أرضية ساخنة أو باردة… إنتخاب الرئيس في الخارج

هيام طوق
هيام طوق

من يراقب مسار الانتخابات الرئاسية منذ 8 أشهر، يدرك تماماً أن الكثير من الصعوبات والعقد، كانت تعترضه منذ اللحظة الأولى، واللافت أن الأمور بعد كل هذه المدة، تزيد تعقيداً، وكاد يتحول الاستحقاق الى معضلة يصعب حلها أو استعصاء ما بعده استعصاء إذ تفاقمت الاصطفافات في البلد، وتحوّل البرلمان المشتّت، والمؤلف من كتل متعددة، لا يمكنها إنتاج رئيس الى طرفي نزاع أساسيين: طرف تبنى ترشيح الوزير السابق جهاد أزعور، وطرف متمسك بترشيح رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية. والجميع يترقب جلسة 14 حزيران الانتخابية التي لن تنتج رئيساً، وسيتكرر خلالها سيناريو الجلسات السابقة، إلا أنها تعتبر مهمة، ويغلب عليها الطابع التشويقي لأنها ستحدد حجم كل طرف على اعتبار أن حصول أي مرشح على نسبة مرتفعة من الأصوات سيحرج الطرف الآخر.

كثيرة هي التحليلات والسيناريوهات المحتملة حول الجلسة الثانية عشرة، إذ أن المعارضة تشدد على ضرورة السير باللعبة الديموقراطية، والبقاء في المجلس لعقد دورات متتالية الى حين انتخاب الرئيس، في حين يقول الفريق الآخر انه يحتفظ بحقه الدستوري في المقاطعة أو الانسحاب أو التصويت بورقة بيضاء، وان كل الخيارات ممكنة على الرغم من تأكيد رئيس مجلس النواب نبيه بري أنهم سيصوّتون لفرنجية. وهناك من يعتبر أن هذه الجلسة ستكون بمثابة إنعطافة نحو مسار رئاسي جديد بمعنى حتمية التوافق على اسم ثالث بين مختلف الأطراف لأن الستاتيكو الرئاسي القائم في ظل الانهيار الحاصل، ستكون تداعياته وخيمة على البلد وأهله، وكلاهما غير قادر على الاحتمال أكثر.

وبالتالي، البعض يعوّل على مستجدات حصلت مؤخراً على الساحة، كتعيين الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، وزيرَ الخارجية السابق جان إيف لودريان مبعوثاً خاصاً إلى لبنان “من أجل حل الأزمة المؤسسية وتنفيذ الاصلاحات اللازمة لتعافي هذا البلد، وسيتحاور مع كل من يمكنه أن يسهم في حل الأزمة، سواء داخل لبنان أو خارجه”. الى جانب المسعى البطريركي بحيث أن البطريرك الماروني الكاردينال بشارة الراعي، يوفد مطارنة الى السياسيين من مختلف الأطراف عله يحقق التوافق المنشود، واستقبل الرئيس بري أمس، المطرانين بولس عبد الساتر ومارون العمار، وذلك، بالتزامن مع حديث عن اجتماع اللجنة الخماسية الدولية قريباً، وربما بعد 14 حزيران لمناقشة الملف اللبناني ومستجداته، في ظل معلومات عن أن أركان اللجنة بعد الانعطافة الفرنسية، أصبحوا على الموجة نفسها من الملف الرئاسي، وأنهم سيضغطون في اتجاه المسار الديموقراطي وقواعده، وحثّ النواب على المشاركة في جلسات انتخابية مكثّفة، ومن يحصل على الأصوات اللازمة، يبارك له الجميع.

