حين يلعب جبران بالمعارضة ويعجز “حزب الله” عن ردع حلفائه

رواند بو ضرغم

تحول الثائران مارك ضو ووضاح الصادق من صوت صادح في وجه المنظومة السياسية أيام الثورة، ليصبحا آذاناً صاغية الى تعليمات رجل المنظومة التي انتفضا عليها في عهده وعمه.

فالنائبان ضو والصادق اللذان ترشحا باسم الثورة التي هتفت بشعار “كلهن يعني كلهن وجبران واحد منهم”، باتا أداة بيد رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل الذي يقول إنه على تواصل دائم معهما والاتصالات مفتوحة ويومية لتنسيق المعركة الرئاسية وإسقاط رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية.

في مقابل تلاعب باسيل بالمعارضة، أحزاباً وأفراداً، يُلاحظ أن “حزب الله” الذي تحول الى ترسانة عسكرية ضخمة تهزم العدو الاسرائيلي، غير قادر على التحكم بالسياسة الداخلية وردع حلفائه عن فعل الضغط والتحدي لتمرير الاستحقاق الرئاسي بما يحفظ ظهر حليفهم الاستراتيجي بمقاومته.

استطاع باسيل أن يحوّل المعركة الرئاسية الى معركة مسيحية بامتياز، سحب رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع الى معسكره، وحشر النواب المستقلين المسيحيين الذين كانوا متفقين على عدم التصويت لجهاد أزعور وأجبرهم على الالتحاق بالتوافق المسيحي والالتزام أمام الصرح البطريركي.

غير أن هذا الاصطفاف المسيحي لن يُكسب مرشحهم أي غطاء وطني جراء عزل المكون الشيعي، كما جاهر النائب مارك ضو قائلاً إنه للمرة الأولى يكون الثنائي الشيعي معزولاً الى هذه الدرجة. وهذا الاصطفاف المسيحي يأبى الرئيس نبيه بري أن يُشهر في وجهه البلوك الشيعي المتين الذي يهدد ميثاقية الجلسات، حتى لو حاول الثنائي المسيحي تحويل المعركة الرئاسية الى انتحار مسيحي في وجه المكون الشيعي.

تقول مصادر قيادية إن سليمان فرنجية يحظى بالغطاء الوطني ولديه في الحد الأدنى عشرة أصوات مسيحية، بينما المعارضة و”التيار الوطني الحر” ضمناً، غير قادرين على اختراق المكون الشيعي ولو بنائب شيعي واحد لصالح مرشحهم، فهل يُقدمون على انتخاب رئيس للجمهورية من غير ميثاقية شيعية؟ وهل يسير رئيس الحزب “الاشتراكي” وليد جنبلاط، صديق الرئيس بري لأكثر من أربعين سنة، في عملية كسر التوازنات وعزل الشيعة والمخاطرة بالأمن والأمان؟! صحيح أن الرئيس بري ارتاب من سفر صديقه جنبلاط قبيل القرار الرئاسي المفصلي لـ “اللقاء الديموقراطي”، ونقل اليه عبر الوزير السابق غازي العريضي رسالة بأن قرار التصويت لأزعور قد يضع “الاشتراكي” في وجه الطائفة الشيعة. ولا تخفي المصادر ظنّها بأن جنبلاط اتخذ قرار التصويت لأزعور، وبسفره الى باريس سيضع الفرنسيين في جو عدم استطاعته الخروج عن التوافق المسيحي، وفي الوقت نفسه يلتئم “اللقاء الديموقراطي” برئاسة نجله تيمور جنبلاط لاعلان الموقف. وهذا ما قد يسبب توتراً بين الحليفين، لذلك تأمل مصادر عين التينة في أن يكون قرار “اللقاء الديموقراطي” حيادياً بين طرفي النزاع الرئاسي، مسيحيين وشيعة، والتزام الورقة البيضاء لعدم كسر أي مكون لمصلحة مكون آخر. أما في حال دعم “الاشتراكي” لأزعور، فيكون الثنائي الشيعي أمام مشهد تطيير النصاب من جديد، ولكن هذه المرة مع براءة ذمة من الثنائي المسيحي الذي اعترف بحق التعطيل لعدم إيصال فرنجية الى سدة الرئاسة، والى حين تحديد موعد لجلسة انتخابية أخرى، يكون المشهد الاقليمي قد تبلور، وظهر أي إمكان لتدخل سوري أو إيراني أو سعودي.

وعلى خط التوتر بين عين التينة وبكركي، نفى البطريرك بشارة الراعي الكلام المنقول عن الرئيس بري، وساهم نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب في ترطيب الأجواء بين الصرحين من خلال اتصاله بالرئيس بري بعد لقائه البطريرك الراعي، بحيث أكدت المصادر أن سوء التفاهم تم اجتيازه، ويفضّل الرئيس بري أن يلتقي البطريرك شخصياً للبحث في المستجدات الرئاسية وشرح وجهة نظره له، بدلاً من موفدين عنه. الا أن القرار النهائي لم يُتخذ بعد ولم يحدد الرئيس بري موعداً للمطارنة حتى لحظة كتابة هذه السطور.

شارك المقال