ما هي إمكانيات الحوار السياسي للبنانيات؟

ليال نصر
ليال نصر

من المؤكد أن النساء اللبنانيات قادرات ويستطعن إثبات أنفسهن، ولكن الجو الذكوري الموجود في المجتمع وخصوصاً في مراكز صنع القرار هو ما يمنع وصولها وليس عدم تمكينها أو أنها لا تفرض نفسها أو لا تملك معلومات في السياسة، بل إن ما ذُكر ليس سوى حجج مجتمعية.

الكوتا الموقتة ضرورية

وتقول الخبيرة في الحوكمة والتنمية المحلية د. جوزفين زغيب لموقع “لبنان الكبير”: “بحسب الأرقام في لبنان، فإن المرأة منذ العام 1953 تترشح وتستطيع أن تنتخب أي قبل سويسرا، ولكن للأسف، لم تقم الدولة اللبنانية بفعل أي شيء لتفرض وجودها ولم تساعد من استطعن الوصول”. ولذلك، إن وصول المرأة في لبنان بطيء جداً، إذ بدأت تصل إلى مراكز صنع القرار وإبراز قدراتها في الحوار السياسي في السنوات العشرين الأخيرة، ولكن من استطعن الوصول هن إما زوجات رؤساء جمهورية أو شقيقات أو زوجات لسياسيين كبار ورؤساء أحزاب.

كل هذا أدى إلى أن لا يكون لدينا سوى 4% من النساء في المجلس النيابي و5% في البلديات أي 600 إمرأة مقابل 12000 رجل في المجالس البلدية، وهذه الأرقام تدل على أننا إذا استمرينا على هذه الحال ولم نقم بإجراءات سريعة فسنبقى لا نستطيع صنع القرارات ونكون حرمنا نصف المجتمع من الوصول إلى مراكز وأن يمثلهم أحد في الداخل. ولذلك، من المهم أن يكون هناك كوتا نسائية مرحلية موقتة لمرحلة أو اثنتين لنتمكن من تغيير الصورة النمطية السائدة في المجتمع ونظهر ماذا يمكن للسيدات أن يفعلن.

أهمية تمثيل النساء

وتؤكد زغيب أن “الحوار السياسي يجب أن يكون موجوداً بين كل الأطراف والأطياف السياسية، ثم إن كل حزب موجود في الدولة اللبنانية يجب أن يضع سيدات في مكتبه السياسي منتخبات أو معينات حسب سياسة كل حزب وتكون المرأة ممثلة للحزب في أي طاولة حوار مستقبلية يفكرون فيها وخصوصاً في المراحل الانتقالية في البلد”.

وعلى الرغم من أن أكثر من مئة إمرأة يقمن بعمل جبار في البلديات المختلفة في لبنان، وهن من عملن وكنّ في الصفوف الأمامية خصوصاً خلال أزمة كورونا والأزمة الاقتصادية التي وصلنا إليها، فعملهن ممنهج فيه إدارة وتنظيم ورؤية موحدة وهذه أمثلة نفخر بها ونبني عليها للمستقبل، إلا أن لبنان أكثر الدول العربية ديموقراطية لا يزال يحتاج الى تمثيل أكبر للمرأة وتحديداً في المجلس النيابي، وهو من بين الدول العربية القليلة التي لديها تداول للسلطة على صعيد رئاسة الجمهورية.

وفي لبنان هامش واسع من حرية الرأي والتعبير والمرأة تتمتع بحرية اجتماعية واسعة، ولديها تجارب تعددية حزبية بحيث لم يعرف لبنان تجربة الأحادية الحزبية. لكن الانفتاح السياسي الملموس، والذي نعتبره شرطاً لتوسيع مشاركة المرأة في الحياة السياسية، لا يتوافق مع محدودية هذه المشاركة والسبب أن اللبنانيين أوجدوا لأنفسهم نوعاً من الديموقراطية التوافقية، وهذا الطابع التوافقي لا يساعد على بروز دور المرأة كما أن الديموقراطية الطائفية تلعب دوراً في ذلك.

وهنا لا بد من الاشارة إلى الدور الذي يقوم به المجتمع المدني في لبنان عموماً، والمنظمات النسوية منه خصوصاً، في ما يتصل بحمل عبء قضية المرأة والدفاع عن حقوقها والسعي من أجل تعزيز مشاركتها في الحياة السياسية وتمكينها من الاهتمام بالشأنين السياسي والعام والانخراط أكثر في الحوار السياسي والقيام بالأنشطة السياسية فتكون مؤثرة وفاعلة في هذا المجال وتستطيع اتخاذ القرارات الديموقراطية، لما لمشاركة النساء في صنع القرارات السياسية من أهمية لناحية منحها الشرعية للحكم، وقوة الدفع في مجتمع ديموقراطي مثل لبنان.

شارك المقال