الجلسة الثانية عشرة لإنتخاب رئيس الجمهورية التي ستعقد اليوم، لن تنتج رئيساً الا إذا حصلت مفاجآت لم تكن في الحسبان، لكن على الرغم من ذلك، ستكون الأكثر تشويقاً بين الجلسات السابقة خصوصاً أن بعض الاحصاءات يشير الى إمكان حصول الوزير السابق جهاد أزعور على أكثر من 60 صوتاً، وبالتالي، ستظهر أحجام الفريقين الأساسيين مع العلم أن من المتوقع اكتمال نصاب الجلسة الأولى، وتطييره في الدورة الثانية كما جرى في الجلسات السابقة.
إذاً، كل السيناريوهات واردة في جلسة اليوم بحيث أن المعارضة تدعو الى السير باللعبة الديموقراطية، والاستمرار في عقد دورات متتالية الى حين الوصول الى انتخاب رئيس للجمهورية فيما الفريق الآخر يعتبر أن من حقه استخدام الوسائل الدستورية، ومنها عدم الحضور أو الانسحاب من الجلسة. أما بعض المحللين الذين يواكبون الاستحقاق الرئاسي، فيرون أن جلسة اليوم ستكون بداية المسار نحو الخيار الثالث أو الاسم الثالث الذي تتفق عليه مختلف الأطراف، لكن هذه المرحلة لا تزال ضبابية لناحية توقيتها كما لناحية آلية التنفيذ، والخطوات التي ستتبع لاخراج الاستحقاق الرئاسي من عنق الزجاجة، ومن سيتولى دور الوسيط في الحوار بين اللبنانيين.
إنطلاقاً من هذا الواقع، فإن المشهد يبدو معقداً وصعباً ودقيقاً بحيث يرى البعض، في ظل هذا الانقسام الحاد بين الفرقاء السياسيين الذي سيظهر جلياً في الجلسة، أن ثمة قراراً خارجياً بتأزيم الداخل وسط معلومات صحافية تحدثت عن اتصال وكيلة وزارة الخارجية الأميركية فيكتوريا نولاند برئيس مجلس النواب نبيه برّي، ودعته فيه إلى قيادة العملية الانتخابية من دون عراقيل. في حين سأل بري في تصريحات صحافية: “عندما نخرج من جلسة الأربعاء والمجلس منقسم المواقف على هذا النحو يتعذر معه انتخاب الرئيس، ماذا يتعيّن أن ننتظر في اليوم التالي؟ عندما يتعذر انتخاب الرئيس، أو عندما يُنتخب رئيس بعيداً من التوافق في ظل الانقسام نفسه ونخرج بفريق رابح وآخر خاسر، ماذا يمكن توقعه من الرئيس الجديد؟ كيف يسعه تحت رحمة الانقسام تكليف رئيس للحكومة، ثم تأليف الحكومة ثم المرحلة التالية؟”، لافتاً الى أنه لن يدعو الى حوار مرة جديدة، و”أفضّل حواراً يدعو اليه البطريرك الماروني. ذلك ما قلته للمطرانين بولس عبد الساتر ومارون العمار”. ليأتي ردّ رئيس حزب ” القوات اللبنانية” سمير جعجع على بري في تغريدة على “تويتر”، قال فيها: “الحوار لا يكون بأن يقوم فريق بعينه باختيار مرشّح على ذوقه ودعوة كلّ الآخرين الى الحوار لانتخابه. من جهة ثانية، نحن بصدد انتخابات رئاسية وليس تفاهمات عشائرية”.
وسط كل ما يحصل حول الاستحقاق الرئاسي خصوصاً ما يتعلق بجلسة اليوم، هناك الكثير من التساؤلات التي ربما لا أحد يملك أجوبتها في المدى المنظور، ومنها: في حال حصل أزعور على 65 صوتاً، هل يصبح رئيساً للجمهورية مع وقف التنفيذ؟ وإذا حصلت مفاجأة، وانتخب الرئيس اليوم، هل يستطيع تكليف رئيس حكومة ومن ثم الحكم بصورة فاعلة وإنقاذية؟ هل الحوار هو المخرج الوحيد لانتخاب الرئيس مع العلم أنه استحقاق دستوري، ويخضع للقوانين المرعية الاجراء، ويجري تحت سقف البرلمان وليس في أي مكان آخر؟ وماذا بعد 14 حزيران أو ماذا في اليوم التالي كما يسأل بري انطلاقاً من المثل الصيني القائل “بعد الحرب ماذا في اليوم التالي؟”.
