبالطبع هم لا يقولون ذلك علناً، إلا أن هذا هو مضمون مطلبهم، ويعد فعلياً فديرالية طائفية مقيتة”.

وعن إمكان قبول فرنجية بهذا الأمر ليصبح رئيساً، توضح المصادر أن “هذا الأمر ينافي التزامه بالطائف، ومن المستبعد أن يقبل به، تحديداً أن الدول الاقليمية وعلى رأسها السعودية، ترفض المس بالصيغة اللبنانية، ولن تمر عليها فديرالية مقنعة، تحت اسم اللامركزية المالية”.

شارك المقال