بوتين لا يريد انتهاء الحرب

حسناء بو حرفوش

لا يريد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن تنتهي الحرب الروسية، بل يسعى على العكس تماماً، الى إعادة العالم إلى حقبة الأربعينيات السوفياتية، وإلى أمجاد الحرب العالمية الثانية، تلك هي خلاصة مقال نشرته “ذا غارديان” بتوقيع جورجي جوسبودينوف، مؤلف كتاب Time Shelter، الحائز على جائزة 2023 Booker International.

ووفقاً للمقال، “لقد اختارت روسيا سنوات الحرب العالمية الثانية واختار بوتين، لأسباب مفهومة، العودة إلى أوائل الأربعينيات لأن تعاسة روسيا وعزلتها الحالية جعلتها تحن للأوقات “السعيدة” والقوية في الاتحاد السوفياتي. أما ما يريده بوتين من الحرب فليس الانتصار، بل جعلها مزمنة، وإجبار جميع العالم على العيش في ذلك النظام. يشكل ذلك المشروع الذي يهدف الى إحياء الماضي الأرض الخصبة المثالية للشعبوية والقومية. وتعد الذاكرة والثقافة جزءاً من نظام المناعة في أوروبا، لكن حرب أوكرانيا اندلعت لأن أولئك الذين يحملون الذكرى الحية للحرب العالمية الثانية لم يعودوا موجودين.

ولم يعد الأمر يتعلق بالذاكرة وحسب، بل يتعلق بما يتم تذكره وكيف. ويعمل بوتين من خلال الشعبوية والقومية على صناعة نسخة خاصة من الذاكرة. ومن أكثر الأشياء إثارة للقلق الآن محو الحد الفاصل بين الحقيقة والتزييف. هذا التزييف لا يعيد كتابة الماضي فحسب، بل يحدد المستقبل مسبقاً، ويرتكز على ماضٍ منقح لتبرير الاعتداءات الحالية. لقد أعادت الحرب في أوكرانيا أوروبا الوسطى والشرقية إلى أوروبا، ولن تنتهي بإطلاق الرصاصة الأخيرة، خصوصاً مع استمرار حرب الدعاية التي بدأت قبل سنوات.

الاستدانة والتطوع

ولكن بينما تنشط حرب الدعاية في الخارج، يواجه بوتين بعض المشكلات في الداخل. وسلط مقال في موقع “بلومبرغ” الضوء على تأثير التصعيد في أوكرانيا على تركيبة روسيا الديمغرافية. ووفقاً للمقال، “تحول التطوع الى احدى الركائز الحيوية للحرب، ويحاول الكرملين إقناع المزيد من الروس بالتطوع للقتال من خلال تقديم الحوافز والمزايا المالية. هذا يعني أن البنك المركزي الروسي يلعب دوراً مهماً لكن الحرب تزيد من الاستدانة للانفاق بشكل يهدد موارد الموازنة”.

يأتي ذلك في ظل إقرار مجلس النواب الروسي “مشروع قانون في آذار لنقل مسؤولية دفع أجور وبدلات جميع أفراد القوات المسلحة إلى المؤسسات الميدانية والبنوك التي تختارها الحكومة لضمان أمن البيانات المتعلقة بالجيش”.

حرب طويلة وشاقة

وفي السياق نفسه، حذر مؤسس جماعة “فاغنر”، يفغيني بريغوجين من ضرورة استعداد روسيا لحرب شاقة. وأشار إلى أن “بين النخبة من المواطنين الروس وأولئك العاديين قد تنتهي على غرار ما حصل في العام 1917 بالثورة البلشفية”. وأضاف: “نحن في وضع قد يكبدنا خسارة روسيا، هذه هي المشكلة الرئيسة. لذلك، نحن بحاجة الى فرض الأحكام العرفية”، مذكراً بأن “النخبة تواظب على حماية أبنائها من المشاركة في الحرب، بينما يهلك أبناء عموم الشعب على الجبهة. ويهدد هذا الوضع باضطرابات داخل البلاد”.

شارك المقال