أشار النائب زياد حواط في حديث لموقع “لبنان الكبير” الى أن ” تكليف رئيس الحكومة يكون من خلال استشارات نيابية ملزمة، وإذا كان لا يؤمن بلغة التعطيل، فينتقل مباشرة الى تشكيل حكومة خلال أيام قليلة”، متحدثاً عن “مشروعين متناقضين في لبنان اليوم، وبالتالي، على النواب الاختيار بين هذين المشروعين. والتجارب علمتنا أن نتائج التسويات سلبية على لبنان وعلى اللبنانيين”.
وأكد “أننا نسعى الى انتخاب الرئيس في البرلمان وفق اللعبة الديموقراطية، وقد لا يصل أزعور الى 65 صوتاً، لكن لا يجوز الاستسلام، وعدم القيام بواجباتنا الوطنية لأن النائب لديه وكالة من الناس. واذا كان من حق النواب، الاستمرار في تعطيل النصاب، فليتحملوا نتائج هذا التعطيل في بلد ينهار”، متسائلاً “اذا لم يتمكنوا من ايصال الرئيس الذي يريدونه، يخربون البلد؟”. ولفت الى أن “مشروع حزب الله واضح المعالم، وواضح من هو مرشحه، ومشروعنا واضح المعالم، وواضحة أهدافه ومرشحه. وبالتالي، المعركة الرئاسية بين هذين المشروعين”.
وقال حواط: “نحن في نظام برلماني ديموقراطي، والحوار حول ماذا في الانتخابات الرئاسية؟ هناك مرشحان، ينتخب واحد منهما، ومن يربح نهنئه، لماذا تغيير النظام والدستور في لبنان؟”.
وشدد على أن “التواصل مهم جداً بين الفرقاء، لكن لا يجوز أن ننقل مشكلة التعطيل في البرلمان من معطلين معروفين الى طاولة حوار مع العلم أن كل طاولات الحوار التي عقدت منذ 10 سنوات، لم تصل الى نتيجة لا بل أدّت الى مزيد من التأزم والاشتباك. نحن تخلّينا عن مرشحنا نحو مرشح، طرح اسمه في أكثر من لائحة، ومن بينها لائحة البطريرك الراعي، وبالتالي، نحن ذهبنا الى الأمام في اتجاه الحوار، لأن الوزير أزعور لم يكن يوماً مرشحنا”. واعتبر أنه لا بد من انتظار نتائج جلسة اليوم، وما اذا كانت ستنتج رئيساً، وما هو عدد الأصوات التي سيحصل عليها كل مرشح، “لنبني على الشيء مقتضاه بعد 14 حزيران”.
ورأى أحد النواب الذي فضّل عدم ذكر اسمه أنه “في حال لم يعطّل نصاب الدورة الثانية، يعني أن الفريق الآخر، وافق على السير في المسار الديموقراطي، لكن هذا السيناريو غير وارد حتى اللحظة”، مؤكداً أن “الحوار ضروري ليس في الملف الرئاسي وحسب، انما في كل الملفات، ويجب أن يستمر بعد انتخاب الرئيس، لادارة البلد، ونجاح العهد لأن المهم انجاح الرئيس في مهامه وليس الانتخاب فقط. وبالتالي، لا بد من الحوار، والشراكة السياسية في إدارة البلد، لكن مع الاحتكام الدائم الى الدستور والقوانين”.
ووصف ما يقوم به البطريرك الراعي اليوم، بأنه “خطوة ممتازة، وعلى الجميع التجاوب معها”، مشيراً الى “أننا سنستمر بعد 14 حزيران، في المساعي والحوار والنقاش، وصولاً الى النتائج الايجابية مع العلم أن أزعور ليس مرشح تحدّ. وفي حال فشلنا في انتخاب الرئيس اليوم، هذا لا يعني أننا عدنا الى الدائرة الأولى في الاستحقاق الرئاسي، وهناك الكثير من الضغوط المحلية والاقليمية والدولية لاتمام الاستحقاق، مع التأكيد أنه لا يجوز التعطيل، والمرشح الذي يشعر أنه غير قادر على تأمين الأصوات الكافية التي توصله الى القصر الجمهوري، ينسحب من المعركة لصالح شخص آخر، تماماً كما فعل النائب ميشال معوض”.