خارج المعارضة وليس تابعاً للحزب… “التيار” يتنفس عربياً؟

هيام طوق
هيام طوق

ركَّزت الصحف اللبنانية التي صدرت أمس على زيارة رئيس الجمهورية السابق ميشال عون إلى سوريا حيث التقى الرئيس بشار الأسد بعد 14 عاماً على زيارته الأخيرة، وقيل الكثير في هذا الاطار خصوصاً أنها تأتي في مرحلة مهمة وحساسة على الساحتين الاقليمية والداخلية ما دفع المكتب الاعلامي للرئيس عون الى اصدار بيان تحدث فيه عن محاولة البعض إلباس الزيارة غير ثوبها الحقيقي، وإعطائها مضامين كاذبة “أقل ما يقال في بعضها أنها تندرج في إطار التخيلات وسوء النوايا”.

وفيما شدد البيان على أن عون لم يطلب وساطة من أحد أو لأحد، ولم يكن أحد أهداف الزيارة تعويم “التيار الوطني الحر”، وتحصين الوزير جبران باسيل كما قيل، و”قمة التضليل، في التشويش على العلاقة بين الرئيس عون والسيد حسن نصر الله، والاساءة الى الاثنين”، لفت مصدر مطلع الى أن الزيارة كانت محددة سابقاً، وصودفت مع التطورات الرئاسية، لكن لا بد أنه تم التأكيد خلال لقاء الرئيسين على متانة العلاقة بين البلدين، والبحث في التطورات على صعيد المنطقة، وعودة سوريا الى الحضن العربي بالاضافة الى ملف اللاجئين السوريين بحيث أن عون يطالب بعودتهم الى بلدهم.

وبعيداً عن التأويلات والتحليلات التي رافقت الزيارة، والأهداف منها، والمواضيع التي تم النقاش فيها خلال اللقاء بين عون والأسد، وإن كان تناول الملف الرئاسي أو لم يتناوله، فلا بد من التساؤل: ما أهمية هذه الزيارة بالنسبة الى “التيار الوطني الحر”؟ وهل يمكن أن تعيد العلاقة بين “التيار” و”حزب الله” الى سابق عهدها، وبالتالي، إعادة خلط أوراق الاستحقاقات الدستورية؟

رأى النائب إدغار طرابلسي أن “الزيارة مهمة ليس للتيار الوطني الحر انما للبنان ككل اذ إن سوريا على حدودنا. كانت هناك علاقات متشنجة بين البلدين، ثم خرج الجيش السوري من لبنان، ومن حارب سوريا، وساهم في تحرير لبنان فيما بعد، كانت لديه الجرأة الأدبية والوطنية أن يفتح صفحة جديدة معها تماماً كما حصل بعد الحرب العالمية الثانية بين فرنسا وألمانيا ودول أخرى”، مشدداً على “أننا نريد أفضل العلاقات مع سوريا لخير لبنان، وهذا سينعكس على لبنان في السياسة والاقتصاد والترانزيت والصناعة واعادة الاعمار اضافة الى حلّ مسألة النازحين التي لا يمكن أن تجد مسارها الصحيح من دون التواصل المباشر مع الدولة السورية”.

وقال: “ما صدر عن المكتب الاعلامي لرئيس الجمهورية هو الكلام الصحيح والمباشر، ولا يمكن الزيادة عليه، ونكتفي به”. واعتبر أنه “على الرغم من أن علاقة البعض ليست على ما يرام مع سوريا إلا أن لبنان كان أول الداعمين لعودتها الى الجامعة العربية، ومن البديهي أن يزور الرئيس عون، سوريا لتكون الزيارة استمرارية للموقف السياسي”.

