مافيا الكسارات في زحلة “تحتال” بالهزة لتمرير تفجيراتها

راما الجراح

تنتشر الكسارات العشوائية بصورة كبيرة في منطقة زحلة، وبحسب الجيولوجيين، فإن هذه الكسّارات والمقالع أقامها أصحابها فوق فوالق زلزالية لهشاشة الصخور فيها. والهزة الغريبة التي شهدتها هذه المنطقة منذ يومين ووقعت على جدار فالق اليمونة، سبقها صوت إنفجار قوي لم تُعرف أسبابه حتى الآن.

يستمر الغموض المحيط بالهزّة الأرضية التي شعر بها السكان، ولكن الغريب أنّ “المركز الوطني اللبناني للجيوفيزياء” لم يستطع حتى الآن التمييز بين طبيعة الموجات المرصودة لمعرفة حقيقة ما حصل، تفجير في كسارات، أَم هزّة أرضية نتيجة تحرك طبيعي لأحد الفوالق الزلزالية! وفي لحظة وقوع التفجير، وحصول الهزّة، وانتشار الخبر وُضع الأمر في عهدة القوى الأمنية المسؤولة عن متابعة أعمال الكسّارات على الأرض، لا وزارة البيئة بحسب ما قال وزير البيئة في حكومة تصريف الأعمال ناصر ياسين، مشيراً إلى أن هناك “1235 موقعاً تعمل في استخراج الصخور على الأراضي اللبنانية، العشرات منها مخالفة، وتعمل على نقاط زلزالية حرجة. ولكن، إنفاذ القانون على الأرض من مسؤولية القوى الأمنية، والادارات المحليّة”. وأكد أن “العمل جار على مخطط توجيهي جديد للكسّارات، بالتعاون مع المجلس الوطني للبحوث العلمية، تُستثنى منه السّلسلة الغربية بصورة تامة”، موضحاً أنه سيعرض توصية في أول جلسة قادمة لمجلس الوزراء تقضي بأن توقف القوى الأمنية العمل في أيّ من مجموعات الاستخراج الكبيرة. وغرّد ياسين قائلاً: “كل المعطيات في ما يخص رصد أي إشارات غريبة أُرسلت الى الأجهزة العسكرية والأمنية والقضائية”.

أما الخبير في الهيدروجيولوجي الدكتور سمير زعاطيطي فأوضح في حديث لموقع “لبنان الكبير” أنّ “الانفجار يختلف عن الهزة، الأول صوته عالٍ لأنه سطحي، وهناك هواء على سطح الأرض الذي يعتبر وسيلة لنقل الأصوات بموجات نسميها موجات صوتية، وفي باطن الأرض ليس هناك هواء، بل صخور من نوعين، السائلة والصلبة، الأولى متحركة، وتقوم بتيارات وموجات والتي بدورها تخبط على الصخر الصلب وبالتالي تشكل خبطات زلزالية، وتنتقل في باطن الأرض عبر الصخور. أعمق زلزال في التاريخ هو على عمق ٧٠٠ كلم في باطن الأرض، وهناك زلازل تأتي سطحية على عمق يتراوح بين ٢٠ و١٠٠ كلم”.

وأكد أنه “لا يجب تخويف الناس وتهويل الأمور بالطريقة التي تحصل إن كان عبر جيولوجيين أو من مرصد الرصد نفسه لأن هذا غير منطقي، ويجب شرح الأمور كما هي، وإظهار الفرق بين الموجة الزلزالية والموجة الصوتية، وعند حدوث الزلزال يُسمع صوت بعدما يخرج من باطن الأرض ويسمى العاصفة الزلزالية. نعم هناك كسارات في منطقة زحلة، وبالفعل هناك مرور لفالق اليمونة في هذه المنطقة، وهو عبارة عن تشقق قاري بدأ منذ عشرين مليون عام مع انشقاق البحر الأحمر بين الصفيحة العربية أي شبه الجزيرة العربية وأفريقيا، وهذا الانشقاق هو كسور متتابعة بدأت في العقبة – الأردن، وادي عربة – شرق جزيرة سينا، غور الأردن، حولا، ومن لبنان يتشعب إلى شعبتين، الأولى إلى الشرق حيث فالق راشيا المعروف والذي يضرب على طرف جبل الشيخ، ويستمر حتى فالق سرغايا الذي أصبح داخل سوريا تماماً، والثاني إلى الغرب حيث فالق اليمونة، ويتفرع منه جزء إلى فالق روم ويستمر إلى آخر الأراضي السورية إلى طرف لواء الاسكندرون وينتهي في جبال طوروس التركية”.

وأشار زعاطيطي الى أن “المؤسسة الفيزيائية الباريسية لكرة الأرض عملت بين العامين ٢٠٠٣- ٢٠٠٦ على فالق اليمونة، وتبين لها أنه إلى شرق الكسر هناك الصفيحة العربية، وإلى غربه هناك الصفيحة المشرقية، أي يتضمن جزءاً من لبنان، وهنا الصفيحتان تتحركان بطريقة أن الصفيحة الشرقية والتي تمر بسهل البقاع ترتفع كل عام حوالي ٩ ملم، وهذا الاحتكاك ليس صدمياً كما تركيا مثلاً، ينتج عنا زلازل ولكن خفيفة جداً، لأن هذه الكسور هي مخرج للطاقة الموجودة داخل الأرض”.

وقال: “الزلازل أمور طبيعية، وتحصل بصورة دائمة، وفي منطقتنا تكون خفيفة، ومافيا الكسارات تحتال بطريقة معينة لتمرير تفجيراتها ولو حتى بشائعات عن زلزال! أصبحنا اليوم نعلن عن هزة بقوة ٢ درجتين على مقياس ريختر فقط وأساساً لا يشعر بها إلا من يعيش على الفالق مباشرة وبصورة خفيفة جداً، وأساساً كانت موجودة دائماً ولكن لم يكن يعلن عنها في السابق. برأيي يكفي تهويل للأمور، بالإذن من وزير البيئة والجيولوجيين وكل المصادر التي أعلنت عن رصد إشارات غير منطقية. المتفجرات التي توضع للكسارات تكون داخل حفرة بعمق ١٥ متراً تقريباً، وينتج عنها تفتت الصخور وتصدع في الأمتار العشرة في العمق فقط. شعاع الأرض ٦٣٧١ كلم، والقشرة الأرضية معدل سماكتها ٣٥ كلم، ما يعني أن الاخيرة كقشرة التفاحة بالنسبة الى الأرض، فإلى أي مدى سيكون تأثيرها؟ لذلك لا داعي للقلق والخوف”.

شارك المقال