زجر مسيحي لباريس وكمائن متبادلة في “معسكر أزعور”

رواند بو ضرغم

تزامنت زيارة البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي الى فرنسا مع وجود عضو كتلة “الجمهورية القوية” النائب بيار بو عاصي في باريس، وعلم موقع “لبنان الكبير” أن النائب القواتي ستكون له جولة على رئاسة الجمهورية (الاليزيه) ووزارة الخارجية، ومجلسي النواب والشيوخ، ليضع الفرنسيين في جو الملف الرئاسي في ضوء المستجدات الأخيرة، وينقل لهم خيارات المعارضة ويضيء على مساوئ الخيارات الأخرى، انطلاقاً من أن الانتخابات الرئاسية هي شأن داخلي لبناني، وليس شأناً فرنسياً داخلياً، بما معناه أن الكلمة الأساس هي للكتل النيابية اللبنانية، وليس لأي أحد أو لأي دولة أخرى. كما سيكون لبو عاصي في جولته الفرنسية مؤتمر ولقاء مع الجالية قبل عودته الى لبنان.

يقول رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل في مجالسه الخاصة إن رئيس “القوات اللبنانية” سمير جعجع مأزوم رئاسياً بعد أن انتصر عليه سياسياً. الا أن كلام باسيل ليس الا نصف حقيقة، بحيث أن جعجع يُعتبر أكثر ارتياحاً منه، ويحاول حزب “القوات” أن يتموضع ليكسب في شتى الحالات، انطلاقاً من أن الوزير السابق جهاد أزعور ليس مرشحه، إنما إذا حصل توافق عليه وأعلن باسيل التزام دعمه علنياً، فلن يعارض حينها وسيصوّت له. وفي حال لم يُعلن باسيل التزامه بالاتفاق مع المعارضة فلن يخسر “القوات” شيئاً لأنه لم يكن هو من تواصل مع باسيل، إنما قدم رئيس حزب “الكتائب” سامي الجميل نفسه وسيطاً بين المسيحيَين الخصمين.

وتؤكد مصادر “القوات” لموقع “لبنان الكبير” أن باسيل لم يقدم أي ضمانات حتى اللحظة، وأساساً لم يطلب “القوات” منه الضمانات لأنه “كذاب”، فهل من أحد يطلب ضمانات ممن لا يتقن سوى الكذب؟!

وتضيف المصادر: إن معراب أُبلغت بأن باسيل سيعلن التزامه بأزعور اليوم (الثلاثاء)، وعلى الرغم من أن “القوات” يشكك بالتزامات باسيل، فإنه سينتظر إعلانه الرسمي ليبني على موقف التيار مقتضاه.

بدت شكوك “القوات” في محلّها بعد مقابلة باسيل الأخيرة مع صحيفة “القبس” الكويتية بحيث لم يسمّ جهاد أزعور بصورة واضحة، واكتفى بالقول بأنّ المعارضة اتفقت على اسم لمواجهة فرنجية. وبدا باسيل خائفاً من رسائل “حزب الله” عندما قال: “يمكنني القول إن الحد الأدنى من التوافق أصبح متوافراً، ولكن هذا لا يعني اكتمال العناصر لانتخاب الرئيس لأن ما ينقص هو آلية الانتخاب والبرنامج الذي يهمنا أكثر من الرئيس”.

وفق مصادر قيادية في الملف الرئاسي، يعلم “القوات” أن المعارضة من دون المكون الشيعي لن تكون قادرة على إيصال مرشحها بأكثرية الخمسة والستين صوتاً، ولكنها في الوقت نفسه ترى أنها تستطيع أن تحصل على أصوات تفوق أصوات فرنجية في الجلسة الانتخابية، هذا اذا دعا اليها رئيس مجلس النواب نبيه بري كما تقول. وهي تعلم أيضاً أن لديها عوامل متحركة كثيرة وغير مضمونة، كموقف كتلة “اللقاء الديموقراطي” من اتفاق المعارضة وموقف كتلة “الاعتدال” وموقف التغييريين، هذا يعني أنهم واقعيون في مقاربة وضعهم غير الممسوك والخارج عن نطاق السيطرة. إنما استراتيجية “القوات” تقول إن أهمية “تقليعة” الاتفاق في حال أعلن باسيل سيره به، تكمن في “تحقيق شرخ فعلي بينه وبين حزب الله”، ولا أحد يستهين بدلالات هذه الواقعة إن حصلت في المعادلة السياسية، خصوصاً بعد كلام رئيس كتلة “الوفاء للمقاومة” النائب محمد رعد والشيخ نعيم قاسم الذي يدل على أنهم جديون في الرسالة التي وجهوها الى باسيل ومفادها: لا تلعب معنا هذه اللعبة! أما “القوات” فيريد أن يلعبها باسيل، وفي حال أقدم عليها سيكون مكسباً بحد ذاته لـ “القوات”، حتى ولو لم يصلوا بمرشحهم الى سدة الرئاسة.

و”القوات” أيضاً غير مبالٍ إذا صوّت تكتل “لبنان القوي” بكامل نوابه لمرشح المعارضة أم لم يصوّت، فإن انقسامه في حال صح ما تسمعه معراب عن أن سبعة نواب من التيار لن يلتزموا قرار باسيل، يعني انشقاق التيار، واذا حصل سيكون نعمة ومكسباً لـ “القوات”.

ووفق المعلومات التي وصلت الى المعارضة، فإن باسيل كان يريد أن يلتقي بنوابه المعترضين كل منهم على حدة أمس الاثنين، إنما تواصل معهم هاتفياً وهددهم بالويل والثبور وعظائم الأمور في حال عدم خضوعهم للقرار الباسيلي الأعلى. ولكن مصادر “القوات” ترجح في النهاية التزام النواب المعترضين بما يريده باسيل.

يستبعد “القوات” أن يدعو الرئيس بري الى جلسة لانتخاب رئيس في حال اتفقت المعارضة على ترشيح أزعور، لتفادي امكان حصوله على أصوات أكثر من فرنجية ولو بصوت واحد، أو أنه سيدعو الى جلسة ويطيّر نصابها بالثلث المعطل الحاصل عليه الفريق الداعم لفرنجية. الا أن “القوات” يعتبر أنه أيضاً يمتلك الثلث المعطل (أي مجمل الأصوات التي حصل عليها ميشال معوض ستقاطع جلسة انتخاب فرنجية) وهذا ما يشكل توازناً مرعباً في المجلس النيابي.

ينفي “القوات” أي اتجاه له لتسهيل وصول فرنجية الى سدة الرئاسة، تماشياً مع خياره الاستراتيجي الرافض له، وهو لن يحذو حذو الفرنسيين بمحاربة الرئيس السوري بشار الأسد من جهة، وتقديم لبنان له من جهة أخرى بواسطة سليمان فرنجية! كما تقول هذه المصادر.

أما “حزب الله” والرئيس بري فمرتاحان الى وضعهما الرئاسي، من منطلق “ما نَفْعُ جبران باسيل إن ربح العالم وخسر نفسه؟”، بما معناه: ما نفع باسيل إن ربح على الثنائي الشيعي رئاسياً وخسر نصف تكتله النيابي؟!

شارك المقال