حذر مقال في موقع “ناشيونال إنترست” من ضرورة التنبه الى الجهود التي قد تبذلها الصين من أجل التأثير في نتيجة الانتخابات الأميركية. وذكّر المقال “بالجهود الروسية للتلاعب بالانتخابات الأميركية والتي تصدرت عناوين الصحف في السنوات الأخيرة. لكن محاولات الصين في هذا الصدد قد حققت أكثر، إلى حد كبير لأنها حصلت بأغلبية ساحقة عبر WeChat، وهو تطبيق شائع بين الأميركيين من جذور صينية”.
ووفقاً للمقال، “مع احتدام الانتخابات الرئاسية لعام 2024، يجب التيقظ للحملات الانتخابية والتحصن على وجه التحديد ضد جهود الحزب الشيوعي الصيني لاستخدام المنصة المعنية للتأثير على الانتخابات الأميركية. وفي شباط 2016، اندلعت احتجاجات على مستوى البلاد من الأميركيين الصينيين دعماً لبيتر ليانغ، شرطي أميركي من أصل صيني أدين بالقتل غير المتعمد بعد إطلاق النار على رجل أعزل في بروكلين. وأشارت صحيفة لوس أنجلوس تايمز إلى أن الاحتجاجات نظمت من خلال WeChat وعكست مثالاً للعمل السياسي الجماعي الذي يحمل توقيعاً أميركياً صينياً”.
وبعيداً عن مجرد تعبير عن الغضب، تشير أدلة مهمة إلى تورط بكين في الاحتجاجات. ففي شباط 2016، استخدم وانغ WeChat للمساعدة في تنظيم الاحتجاجات في عشرات المدن الأميركية في غضون أسبوع واحد وأخذ زمام المبادرة في حشد ما يصل إلى 100 ألف شخص من 48 ولاية مختلفة، على حد زعمه. وروّجت وسائل الاعلام الصينية المدعومة من الدولة مثل Global Times وChina Qiaowang المرتبطة بالجبهة المتحدة لجهود وانغ بشكل يشير إلى وجود علاقة مع بكين.
وفي وقت لاحق من ذلك العام، ألقى الحزب الشيوعي الصيني بثقله وراء ترشيح دونالد ترامب، إما مدفوعاً بالقلق بشأن عواقب رئاسة هيلاري كلينتون للصين أو اعتقاداً منه بأن ترامب يمكن رشوته أو التلاعب به. وفي آذار، حوّل وانغ العديد من مجموعات WeChat المؤيدة لبيتر ليانغ إلى مجموعات مؤيدة لترامب. وأسس في هذه العملية لما سيصبح أكبر منظمة صينية أميركية مؤيدة لترامب عرفت باسم CAFT. وبدأت هذه المجموعة، التي ستضم في النهاية أكثر من 8000 عضو مسجل، بالبحث عن الرئيس المستقبلي في الولايات التي تحتدم فيها المعارك مثل بنسلفانيا ونيفادا وأوهايو في وقت مبكر من آذار 2016، ووصلت في النهاية إلى ما بين 10 آلاف إلى 15 ألف أسرة في كل من هذه الولايات. وظهرت مجموعات أخرى على WeChat، في أماكن مثل ميسوري، حيث قام 300 صيني أميركي بالتجمع لدعم ترامب. كما أنفقت CAFT وهذه المجموعات الصينية الأميركية الأخرى مبالغ كبيرة من المال على السباق الرئاسي. وفي الوقت نفسه، غمرت مواقع الانترنت الصينية وWeChat ومواقع الانترنت الصينية بالمشاركات المؤيدة لترامب (والمناهضة لهيلاري) التي تشيد بثروته وفطنته في العمل وأسلوبه غير التقليدي.
تبدو نتيجة تأثير بكين واضحة في أنماط التصويت داخل المجتمع الصيني الأميركي لعام 2016. في حين أن الأميركيين الصينيين يميلون تاريخياً إلى الديموقراطيين في الانتخابات السابقة، زادت جميع المجموعات الأميركية الآسيوية تقريباً من دعمها لمرشح الرئاسة الديموقراطي في العام 2016 مقارنة بالعام 2012، وتحرك الأميركيون الصينيون في الاتجاه المعاكس. حصل ترامب على 24% من الأصوات، ارتفاعاً من 17% لميت رومني، ما يعني أن نحو عُشر الناخبين في ذلك المجتمع (200 ألف تقريباً)، قاموا بتبديل الأحزاب بسبب جهود الحزب الشيوعي الصيني للتأثير على السياسة الأميركية من خلال WeChat.
ومع ذلك، أساءت الحكومة الصينية الحكم على ترامب، إذ خالف التوقعات وواجه بكين في العديد من القضايا. وهكذا غيّر الحزب الشيوعي الصيني مساره في منتصف فترة ولايته وبدأ بالترويج للمرشحين الديموقراطيين. كانت إستراتيجية CCP المؤيدة لبايدن واضحة في حسابات WeChat العامة المؤثرة وغرف الدردشة الخاضعة للاشراف والحسابات الشخصية المؤثرة والتي قلبت جميع الروايات.
وفي الوقت عينه، قام مديرو المجموعات بتخويف الأصوات المؤيدة لترامب أو نبذها أو حظرها. واكتسبت المواقع التي يديرها التقدميون قوة جذب بطريقة لم تكن ممكنة في السابق، مع زيادة مستويات مشاهدة بعض المواقع بعامل عشرة أو حتى مائة في غضون فترة زمنية قصيرة نسبياً. وحظرت المجموعات التي استمرت في دعم ترامب، مثل التحالف الصيني الأميركي وRainier Store.
وترجمت نتيجة الميل المؤيد لبايدن من WeChat واضحة في التصويت الرئاسي الصيني الأميركي لعام 2020. وحقق ترامب مكاسب كبيرة في صفوف الأميركيين الآسيويين،ب حيث زاد حصته من الأصوات بصورة كبيرة من 18% في العام 2016 إلى 30% في العام 2020. وشملت هذه الزيادة في الدعم دفعة كبيرة خصوصاً بين الناخبين الكوريين والفيتناميين والهنود الأميركيين. ومع ذلك، كانت زيادة دعمه بين الأميركيين الصينيين، بما في ذلك التايوانيون، أقل بصورة ملحوظة: سبع نقاط مئوية. في حين أن البعض قد يجادل بأن ذلك مرتبط بحظر WeChat الذي اقترحته إدارة ترامب.
لا شك في أن مواجهة تكتيكات تأثير الحزب الشيوعي الصيني في مجتمع مثل الولايات المتحدة ستبقى دائماً صعبة ومعقدة. فمن خلال الافادة من مجموعة واسعة من الأفراد ومن المنظمات غير الحكومية، تخترق الصين المجتمع الأميركي بطرق يصعب استيعابها ناهيك عن مواجهتها. ويضيف WeChat رافعة قوية إلى ذلك من خلال تمكين آلة الدعاية الصينية من إدارة الساحة العامة الناطقة بالصينية في الولايات المتحدة. ألا يعني ذلك أنه ربما ينبغي على واشنطن حظر هذا التطبيق ببساطة نظراً الى صعوبة سحبه أو مراقبته مثلاً؟”.