ينظم الاتحاد الأوروبي، مؤتمر بروكسل في نسخته السابعة حول “دعم مستقبل سوريا والمنطقة”، يومي 14 و15 حزيران الجاري في بروكسل. وسيشهد اليوم الأول، “يوم الحوار” بمشاركة قادة المجتمع المدني من داخل سوريا والمنطقة والشتات، وسيتحدثون عن الصعوبات التي تواجه الشعب السوري. وفي اليوم الثاني، سيعقد اجتماع على المستوى الوزاري، بمشاركة الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، ودول الجوار السوري، وممثلين عن الأمم المتحدة ومنظمات دولية أخرى. وسيتمثل لبنان بوزير الخارجية والمغتربين عبد الله بو حبيب الذي كلّفه رئيس الحكومة نجيب ميقاتي بهذه المهمة، إذ يحمل معه ورقة عمل موحدة باسم لبنان.
ويهدف المؤتمر بشكل أساس الى ضمان استمرار الدعم للشعب السوري، سواء في سوريا أو في المنطقة الأوسع، من خلال تعبئة المجتمع الدولي لدعم حلّ سياسي شامل وموثوق للنزاع السوري يتماشى مع قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254. وكما في مؤتمرات السنوات السابقة، سيتناول مؤتمر بروكسل السابع، القضايا الانسانية الحرجة والمسائل الأساسية المرتبطة بالقدرة على الصمود التي تؤثر على السوريين في سوريا والدول المجاورة، وتلك التي تؤثر على المجتمعات التي تستضيف اللاجئين السوريين في المنطقة. لذلك، سيجدد المؤتمر الدعم السياسي والمالي من جانب المجتمع الدولي لجيران سوريا، خصوصاً الأردن ولبنان وتركيا، بالاضافة إلى مصر والعراق. ولا بد من الاشارة الى أن مؤتمراً خاصاً للجهات المانحة عقد في وقت سابق من هذا العام لدعم شعوب تركيا وسوريا في أعقاب الزلزال المدمر في شهر شباط الماضي.
وفيما يبقى مؤتمر بروكسل الحدث الأبرز للاعلان عن التبرعات هذه السنة لسوريا وكل الدول المجاورة لها، إذ تمكّن مؤتمر بروكسل 6 من تخصيص مساعدات بقيمة 6.4 مليارات يورو، من المقرر أن يشارك مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل في رئاسة المؤتمر إلى جانب أوليفر فارهيلي، مفوض الجوار والتوسع، وجانيز لينارتشيتش، مفوض إدارة الأزمات.
إذاً، بو حبيب سيمثل لبنان في مؤتمر بروكسل، ويلقي كلمة باسمه، بعد أن كان مقرراً أن يرأس الرئيس ميقاتي الوفد اللبناني الا أن مصادر مقربة من الرئاسة الثالثة، أوضحت لموقع “لبنان الكبير” أن الأطباء نصحوا رئيس الحكومة بعدم السفر، وأخذ قسط من الراحة بسبب تعرضه لوعكة صحية مع العلم أنه في صدد الدعوة الى عقد جلسة للحكومة قبل مؤتمر بروكسل، تخصص لملف اللاجئين السوريين فقط. وكان ميقاتي أعلن في وقت سابق أن الحكومة تمتلك خطة قصيرة ومتوسطة وبعيدة المدى لإيجاد حلّ لهذا الملف، وتمّت مناقشتها والاتفاق عليها بين جميع القوى اللبنانية في الجلسات الحكومية، وهي عبارة عن 9 نقاط أساسية، ستطرح في بروكسل.
وفي هذا السياق، أشارت المصادر الى أن الورقة التي يحملها بو حبيب، مؤلفة من 3 أقسام أساسية: القسم السياسي ورؤية لبنان من عودة اللاجئين، والقسم الاقتصادي والاجتماعي وطلب المزيد من المساعدة، والقسم الأمني والجرائم المرتكبة على الأراضي اللبنانية. والأهم، أن لبنان سيشدد على موقفه الموحد أمام المجتمع الدولي خصوصاً الأوروبي بعد 12 سنة من اللجوء، وهذا أمر مهم جداً اذ باتت الأمم المتحدة والجهات المانحة، والاتحاد الأوروبي، مضطرين الى التواصل مع المؤسسات الرسمية اللبنانية لأن الملف تسلمته الدولة بكل جوانبه، إذ أن كل وزارة، تعمل في الشأن الذي يعنيها. على سبيل المثال، الأمور الاجتماعية والمعيشية باتت في عهدة وزارة الشؤون الاجتماعية، الحوار مع الحكومة السورية من مهام وزارة المهجرين، الشؤون الصحية تحوّلت الى وزارة الصحة، الجانب التعليمي مع وزارة التربية، أما كل ما يتعلق بالشأن الأمني وإنجاز المعاملات فبات من مهام الأمن العام. وبالتالي، كل وزارة أو جهة أمنية، باتت تعرف دورها في الملف، وتقوم بالمهام الموكلة اليها. وتشكلت لجنة برئاسة رئيس الحكومة، تضم الوزراء والأمنيين المعنيين.