على أي حال، فإن كل المؤشرات، تدل حالياً على أن الاستحقاق الرئاسي، لا يزال في النفق المظلم، ويبدو أن عمر الشغور سيطول حتى أن كثيرين يقولون ان الرئيس المقبل في ظل الاستعصاء الحالي لن يأتي على أرضية باردة انما على أرضية ساخنة، لكن هل هذا السيناريو وارد أو فيه الكثير من التشاؤم والسلبية خصوصاً أن وضع البلد لا يحتمل أي خضّة؟

أشار الوزير السابق فادي عبود الى أن “رئيس الجمهورية في الماضي أو في السنوات الثلاثين الأخيرة، كان اما يفرض فرضاً أو يأتي نتيجة تسوية. للأسف، كل شيء وارد في انتخاب الرئيس ما عدا انتخاب الرئيس الذي يقدم برنامجاً وخطة طريق واضحة لانقاذ البلد، واطلاع الناس على كيفية مقاربته للأزمات والملفات المهمة والشائكة مثل الأزمة المالية والضمان الاجتماعي واللامركزية الادارية وغيرها الكثير. لذا، رئيس الجمهورية ليس ممثلاً لا لإرادة الشعب ولا لإرادة النواب”.

واعتبر أن “من يقول ان الرئيس لن يأتي الا على الساخن أو بعد خلل أمني ما قد يكون على صواب لأن ما نراه اليوم أن الاستحقاق تحوّل الى لعبة عض أصابع بين الفرقاء، ولا علاقة له بإمكانات وكفاءة الشخصية التي ستصل لتدير شؤون البلد”، لافتاً الى “أننا أمام سيناريوهات متعددة الا سيناريو انتخاب الرئيس. البلد لا يحتمل أي خضة، وإذا لم يتم إنقاذ موسم الاصطياف الواعد، فنحن ذاهبون الى مزيد من التفاقم خصوصاً على المستوى الاقتصادي والمالي”.

وتمنى “أن يمر الاستحقاق بسلاسة وسلام لأن غير ذلك، يعني الانهيار أكثر وأكثر”، مؤكداً أن “المسؤولين غير مهتمين لخطورة الوضع لا على المستوى السياسي ولا على المستوى الاقتصادي، والتصاريح التي يدلون بها خير دليل”.

وأسف النائب السابق شامل روكز “لأن السيناريو عينه يتكرر في كل استحقاق، وتتشابه المقاربات والعوائق التي تضعها القوى السياسية. في ظروف المنطقة الحالية، المتجهة نحو الحلول والسلام والتفاهمات، وبدل أن نستفيد من هذا المناخ، نذهب نحو الصراع الداخلي والتصعيد والتعقيد. وبالتالي، كل الاحتمالات واردة، وهذا يدل على انحدار مستوى تعاطي الطبقة السياسية في الشأن العام”.

وقال: “من الواضح اليوم، بعد كل ما نسمعه من تصاريح، وما نراه من إستعصاءات، أن المواجهة تبدو كأنها واقعة، وهذا نتيجة التقلبات السريعة لدى البعض حيث لا التزام بالمبادئ والقيم والطروح السياسية”. ورأى أن “الرئيس لن ينتخب من النواب انما سيفرض فرضاً على اللبنانيين من الخارج، وكل ما يحصل اليوم، ليس سوى هدر للوقت وصولاً الى هذه المرحلة لأنه تبيّن أن الطبقة السياسية غير ناضجة بصورة كافية لانتخاب رئيس للجمهورية”.

أضاف: “فعل الرئيس الفرنسي خيراً بتعيين الموفد الرئاسي لودريان ليهتم بالملف الرئاسي بصورة مباشرة، ولا بد من أن التنسيق بين فرنسا والسعودية وأميركا وسوريا ستكون له ثماره في المرحلة اللاحقة”. وشدد على أن “طموحنا انتخاب الرئيس في أسرع وقت ممكن، لتعود المؤسسات الى الانتظام لأن الوضع الحالي مأساوي على المستويات كافة. وفي كل الحالات، فإن انتخاب الرئيس سيأتي نتيجة تسوية خارجية إن كان على الساخن أو على البارد لأن العقم الداخلي، عنوان المرحلة”.

شارك المقال