وأشار الى أن “العلاقات اللبنانية – اللبنانية لا تتطلب وساطة خارجية، ولا يمكن أن نضع الزيارة في هذا الاطار. نحن منفتحون على كل التيارات والأحزاب والمكونات السياسية، والتباين في الرأي حول أي مسألة أو أي ملف، لا يعني الخلاف، وموضوع الوحدة الوطنية لا التباس حوله بين كل المكونات. نحن لدينا النية أن يكون لبنان واحداً موحداً مع ضمان حرية الرأي، من دون أن يتحول الاختلاف الى مشاحنات وصدام وتوتر بين الفرقاء”.

واعتبر الكاتب والمحلل السياسي جورج علم أن “الزيارة الى سوريا تؤكد على دور التيار الوطني الحر المنفتح على محور ما يسمى بمحور الممانعة خصوصاً أنه كان شريكاً لحزب الله في تفاهم مار مخايل. العماد عون كانت له خطوات قبل انتخابه رئيساً بمعنى أنه زار دمشق، وبدأ مسيرة جديدة من التعاون مع الرئيس الأسد والنظام القائم. أما كيف ستترجم الزيارة داخلياً؟ فأعتقد أن هناك حسابات كبرى، وعلينا أن نأخذ في الاعتبار عودة سوريا الى الجامعة العربية، والانفتاح الحاصل بين السعودية وسوريا، واحتمال عودة معادلة السين سين الى لبنان وإن كان الوقت مبكراً لاظهارها، لكن يبقى هذا الاحتمال موجوداً”، لافتاً الى أن “التيار من خلال الرئيس عون، يحاول أن يوحي بأنه خارج اطار المعارضة وليس تابعاً لحزب الله بمعنى أنه منفتح على العالم العربي من خلال سوريا. من هنا، نرى أن هناك نوعاً من التمايز، يحرّر التيار من التبعات التي كانت محسوبة عليه، واظهاره كأنه خارج أوكسيجين الحزب، يختنق”.

وأوضح أن “العلاقة بين التيار والحزب لم تنقطع، انما الخلاف حول ملف رئاسة الجمهورية، وأعتقد أن الزيارة الى سوريا لن تغيّر في موقف التيار في هذا السياق خصوصاً أنه أصدر بياناً عندما كان الرئيس عون في ضيافة الرئيس الأسد، أكد فيه أن مرشحه الوزير السابق جهاد أزعور، وعلى كل نواب التيار الالتزام بهذا الخيار. إذاً، الزيارة لن تؤثر على موقف التيار الا اذا حصلت الضغوط الخارجية غير المنظورة لغاية الآن أو اذا كانت هناك تسوية كبرى، والرئيس عون اشتمّ دلائلها قبل الاعلان عنها”، مشيراً الى أن “الزيارة ربما تطرّي الأجواء بين التيار والحزب، لكن لا بد من الاشارة الى أن الخلاف بين الطرفين حول الرئاسة لا أكثر”.

وأكد علم أن “ليس هناك من انتخاب للرئيس في 14 الجاري، وقد لا تعقد الجلسة أو قد تعقد صورياً بمعنى أن ما من مرشح باستطاعته الحصول على 86 صوتاً، وبالتالي، ترفع الجلسة بفعل تطيير النصاب، ليصار البحث لاحقاً في التوافق على الرئيس، وهذا هو السيناريو الأقرب الى النجاح. وبالتالي، الزيارة ليست مرتبطة بالاستحقاق الرئاسي أي أن التيار يمكن أن يغيّر مواقفه ليصوّت للمرشح سليمان فرنجية ارضاء للحزب كي تعود العلاقة بين الطرفين. هذا ليس وارداً، وما اتخذه التيار من مواقف في الاستحقاق الرئاسي سيبقى ملتزماً بها، ولن يعرّض مصداقيته. إذاً، لا انتخاب للرئيس في الجلسة المقبلة الا اذا حصلت معجزة كبرى كتدخل دولي أو تسوية لم تظهر حتى الآن، لكن هذه الجلسة ستكون مفتاحاً للتوافق على مرشح جديد”.

شارك المقال