وهنا، لا بد من الاشارة الى أن الحكومة، كانت قد أطلقت في شهر حزيران الفائت، “خطة لبنان للاستجابة للأزمة لعام 2022 – 2023″، ودعا رئيس الحكومة حينها الى “تعاون دولي لاعادة النازحين السوريين الى بلدهم والا اخراجهم من لبنان بالطرق القانونية”.
وأوضح المدير التنفيذي لـ “ملتقى التأثير المدني” زياد الصائغ أن “المؤتمر دوري، ينظمه الاتحاد الأوروبي، ومتخصص في البحث في تداعيات الأزمة السورية خصوصاً على المستوى الانساني، وبعض الاضاءة على مسار الحل السياسي”، معتبراً أنه “لا يمكن توقّع خرق جديد خصوصاً في ظل تعثّر العملية السياسية في سوريا، وعدم إنجاز أي تقدم في ما يعرف بمسار جنيف الذي تقوده الأمم المتحدة بما يعني الانتقال الى الحل السلمي، وبدء مرحلة عودة سوريا الى حالتها الطبيعية”.
وفي ما يعنى بلبنان، قال الصائغ: “ليس واضحاً حتى الآن بأي شكل من الأشكال، ما هي الورقة التي سيتقدم بها لبنان، وللأسف، سمعنا عن أوراق كثيرة منذ العام 2012، لكن لم تتضمن أي ورقة، سياسة عامة متكاملة، قائمة على إعداد مسار لديبلوماسية عودة اللاجئين، على أن يكون لبنان متقدماً بطرح يتكامل فيه على المستوى الاقليمي، ويتعاون مع الأردن وتركيا لأنهما يحتضنان أعداداً هائلة من اللاجئين السوريين كما لبنان، ولم يقم بأي جهد للتعاون مع هيئات الاأم المتحدة لبلورة تصوّر مشترك بما يعني أنه غابت عنه ما نسميه ديبلوماسية المبادرة. نحن باقون في مربع الديماغوجيا والشعبوية والارتجال واستعادة شعارات التسوّل، إضافة الى منطق المؤامرة التي يقودها خصوصاً الاتحاد الأوروبي، (ما كان يقال في الأروقة اللبنانية)، لدمج اللاجئين السوريين وتوطينهم في لبنان في الوقت الذي تعامت فيه هذه المنظومة عن عراقيل العودة وكيف هي قوى الأمر الواقع في سوريا”.
ورأى أن “علينا انتظار كيف سيقارب الاتحاد الأوروبي تطوّر أزمة اللاجئين السوريين من ناحية، وعودة النظام السوري الى جامعة الدول العربية من ناحية ثانية، وما اذا كان سيطلب الاتحاد من جامعة الدول العربية، متابعة هذه القضية، وإنجاز مسار متكامل، وأخذ ضمانات قانونية وأمنية وإقتصادية وإجتماعية من النظام السوري وحلفائه في سوريا لتسهيل عودة اللاجئين على أن ينطلق في موازاة ذلك، تسريع لعملية الحل السياسي. ويمكن أن نقرأ اليوم البيان المشترك الذي صدر عن وزارة الخارجية الأميركية ومجلس دول التعاون الخليجي الذي تحدث عن العملية السلمية في سوريا وعن عودة اللاجئين وفق معايير الأمم المتحدة أي العودة الآمنة والطوعية، وتقديم ضمانات أمنية وإقتصادية وإجتماعية لهم”.
أضاف الصائغ: “لم يطّلع الرأي العام اللبناني على الورقة التي سيحملها بو حبيب الى المؤتمر بما يعني إفتراض أن الحل قائم في هذه الورقة، إفتراض نظري، والمؤسف والمفاجئ أنه تمّ خفض مستوى التمثيل اللبناني من رئيس الحكومة الى وزير الخارجية، وقد يكون تدبيراً مدروساً ومتفقاً عليه بين قوى المنظومة للاستمرار في عدم الاضاءة على عراقيل العودة، ولماذا تخلّفت الحكومات السابقة عن وضع سياسة عامة. في مقابل ذلك، علينا الاعتراف بأن المجتمع الدولي، فشل في تسريع عملية الحل السياسي، وهو معني ببدء بلورة تصوّر للعودة لأن استمرار الوضع على حاله يعني تدميراً منهجياً للهوية السورية، لكن تدمير منهجي للهوية اللبنانية أيضاً”. وأكد أن “مسألة اللجوء والهجرة، همّ مشترك بين الاتحاد الأوروبي ولبنان بصفتهما يتلاقيان على مستوى الأورو- متوسطي خصوصاً في قضية إشكالية كاللجوء والهجرة والتي كنا رأينا فيها بعض الحوادث المأساوية مع قوارب الموت في طرابلس”.